يعيد اعتقال اثنين من المنشقين عن مخابرات النظام السوري في ألمانيا، وثالث في فرنسا، للاشتباه بتورطهم في عمليات قتل وتعذيب بحق المعارضين السوريين قبل انشقاقهم، طرح موضوع محاكمة مسؤولين سوريين منشقين عن نظام بشار الأسد للجرائم التي ارتكبوها في بداية الثورة وما قبلها، في ظل تشديد حقوقيين متابعين للملف على وجود أدلة تدين هؤلاء، وأملهم بأن يكون ذلك بداية لملاحقة جميع المشتبه بتورطهم في ارتكاب هذه الجرائم الذين وصلوا إلى أوروبا كلاجئين، وقُدّر عددهم بنحو ألف شخص.
وكانت السلطات الألمانية قد اعتقلت قبل يومين العقيد أنور رسلان، والمساعد أول إياد الغريب، وكلاهما منشق عن أجهزة أمن النظام في العام 2012. وكان رسلان مسؤول التحقيق في الفرع 251، أو ما يسمى فرع الأمن الداخلي في منطقة الخطيب في دمشق، وهو من أبناء منطقة تلدو التابعة لمدينة الحولة في محافظة حمص. بينما عمل الغريب في الفرع نفسه كمسؤول على الحواجز التي تدقق في هويات المارة، وتعتقل المشتبه بهم من جانب النظام. وأوضح الادعاء الألماني أن القبض عليهما جاء بسبب القيام بعمليات تعذيب جماعي وانتهاكات بدنية بحق معارضين، وأن الموقوف رسلان خلال توليه منصبه الأمني في الفترة بين إبريل/ نيسان 2011 حتى سبتمبر/ أيلول 2012 كان يأمر بعمليات تعذيب منهجية ووحشية. وحسب صحيفة "دير شبيغل" الألمانية، فإن رسلان متهم بالتواطؤ في أربع حالات تعذيب، في حين أن الغريب تقدّم للحصول على طلب لجوء في ألمانيا، ويقوم النائب العام بالتحقيق معه بسبب قيامه بتعذيب معارضين عام 2011، والتحريض على القتل. وأضافت أن لدى المدعي العام أقوال من شهود هم الآن لاجئون في ألمانيا يتهمون فيها الموقوفين بالقتل والتعذيب.
كما ألقت السلطات الفرنسية القبض على عنصر عمل لصالح مخابرات النظام بعد ساعات من توقيف ألمانيا للشخصين المذكورين، من دون ذكر اسمه. وقال بيان للادعاء العام الفرنسي، إن السلطات أوقفت المواطن السوري في إطار تحقيقات قائمة منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، مشيراً إلى أن المشتبه به متورط في جرائم ضد الإنسانية، خلال عمله مع أجهزة مخابرات النظام السوري خلال الفترة بين 2011 و2013.
وتعليقاً على ذلك، قال رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، أنور البني، في حديث مع "العربي الجديد"، إن المركز وجهات حقوقية سورية أخرى، ينسّقون مع السلطات في ألمانيا ودول أوروبية أخرى من أجل ملاحقة المجرمين الفارين، وسيحضرون محاكماتهم في ألمانيا، ويقدّمون ما لديهم من شهادات ووثائق بشأن هذه القضايا. وأوضح البني أن المشتبه بهما في ألمانيا لم يدليا حتى الآن بأي إفادات ولم يقدّما معلومات مفيدة، وأن محاكمتهما تستند إلى "الصلاحية العالمية الممتدة لدى عدد من البلاد والمحدودة لدى البعض الآخر".
وأعرب البني عن اعتقاده بأن المتهمين مدانان بالفعل، مشيراً إلى أن هناك ستة ضحايا قدّموا شهاداتهم ضدهما، وأنهم في المركز يتلقون الآن العديد من الشهادات لضحايا آخرين، مضيفاً أن بعض الشهادات تشير إلى أن المتهم إياد قتل شخصين خلال محاولة اعتقالهما بالشارع. وأضاف "ستحصل على أي حال محاكمة علنية ويمكن للشهود أن يتقدموا بشهاداتهم خلالها وليس فقط على فيسبوك". وأمل أن تكون هذه الاعتقالات فاتحة لملاحقة ومحاكمة جميع المشتبه بتورطهم في عمليات قتل وتعذيب لصالح النظام ممن وصلوا إلى أوروبا، مُقدّراً عددهم بنحو ألف شخص، "ونقوم في المركز، مع آخرين غيرنا، بجمع الأدلة التي تدين المتهمين".
وبشأن ما إذا كان ينبغي محاسبة مثل هؤلاء الأشخاص الذين انشقوا عن النظام في مرحلة مبكرة، على أساس أن انشقاقهم يشفع لهم، قال البني: "أتفهم هذه التساؤلات، لكن تغيير موقف أو موقع أي شخص لا يعفيه أبداً من الملاحقة عن الجرائم التي ارتكبها، خصوصاً عندما تكون جرائم ضد الإنسانية. تغيير موقفه يعنيه وحده ولا يعني الضحايا بأي شكل". وأضاف: "إذا كنا نريد حماية المجرمين الذي يقولون إنهم بجانب الثورة، فإننا نبرر للمجرم بشار الأسد حمايته للمجرمين الذين في صفه، والثورة لا يشرفها انضمام مجرمين سابقين إلى صفوفها، هذا إذا تأكدنا أنهم فعلاً يريدون الانضمام أو أنهم مؤمنون بها، علماً أن الثورة لا تعطي براءة ذمة لأحد عن جرائم ارتكبها، ولا تمنع الضحايا من الوصول إلى حقهم". وتابع البني قائلاً: "إذا كنا مؤمنين بالعدالة، فالعدالة لا تتجزأ، ولا تكون موجّهة أو انتقائية أو انتقامية".
اقــرأ أيضاً
من جهتها، نقلت وكالة "رويترز" عن نيرما يلاسيتش، نائبة مدير "لجنة العدالة والمساءلة الدولية"، وهو فريق تموّله الولايات المتحدة وحكومات أوروبية ويعكف منذ سنوات على إعداد ملفات لقضايا التعذيب في سورية، أن اللجنة وفّرت أدلة موثقة وشهادات لشهود ضد أنور رسلان. وأضافت "أن تجد مثل هذا النوع من الناس في أوروبا فذلك يُعد صيداً ثميناً".
وفي السياق، قال الناشط وائل الخالدي، في شهادة له على حسابه في "فيسبوك"، إنه ساهم في الشهر الأخير من عام 2012 مع فريق "هيئة تنسيق الانشقاق" بتأمين عائلة أنور رسلان، والذي كان يشغل منصب نائب رئيس فرع التحقيق في إدارة المخابرات العامة، تحت قيادة العميد حافظ مخلوف. وأوضح أن "الشهيد أبو سعيد المزاوي أحضر العقيد رسلان من وسط مكتبه بعد تأمين عائلته إلى الغوطة في ريف دمشق خوفاً من غدره"، مشيراً إلى أن زوجته هي التي ضغطت عليه كي ينشق عن النظام. وأضاف أن رسلان "رفض حتى إحضار مسدسه معه إلى الغوطة كي لا ينتفع به الجيش الحر، وبقي عدة أيام في الغوطة الشرقية حتى تم تأمين خروجه وعائلته إلى عمّان عبر البادية". وتابع: "التقيته في عمّان على أمل أن يفي بوعده بعدما ضمنت له عدم احتجازه من قبل الثوار في الغوطة، خصوصاً أنه مسؤول شخصياً عن مئات أوامر الإعدام والإحالة إلى محكمة الإرهاب، عبر سنوات خدمته. وكان الاتفاق أن يسلّم ملفات فيها معلومات عن مصير المختفين قسرياً في عهد حافظ الأسد، ومنذ بداية الثورة السورية، لكنه رفض ذلك قائلاً إنه لن يسلم شيئاً ما لم يسافر إلى أوروبا، وأنه عقد صفقة مع المخابرات الأميركية عبر الأمم المتحدة وقام بتسليمها نسخةً عن الملفات".
كما تواصلت "العربي الجديد" مع الصحافي مهدي الناصر، والمعتقل إياد الغريب صهره، الذي نفى أن يكون الغريب متورطاً في أي عمليات قتل أو تسليم أشخاص للنظام ليلاقوا حتفهم على يده. وأضاف الناصر أن الغريب "معارض للنظام حتى قبل الثورة وكان من المتابعين للثورة في تونس ومصر وكان متعاطفاً معهما ويتمنى أن يحدث ذلك في سورية". وقال إن الغريب "ساعد حين كان على رأس عمله لدى النظام أشخاصاً معارضين كانوا مطلوبين لفرع الخطيب، ومنهم زملاء لي وسوف يكتبون شهاداتهم على وسائل التواصل الاجتماعي". وعما إذا كان هو وهؤلاء الأشخاص سيقدّمون شهاداتهم أمام المحاكم الألمانية، قال الناصر "سنفعل ذلك بالتأكيد إذا طُلب منا".
كما أدلى مكرم، شقيق إياد الغريب، بشهادة مماثلة قال فيها إن شقيقه تعرض لضغوط كثيرة قبل انشقاقه، وتم تهديده بعائلته بعد تلكؤه في تنفيذ المهمات التي كانت تُطلب منه، ومنها التغلغل بين المتظاهرين في منطقة جنوب دمشق وتسجيل أسماء المتظاهرين، وكان يكتب في تقاريره للجهات الأمنية أنهم ملثمون ولم يستطع التعرف عليهم. كما تهرّب من تنفيذ مهمة في منطقة الزبداني في ريف دمشق، قبل أن يقرر الانشقاق عن النظام، بعد تأمين عائلته في محافظة دير الزور.
يُذكر أنه سبق للعقيد أنور رسلان أن شارك بصفة استشارية ضمن الوفد العسكري المرافق لوفد الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة في محادثات جنيف في العام 2014، قبل أن يتقدّم بطلب لجوء في ألمانيا.
وكان الادعاء العام الألماني قد أصدر في مايو/ أيار الماضي، أول مذكرة توقيف دولية بحق شخصيات تابعة للنظام السوري، طاولت رئيس المخابرات الجوية، اللواء جميل حسن، بعد شكوى جنائية قدّمها معتقلون سابقون ضده. كما أصدر القضاء الفرنسي، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مذكرة توقيف دولية ضد ثلاثة من كبار ضباط النظام، هم: رئيس مكتب الأمن القومي علي مملوك، وجميل حسن، ورئيس فرع التحقيق في المخابرات الجوية عبد السلام محمود.
اقــرأ أيضاً
وكانت السلطات الألمانية قد اعتقلت قبل يومين العقيد أنور رسلان، والمساعد أول إياد الغريب، وكلاهما منشق عن أجهزة أمن النظام في العام 2012. وكان رسلان مسؤول التحقيق في الفرع 251، أو ما يسمى فرع الأمن الداخلي في منطقة الخطيب في دمشق، وهو من أبناء منطقة تلدو التابعة لمدينة الحولة في محافظة حمص. بينما عمل الغريب في الفرع نفسه كمسؤول على الحواجز التي تدقق في هويات المارة، وتعتقل المشتبه بهم من جانب النظام. وأوضح الادعاء الألماني أن القبض عليهما جاء بسبب القيام بعمليات تعذيب جماعي وانتهاكات بدنية بحق معارضين، وأن الموقوف رسلان خلال توليه منصبه الأمني في الفترة بين إبريل/ نيسان 2011 حتى سبتمبر/ أيلول 2012 كان يأمر بعمليات تعذيب منهجية ووحشية. وحسب صحيفة "دير شبيغل" الألمانية، فإن رسلان متهم بالتواطؤ في أربع حالات تعذيب، في حين أن الغريب تقدّم للحصول على طلب لجوء في ألمانيا، ويقوم النائب العام بالتحقيق معه بسبب قيامه بتعذيب معارضين عام 2011، والتحريض على القتل. وأضافت أن لدى المدعي العام أقوال من شهود هم الآن لاجئون في ألمانيا يتهمون فيها الموقوفين بالقتل والتعذيب.
كما ألقت السلطات الفرنسية القبض على عنصر عمل لصالح مخابرات النظام بعد ساعات من توقيف ألمانيا للشخصين المذكورين، من دون ذكر اسمه. وقال بيان للادعاء العام الفرنسي، إن السلطات أوقفت المواطن السوري في إطار تحقيقات قائمة منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، مشيراً إلى أن المشتبه به متورط في جرائم ضد الإنسانية، خلال عمله مع أجهزة مخابرات النظام السوري خلال الفترة بين 2011 و2013.
وتعليقاً على ذلك، قال رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، أنور البني، في حديث مع "العربي الجديد"، إن المركز وجهات حقوقية سورية أخرى، ينسّقون مع السلطات في ألمانيا ودول أوروبية أخرى من أجل ملاحقة المجرمين الفارين، وسيحضرون محاكماتهم في ألمانيا، ويقدّمون ما لديهم من شهادات ووثائق بشأن هذه القضايا. وأوضح البني أن المشتبه بهما في ألمانيا لم يدليا حتى الآن بأي إفادات ولم يقدّما معلومات مفيدة، وأن محاكمتهما تستند إلى "الصلاحية العالمية الممتدة لدى عدد من البلاد والمحدودة لدى البعض الآخر".
وبشأن ما إذا كان ينبغي محاسبة مثل هؤلاء الأشخاص الذين انشقوا عن النظام في مرحلة مبكرة، على أساس أن انشقاقهم يشفع لهم، قال البني: "أتفهم هذه التساؤلات، لكن تغيير موقف أو موقع أي شخص لا يعفيه أبداً من الملاحقة عن الجرائم التي ارتكبها، خصوصاً عندما تكون جرائم ضد الإنسانية. تغيير موقفه يعنيه وحده ولا يعني الضحايا بأي شكل". وأضاف: "إذا كنا نريد حماية المجرمين الذي يقولون إنهم بجانب الثورة، فإننا نبرر للمجرم بشار الأسد حمايته للمجرمين الذين في صفه، والثورة لا يشرفها انضمام مجرمين سابقين إلى صفوفها، هذا إذا تأكدنا أنهم فعلاً يريدون الانضمام أو أنهم مؤمنون بها، علماً أن الثورة لا تعطي براءة ذمة لأحد عن جرائم ارتكبها، ولا تمنع الضحايا من الوصول إلى حقهم". وتابع البني قائلاً: "إذا كنا مؤمنين بالعدالة، فالعدالة لا تتجزأ، ولا تكون موجّهة أو انتقائية أو انتقامية".
من جهتها، نقلت وكالة "رويترز" عن نيرما يلاسيتش، نائبة مدير "لجنة العدالة والمساءلة الدولية"، وهو فريق تموّله الولايات المتحدة وحكومات أوروبية ويعكف منذ سنوات على إعداد ملفات لقضايا التعذيب في سورية، أن اللجنة وفّرت أدلة موثقة وشهادات لشهود ضد أنور رسلان. وأضافت "أن تجد مثل هذا النوع من الناس في أوروبا فذلك يُعد صيداً ثميناً".
وفي السياق، قال الناشط وائل الخالدي، في شهادة له على حسابه في "فيسبوك"، إنه ساهم في الشهر الأخير من عام 2012 مع فريق "هيئة تنسيق الانشقاق" بتأمين عائلة أنور رسلان، والذي كان يشغل منصب نائب رئيس فرع التحقيق في إدارة المخابرات العامة، تحت قيادة العميد حافظ مخلوف. وأوضح أن "الشهيد أبو سعيد المزاوي أحضر العقيد رسلان من وسط مكتبه بعد تأمين عائلته إلى الغوطة في ريف دمشق خوفاً من غدره"، مشيراً إلى أن زوجته هي التي ضغطت عليه كي ينشق عن النظام. وأضاف أن رسلان "رفض حتى إحضار مسدسه معه إلى الغوطة كي لا ينتفع به الجيش الحر، وبقي عدة أيام في الغوطة الشرقية حتى تم تأمين خروجه وعائلته إلى عمّان عبر البادية". وتابع: "التقيته في عمّان على أمل أن يفي بوعده بعدما ضمنت له عدم احتجازه من قبل الثوار في الغوطة، خصوصاً أنه مسؤول شخصياً عن مئات أوامر الإعدام والإحالة إلى محكمة الإرهاب، عبر سنوات خدمته. وكان الاتفاق أن يسلّم ملفات فيها معلومات عن مصير المختفين قسرياً في عهد حافظ الأسد، ومنذ بداية الثورة السورية، لكنه رفض ذلك قائلاً إنه لن يسلم شيئاً ما لم يسافر إلى أوروبا، وأنه عقد صفقة مع المخابرات الأميركية عبر الأمم المتحدة وقام بتسليمها نسخةً عن الملفات".
كما أدلى مكرم، شقيق إياد الغريب، بشهادة مماثلة قال فيها إن شقيقه تعرض لضغوط كثيرة قبل انشقاقه، وتم تهديده بعائلته بعد تلكؤه في تنفيذ المهمات التي كانت تُطلب منه، ومنها التغلغل بين المتظاهرين في منطقة جنوب دمشق وتسجيل أسماء المتظاهرين، وكان يكتب في تقاريره للجهات الأمنية أنهم ملثمون ولم يستطع التعرف عليهم. كما تهرّب من تنفيذ مهمة في منطقة الزبداني في ريف دمشق، قبل أن يقرر الانشقاق عن النظام، بعد تأمين عائلته في محافظة دير الزور.
يُذكر أنه سبق للعقيد أنور رسلان أن شارك بصفة استشارية ضمن الوفد العسكري المرافق لوفد الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة في محادثات جنيف في العام 2014، قبل أن يتقدّم بطلب لجوء في ألمانيا.
وكان الادعاء العام الألماني قد أصدر في مايو/ أيار الماضي، أول مذكرة توقيف دولية بحق شخصيات تابعة للنظام السوري، طاولت رئيس المخابرات الجوية، اللواء جميل حسن، بعد شكوى جنائية قدّمها معتقلون سابقون ضده. كما أصدر القضاء الفرنسي، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مذكرة توقيف دولية ضد ثلاثة من كبار ضباط النظام، هم: رئيس مكتب الأمن القومي علي مملوك، وجميل حسن، ورئيس فرع التحقيق في المخابرات الجوية عبد السلام محمود.