وقال عضو التكتل ضياء الدين داوود: "لقد حذرنا في السابق من توجه النظام إزاء هذه التعديلات، التي بدأ مجلس النواب يشرف على إجراءاتها بالفعل... ونرى أن هذه الإجراءات في بعض الموادّ هي والعدم سواء، لأن الدستور حدد الإجراءات القانونية التي يمكن من خلالها تعديل بعض النصوص لزيادة الضمانات"، معتبراً أنّ تقدم ائتلاف الأغلبية (دعم مصر) بتعديل على مادّة الرئاسة يصطدم مباشرة بنص المادّة (226) من الدستور.
وأوضح داوود: "لم يتحدث أي من أساتذة القانون الدستوري عن مبرر قانوني ودستوري يسمح بأن يتلقى البرلمان تعديلات على المادّة (226)، التي نصت فقرتها الأخيرة على أنه لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات"، مستطرداً: "التعديل المطروح لم يورد ثمة ضمانات يعول عليها في تجاوز مدد الرئاسة، وخاصة أن فلسفة المادّة تستهدف الحفاظ على التداول السلمي للسلطة".
وتابع: "ليس هذا ما نتج عن مطالب الشعب المصري من رفض ترسيخ السلطة في يد واحدة لمدة 30 عاماً... وإذا كنا مؤمنين بأن 25 يناير ثورة، وليس ما يُقال حول إنها مؤامرة، فعلى الدولة أن تحسم أمورها إذا ما أرادت إلغاء هذ المادّة، وذلك بتعطيل العمل بالدستور، والدعوة إلى تشكيل لجنة تأسيسية جديدة... حتى لو التجأنا إلى إعلان دستوري مؤقت"، حسب قوله.
وزاد داوود: "البرلمان يُستخدم في إجراء تعديلات تبدو في ظاهرها دستورية، ولكنها خارج هذا الإطار جملة وتفصيلاً... ونحن لا نتحدث عن أشخاص، ولكن عن مستقبل الدولة المصرية... وقد كنت متخيلاً أن أسوأ التعديلات هو مدّ فترة الرئاسة، لكنها جاءت جميعها أسوأ من البعض... والرفض هنا واجب وطني على كل نائب، وبالتأكيد يوجد نواب آخرون يرفضون التعديلات... ونتمنى أن ينضموا لنا، لأننا (التكتل) فقط 16 نائباً، ونمثل الأقلية".
وأضاف في كلمته: "نحن لسنا في عداوة مع أحد، ولكننا مؤمنون أن هذا الشعب الذي ضحّى يريد أن يحصل على حقه... وليس لدينا خشية من رد فعل السلطة الحاكمة، وكنا نتمنى عقد المؤتمر في بيت الأمة، بيت الشعب (البرلمان)... ولكن كانت هناك صعوبة في دعوة وسائل الإعلام المختلفة إلى مؤتمر صحافي في مجلس النواب الآن".
وبشأن التواصل مع الجهات القضائية التي تطاولها التعديلات الدستورية، قال داوود: "التعديلات مقدمة بالأمس، ولم نسمع بعد عن تحركات من مجالس قضاء أو أندية، وننتظر مواقفها"، مختتماً بقوله: "نقدر عدم التدخل في أعمال السلطة القضائية، وهذه التعديلات تمسّ هيبتها... وهي تتضمن سحب مراجعة العقود الإدارية من مجلس الدولة، بالإضافة إلى عدم إلزام مجلس النواب بعرض القوانين عليه لنظر دستوريتها".
من جهته، قال عضو التكتل النائب أحمد الطنطاوي: "كنت أظن أن أسوأ التعديلات التي قد تعرض أمام البرلمان تتعلق بمدد الرئاسة، ولم يرد حتى في كوابيسنا أن تأتي التعديلات بهذا الكم من السوء"، مضيفاً: "أننا تحولنا من مرحلة خليهم يتسلوا (كلمة منسوبة إلى الرئيس المخلوع حسني مبارك)، إلى مرحلة خليهم يضربوا دماغهم في الحيط"، على حد تعبيره.
وواصل الطنطاوي: "يتم الترويج بأن التعديلات لصالح الشعب، بالإشارة إلى المادّة الخاصة بتمثيل المرأة، والفئات الأخرى مثل ذوي الاحتياجات الخاصة في المجالس النيابية، في حين أنه أثناء مناقشة مشروع قانون ذوي الإعاقة لم يوجد في قاعة مجلس النواب سوى نائبين منهم فقط"، مطالباً السيسي بوقف هذا الجدل بإعلان عدم ترشحه مرة أخرى على منصب الرئيس.
وتابع: "للأسف لا تجري الإدارة بمنطق سياسي، وإنما بمبدأ تمام يا فندم"، منتقداً أداء الأغلبية البرلمانية بالقول: "لم تكتف الأغلبية بزيادة تردي أحوال المواطنين، وإنما لجأت لمحاولة استرضاء السلطة على حسابهم".
وشدد عضو التكتل أحمد الشرقاوي على رفض نواب التكتل دعوات تقديم الاستقالة من البرلمان كرد فعل على إجراء التعديلات الدستورية، قائلاً "مطالب استقالة أعضاء التكتل على مواقع التواصل الاجتماعي ليست الأولى من نوعها... وسبق أن وجهوا لنا المطلب نفسه أثناء مناقشة اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية".
واستدرك: "نُقدر الرأي العام جميعاً، لكن في الوقت ذاته علينا أن نسأل ماذا بعد الاستقالة؟... لو استقلنا وقت الاتفاقية السابقة لما كنا هنا اليوم نعبر عن رأينا كنواب برلمانيين، ورأي الشعب في ما يخص التعديلات".
تمثال عجوة
بدوره، قال عضو التكتل هيثم الحريري، إن "الحديث عن أن دستور 2014 هو دستور جماعة الإخوان هو محض افتراء وكذب... ومن روّج للدستور الحالي قالوا إنه أعظم دستور في تاريخ مصر، والشعب صدقهم"، متابعاً: "في تصورنا أن أهم ما في التعديلات هو مدّ فترة الرئاسة، لأنها قنبلة تنفجر في وجه التحول الديمقراطي... والرئيس الحالي قد يستفيد من التعديلات، أو قد لا يستفيد منها".
وأضاف الحريري أن "الدستور ليس تمثال عجوة، نأكل منه، ونغيره حسب أهوائنا... ولكنه وثيقة نحترمها، وليس من المفروض أن يعدله كل رئيس لصالحه"، مستطرداً: "كل ما رفضناه في 25 يناير/ كانون الثاني 2011 يعود الآن... وهل يقبل الرئيس (السيسي) تعديل الدستور لمدّ ولايته، بعد تصريحه في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أنه يحترم الدستور، ويحترم مدّتي الرئاسة!".
وزاد: "الذين احتفلوا منذ أيام قليلة بثورة يناير، ذهبوا إلى بيوتهم فألقي القبض عليهم في الفجر... وهل الديمقراطية هي الاستفتاء على الدستور في ظل حالة الطوارئ؟، وهل تستطيع قوى المعارضة التجول في المحافظات؟!"، منتقداً إعادة مجلس الشورى تحت اسم مجلس الشيوخ بصلاحيات شكلية، بالقول: "هل نحن بلد فقير أم غنيّ، حيث ننفق ملياري جنيه على استفتاء الدستور، ثم مليارين إضافيين على انتخابات مجلس الشيوخ، ثم مثلهما على مجلس النواب، وكذلك الرئاسة".
تحرك الشارع
وعن خطة تحرك التكتل في الشارع، قال عضو التكتل النائب محمد عبد الغني: "نواب التكتل سيرفضون التعديلات بما يملكون من أدوات برلمانية، وعلى الشعب ممارسة إرادته خلال عملية الاستفتاء حال موافقة البرلمان على التعديلات نهائياً... واعتدنا أن الشعب هو القائد والمعلم، لكننا لم ندع إلى تظاهرات في الشارع... وهذا الشعب يستحق أن يعيش مثل باقي الشعوب في ديمقراطية، وألا يتم اغتيال حقوقه".
قرار الشعب
من جهته، عرض رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي وعضو التكتل، إيهاب منصور، ما دار في اجتماع اللجنة العامة لمجلس النواب، التي نظرت في التعديلات الدستورية من حيث المبدأ، مساء أمس، قائلاً: "اللجنة بحثت في أمرين، أولهما صحة الإجراءات، والثاني التصويت بالموافقة المبدئية... واللجنة العامة وافقت بإجماع أعضائها عدا رأيي، فقد كان الصوت المعارض الوحيد".
وتابع: "سجلت اعتراضي، ورفضت إجراء تعديلات دستورية، ولا سيما أن الدستور الحالي لم تُفعّل موادّه من الأساس على أرض الواقع، ومنها النسب المنصوص عليها من الموازنة العامة للدولة، بشأن قطاعي الصحة والتعليم... ومجلس النواب سيوافق على التعديلات الدستورية، وذلك واضح وضوح الشمس... والموضوع أصبح في يد الشعب من خلال الاستفتاء المرتقب... وعليه أن يقول ما يريد، فالقرار الآن ملكه وحده".