أصدرت "المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، منظمة مجتمع مدني مصرية، دراسة قانونية بعنوان "دستوريًا بشأن التعديلات اللا دستورية"، قدمت فيها تحليلًا قانونيًا مفصلًا عن التعديلات الدستورية المعروضة للاستفتاء، ومدى تعارضها مع المبادئ الدستورية الأخرى، ومخالفتها المباشرة لنص المادة 226 من الدستور المصري المنظمة لشروط تعديله تحديدا في ما يخص تعديل المادة 140 والنص الانتقالي الذي تمت إضافته، المعنيين بعدد فترات الرئاسة المسموح بها دستوريا.
وعرضت الدراسة مناقشة مُعمّقة لعددٍ من الآراء القانونية المتباينة بشأن مدى جواز الطعن على أي من إجراءات عملية تعديل الدستور أمام المحاكم، من خلال دراسة أحكام المحاكم العليا في ذات الصدد.
واعتمدت الدراسة في منهجيتها على التحليل والنقد القانوني المسند للطلب المقدم من أعضاء مجلس النواب بالتعديلات المقترحة باستخدام البحث القانوني المتكامل في دساتير والتشريعات والأحكام القضائية العليا الصادرة من المحكمة الدستورية العليا ومحاكم مجلس الدولة ومحكمة النقض المصرية. وتقوم منهجية التحليل المتبعة على استخلاص الإشكاليات المثارة حول عملية تعديل الدستور ومدى دستورية الإجراءات والقرارات الصادرة من مجلس النواب بشأنه من خلال طرح الأسانيد القانونية المسندة لوجهة نظرنا في الرد على تلك الإشكاليات.
وخلصت الدراسة إلى أن التعديلات المقترحة تهدر العديد من المبادئ الدستورية المستقر عليها، وفي مقدمتها مبادئ الديمقراطية، والتداول السلمي للسلطة، وسيادة القانون، والفصل بين السلطات. كما أكدت على بطلان عملية تعديل الدستور وكافة الإجراءات والقرارات المتعلقة بها، وذلك لمخالفتها الصريحة والضمنية لنص المادة 226 من الدستور المصري والتي حددت ثمانية شروط أساسية يجب توافرها في طلب تعديل الدستور، وهو ما افتقر إليه طلب التعديل المقدم من أعضاء مجلس النواب. ولكن نوهت أيضًا إلى أن هذا البطلان سيفتقد لأثره القانوني بمجرد إعلان نتيجة الاستفتاء، في حالة الموافقة على التعديلات، وهو ما يوضح رغبة الحكومة المصرية في تمرير التعديلات بالتعجل في دعوة الناخبين للتصويت على التعديلات الدستورية بمجرد تمريرها بالبرلمان.
وشددت الدراسة على خطورة التعديلات المتعلقة بنصوص السلطة القضائية والتوسع في إخضاع المدنيين للمحاكمات العسكرية، إذ تمنح التعديلات لرئيس الجمهورية سلطة اختيار وتعيين رؤساء الهيئات القضائية والتحكم في أمور ترقياتهم وندبهم، وأيضًا تمنح رئيس الجمهورية رئاسة المجلس الأعلى للهيئات القضائية وسلطة تعيين النائب العام، مما يشكل تغولًا كاملًا على القضاء وإهدارًا لاستقلالية السلطة القضائية، وهي السلطة المنوط بها إنصاف ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان أو مخالفة السلطات الأخرى للقانون والدستور. وكذلك أوضحت الدراسة خطورة التوسع الشديد الذي تقترحه التعديلات الدستورية في إمكانية إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لحقوق المواطنين في الخضوع لمحاكمات عادلة وحيادية، وكذلك تشكل انتهاكا لالتزامات مصر الدولية في ذات الشأن وفقًا للمادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966.
كذلك أشارت الدراسة إلى خطورة توسع دور القوات المسلحة في العملية السياسية وجعلها مؤسسة عليا حامية للدستور ومفسرة لمبادئه، مما يعطيها سلطة وصلاحية تتجاوز سلطة وصلاحية المحكمة الدستورية العليا، مما يعصف بكل الأعراف والمبادئ الدستورية المستقر عليها، وينصّب من المؤسسة العسكرية قابضًا على مقاليد الحكم في البلاد للأبد، ويشكل تهديدًا مباشرًا لمبدأ التوازن بين السلطات كأساس للحكم في الدولة.