دموية الاحتلال في غزة: منع الانضمام للانتفاضة بأي ثمن

11 أكتوبر 2015
أثناء تشييع شهيد في غزة أمس (مصطفى حسونة/الأناضول)
+ الخط -
حمل التعامل الإسرائيلي العنيف والمميت مع تظاهرات قطاع غزّة الحدودية، رسائل متعددة الاتجاهات، ونمّ عن رغبة إسرائيلية واضحة، عَبّر عنها أكثر من مسؤول أمني للاحتلال، كي يبقى القطاع خارج الانتفاضة المتصاعدة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين.

اقرأ أيضاً: الانتفاضة بعيون إسرائيلية... النيران لن تخمد قريباً

وبدا، يوم الجمعة الماضية، أنّ إسرائيل تريد إيقاع أكبر عدد من الشهداء والجرحى في مواجهتها للتظاهرات التي لم يكن يحمل فيها الشبان إلا الأعلام الفلسطينية والحجارة؛ فاستخدام القوة المفرطة تجاه مدنيين كان بالإمكان تفريقهم بالغاز المسيل للدموع، كان خطة إسرائيلية وفق أكثر من تقدير، لمنع اشتعال غزة والإبقاء على هدوئها.

وسبق أن خرجت غزّة، مراراً، في مواجهات بمناطق التماس نفسها، ولم يكن التعامل الإسرائيلي بهذه الحدّة، ولا هذا العنف المفرط مع المتظاهرين، ما يؤكد أنّ الإفراط في استخدام القوة كان مدبراً، ويحمل رسائل إلى الشبان أنفسهم، وإلى المقاومة وسياسييها في غزة.

واتهمت حركة "حماس"، ومنظمات حقوقية فلسطينية، الاحتلال الإسرائيلي بتعمد تصفية فلسطينيين في مناطق مختلفة، كذلك استخدام القوة المفرطة مع تظاهرات غزة، وهو ما نتج عنه سبعة شهداء، ونحو ثمانين إصابة، معظمها في مناطق صعبة من الجسد.

ولم يتوقف الحراك الجماهيري نصرة للقدس والضفة في غزة، أمس السبت، وإن كان التواجد داخلياً غلب على الاقتراب من الحدود ونقاط التماس، وقد خرجت عشرات المسيرات في القطاع، طلابية وفصائلية وعفوية، لنصرة الانتفاضة، وللدعوة لحمايتها وتطويرها.

وتدرك إسرائيل أنّ هناك رغبة فلسطينية جادة في غزّة للتضامن مع الحراك الجماهيري في الضفة والقدس، وعدم ترك المواجهات فيهما فقط، وأنّ الفلسطينيين يريدون استنزاف الإسرائيليين على أكثر من جبهة، وفق ما ذكر لـ"العربي الجديد"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة بغزة، عدنان أبو عامر.

وقال أبو عامر إنّ ردة الفعل الإسرائيلية كانت عنيفة جداً، وهذا يعني أنها لا تريد الاستنزاف على أكثر من جبهة، مشيراً إلى أنّ استخدام الرصاص الحي في مناطق قاتلة وليس إصابة المتظاهرين فقط، يعني أنّ الاحتلال يريد أن يقول إنه على جاهزية كبيرة، إذا ما حاول أحد فتح جبهة في القطاع.

وأوضح أبو عامر أنّ الفلسطينيين، شعبياً وجماهيرياً ورسمياً، يلتقون على فكرة أنّ غزة لا تزال تلملم جراحها، وذلك يعني أنه لا يوجد رغبة فلسطينية بالدخول في مواجهة واسعة، وإبقاء الوضع على مناوشات ومواجهات محدودة، لأنّ أحداً لا يضمن أن تستمر المواجهات الحدودية على حالها، فقد تتدحرج الأمور إلى ما لا يريده الجانبان.

وبحسب تقديرات أبو عامر، فإنّ غزة في وضعها الحالي، قد لا تكتفي بالدعم الإعلامي والجماهيري والسياسي والمعنوي والتحشيد الشعبي، موضحاً أنّ الفصائل تعتقد أنّ التضامن مع الضفة على شكل مواجهة مسلحة أو حرب محدودة، قد يمنح إسرائيل فرصة تنفيس الأوضاع في الضفة والقدس، ونقلها إلى غزة.

حقوقياً، قال محامي مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، سامر موسى لـ"العربي الجديد"، إنّ التقارير الميدانية من مواقع الأحداث على السياج الحدودي كانت تشير بشكل واضح، إلى أنّ هناك نية مبيتة من قبل قوات الاحتلال لقمع المتظاهرين الذين عبروا عن استنكارهم للجرائم المتصاعدة في القدس والضفة المحتلتين.

ولفت موسى إلى أنّ استهداف المتظاهرين بقوة نارية مفرطة، يدلل على هذه النية، خصوصاً مع استهداف الفتية والأطفال والشباب وإصابتهم في الأماكن العلوية للجسد، فحالات الاستشهاد تدل على أنّ غالبية هؤلاء تم قتلهم بالرقبة أو الرأس.

وأوضح موسى أنّ ذلك يدل على انتهاك الاحتلال للمبادئ الإنسانية، وبشكل خاص تلك المبادئ التي نص عليها البروتوكول الإضافي الأول، الملحق باتفاقية جنيف الذي يطبق على الأقاليم المحتلة، ويتعارض بشكل واضح مع مبدأ الحماية الخاصة بالأطفال.

وبينّ أنّ الإصابات تشير إلى الحجم نفسه من الانتهاكات، والقصد منها إيقاع القتل بين المتظاهرين، الذين كانوا يبعدون مسافات بينهم وبين الجنود المتواجدين في مواقعهم العسكرية، ولم يشكلوا بالمعنى الحربي خطراً حقيقياً على حياة جنود الاحتلال، وكان بالإمكان الاكتفاء بالقنابل المسيلة للدموع.

وشدد موسى على أنّ هذا التصرف، بموجب اتفاقية جنيف يرتقي إلى جرائم دولية، الموصوفة في نظام روما، وبالتالي يجب على القيادة الفلسطينية الانتقال من مربع الحديث عن تفعيل انضماها للجنائية الدولية، إلى مربع العمل لتقديم هؤلاء المجرمين للمحاكمة.

اقرأ أيضاً: 581 مصاباً في "جمعة الغضب" بالضفة و7 شهداء بغزة‎

المساهمون