تأخر رد فعل اللواء المتقاعد خليفة حفتر على القرار التركي بإرسال قوات إلى ليبيا إلى ما بعد صدور ردود فعل الدول الداعمة له، وطغى على خطابه، الذي بثته وسائل إعلام مقربة منه ليلة أمس، لغة الاستجداء بــ "القومية العربية" لمواجهة ما وصفه بــ "التدخل التركي".
واعتبر حفتر أن المعركة "لم تعد من أجل تحرير طرابلس، بل أصبحت حربا ضروسا" ضد تدخل تركيا التي اعتبرها حفتر عدوة لكل العرب، وبأنها تسعى "لاسترجاع تاريخها".
وفيما أطلق حفتر، ضمن خطابه، "ساعة صفر" خامسة، رغم أنه لم يمض أكثر من أسبوعين على ساعة الصفر الرابعة، قال مركز الإعلام الحربي لعملية الكرامة إن "وحدات الجيش (مليشيا حفتر) تتقدم على محاور طرابلس" دون أن يقدم توضيحا لهذه التقدمات، باستثناء إشاعة وقوع احتجاجات في أحياء طرابلس على ما وصفه المركز بــ "التدخل التركي".
ورغم أن المركز أعلن عن تمكن دفاعاته الجوية من إسقاط طائرة مسيرة لقوات الحكومة، إلا أن المتحدث باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية بركان الغضب التابعة لقوات الحكومة، عبد المالك المدني، نفى ذلك.
وكان البرلمان التركي، قد وافق خلال جلسته الخميس، على مذكرة التفويض الرئاسية لإرسال قوات عسكرية تركية إلى ليبيا، لدعم حكومة الوفاق الوطني لمواجهة قوات حفتر.
ووصف حفتر قرار البرلمان التركي بأنه "حرب قومية يشعل فتيلها السلطان التركي في كامل المنطقة تستهدف الهوية العربية من مغربها إلي مشرقها"، وهو ما يراه المهتم الليبي بالشأن السياسي عبد الحميد المنصوري بأنه "لا يعبر إلا عن عجز فاضح لدى حفتر يوضح مدى هشاشة قوته".
ورغم المواقف الرافضة التي عبرت عنها برلمانات دول السعودية والإمارات ومصر والبحرين، في بيان مشترك أمس، للقرار التركي، إلا أن المنصوري يؤكد في حديثه لــ "العربي الجديد" أن "خطاب الاستجداء الذي أطلقه حفتر لا يعكس سوى تراجع في مواقف هذه الدول عن دعمها السابق"، مضيفا أن "القرار التركي أجبر هذه الدول على مراجعة أوضاعها العسكرية في ليبيا".
ويقرأ المنصوري دعوة حفتر للتعبئة العامة والنفير في كافة أرجاء ليبيا بأنه توصيف لحقيقة مليشياته في الجبهات، مشيرا إلى أنها لم تتقدم شبرا واحدا رغم إطلاقه ساعة صفر.
وعن تأخر حفتر في الإعلان عن موقفه من القرار التركي، يرى المحلل السياسي الليبي، الجيلاني ازهيمه، أن الأمر مرده لمواقف الدول التي تقدم الدعم له، مؤكدا أن استجداء حفتر للدعم العربي ومحاولة الدندنة على وتر "القومية العربية" و"الغزو التركي" يؤكد أن داعميه وحلفاءه لم يقدموا له جوابا حتى الآن عن مواقفهم التي يبدو أنها قيد التداول والمشاورة.
وفيما تبدو المواقف الأوروبية والموقف الأميريكي لا يزال غير واضح بشكل كاف إزاء القرار التركي، يقول ازهيمه في حديثه لــ"العربي الجديد" إنه "رغم الإصرار التركي على تنفيذ الاتفاق الأمني مع حكومة الوفاق، إلا أن حلفاء حفتر الإقليميين، وتحديدا مصر، كانوا يعولون بشكل كبير على موقف أوروبي أو أميركي لوقف تنفيذ الاتفاق".
لكن ازهيمه في ذات الوقت يؤكد أن حفتر اتخذ قراره الواضح بالاستمرار في الحرب، وهو ما يفرض شكلين للمستقبل أمام إصرار حفتر، إما الاستمرار في المعركة، وسيناريوهات ذلك ستكون مفتوحة، سواء بترك حلفاء حفتر له في الساحة بمفرده أو دعمه عسكريا، وإما تدخل دولي قوي لاجبار كل الأطراف على القبول بعودة العملية السياسية ووقف القتال، أو من خلال توفير بيئة لانتعاش الحركات الإرهابية.