في الوقت الذي تواصل تل أبيب التأكيد على مواصلتها عملياتها في سورية، قدمت أوساط إسرائيلية رسمية تقديرات متفاوتة إزاء ذلك، بين وجود مؤشرات تدل على تراجع الاهتمام الإيراني بالتمركز عسكريا في سورية، والاعتقاد بأن العمليات العسكرية يمكن أن تفضي إلى مواجهة شاملة.
فقد نقل معلق الشؤون العسكرية في قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة، ألون بن دافيد، الليلة الماضية عن مسؤول لم يتم الكشف عن هويته، قوله إن إسرائيل لاحظت مؤخرا أن الإيرانيين قلصوا من الإمكانيات والطاقات التي يستثمرونها لتعزيز وجودهم في سورية. وعزا المسؤول التوجه الإيراني الجديد إلى "يأس" إيران من إمكانية أن تنجح في تكريس وجودها العسكري في سورية بسبب الغارات المكثفة التي تنفذها إسرائيل، إلى جانب إحباط الإيرانيين من ردة الفعل الروسية على هذه الغارات.
وأشار بن دافيد إلى أن منظومة التنسيق الروسية الإسرائيلية تعمل جيدا، مشيراً إلى أن هناك ما يؤشر إلى أن التنديد الروسي بالغارات الإسرائيلية هو مجرد ضريبة كلامية تدفعها موسكو لرئيس النظام السوري، بشار الأسد وإيران.
وفي سياق متصل، قال وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي وعضو المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن، تساحي هنغبي، إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أوضح لكل من الروس والأميركيين في أعقاب سقوط الطائرة الروسية قبل ثلاثة أشهر في محيط اللاذقية أن إسرائيل ستواصل العمل العسكري من أجل منع إيران من التمركز في سورية.
وخلال مقابلة أجرتها الليلة الماضية معه قناة التلفزة الرسمية "كان" أضاف هنغبي: "أوضحنا بشكل واضح وصريح أننا لن نسمح لإيران بالتمركز عسكريا في سورية بكل ثمن وبغض النظر عن النتيجة التي تترتب على سلوكنا"، مشددا على أنه لا يمكن لإسرائيل أن تسمح بنشوء ثلاث جبهات عسكرية ضدها، في إشارة أيضا إلى "حزب الله" في جنوب لبنان وحركة حماس في قطاع غزة.
ولفت هنغبي إلى أنه سبق لنتنياهو أن أقر بتنفيذ إسرائيل عمليات في عمق سورية حتى بعد سقوط الطائرة الروسية.
لكن المعلق العسكري بن كاسبيت أكد أن بعض المحافل الإسرائيلية ترى أن مواصلة العمل العسكري داخل سورية يمكن أن يفضي إلى مواجهة شاملة.
وأشار كاسبيت في تقرير نشرته النسخة العبرية لموقع "المونتور" اليوم إلى أنه على الرغم من أن إسرائيل تواصل العمل في سورية فإن الأمور يمكن أن تنقلب في أي لحظة نحو تصعيد غير مسبوق، مشيرا إلى أن حرص تل أبيب على مواصلة التشبث بخطوطها الحمراء في سورية قد يفضي إلى اندلاع مواجهة شاملة.
وأضاف أن تل أبيب لا تستبعد أن تفضي العمليات العسكرية إلى إسقاط طائرات مدنية تتحرك في الأجواء السورية، مشيرا إلى أنه في حال قامت الدفاعات الجوية التابعة لنظام الأسد بإطلاق مضاداتها صوب الطائرات الإسرائيلية المهاجمة، فإنه يمكن أن تصيب الطائرات المدنية، وبالتالي يتم تحميل تل أبيب المسؤولية عنها.
ونقل عن مصدر عسكري إسرائيلي كبير قوله "في حال قامت منظومات دفاع جوية باستهداف طائراتنا العاملة في سورية فسنقوم بتدميرها بغض النظر عن هويتها"، في إشارة إلى روسيا، التي تدير أيضا منظومات الدفاع الجوية "S300".
وحسب كاسبيت، فإن ما يعزز دافعية إسرائيل للعمل ضد الإيرانيين في سورية حقيقة أنهم يتواجدون على مسافات قريبة من الحدود وليس على مسافة 80 كيلومترا، كما تعهد الروس.
إلى أنه على الرغم من أن القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية تحاول التقليل من أهمية تداعيات قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، سحب قوات بلاده من سورية، إلا أن تل أبيب تعي تماما أن الخطوة الأميركية تؤثر بشكل كبير على الواقع هناك.
وفي السياق، ذكرت صحيفة "معاريف" أنه حسب المعلومات التي كشفت عنها روسيا، فإن إسرائيل أطلقت في غاراتها الأخيرة داخل سورية 16 صاروخا يحمل كل منها قنبلة ذكية من طراز "GBU 39" الأميركية الصنع، يتم إلقاؤها من طائرات "إف 16" النفاثة.
من ناحية ثانية، من المنتظر أن يصل إلى إسرائيل هذا الأسبوع مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، للتباحث مع القيادات العسكرية والسياسية الإسرائيلية حول تداعيات الانسحاب الأميركي من سورية.
ويلتقي نتنياهو غدا الأحد في البرازيل وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، على هامش تنصيب الرئيس الجديد جايير بولسونارو للتباحث حول أنماط التنسيق المشترك في سورية، بعد الانسحاب الأميركي من هناك.