البيان الذي خلا من أي عبارات تنديد أو استنكار للهجوم أوضح أنه "بعد منتصف الليل بقليل من يوم الأربعاء الموافق 8/1/2020، تلقينا رسالة شفوية رسمية من قبل الجمهورية الإسلامية في إيران بأن الرد الإيراني على اغتيال الشهيد قاسم سليماني قد بدأ أو سيبدأ بعد قليل".
وأعلن "الحرس الثوري" الإيراني بعد منتصف ليل الثلاثاء- الأربعاء، أن قواته استهدفت قاعدة عين الأسد التي تضم جنوداً أميركيين في محافظة الأنبار العراقية بصواريخ أرض- أرض، إضافة إلى القاعدة الأميركية في أربيل، في أول رد إيراني على اغتيال واشنطن قائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، يوم الجمعة الماضي.
وقُتل سليماني، ومعاون قائد "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، فضلاً عن ضباط وعناصر من الحرس الثوري و"الحشد"، في ضربة أميركية قرب مطار بغداد، ويشكل هذا التطور تصعيدًا كبيرًا بين الولايات المتحدة وإيران، وهما حليفان وثيقان لبغداد، وسط مخاوف واسعة في العراق من تحول البلد إلى ساحة صراع بين واشنطن وطهران.
وأوضح البيان أن الإيرانيين أخطروا الحكومة بأن "الضربة ستقتصر على أماكن وجود الجيش الأميركي في العراق دون أن تحدد مواقعها"، مبينا أنه "في نفس الوقت بالضبط اتصل بنا الجانب الأميركي وكانت الصواريخ تتساقط على الجناح الخاص بالقوات الأميركية في قاعدتي عين الأسد في الأنبار وحرير في أربيل وفي مواقع أخرى". وتابع: "بالطبع كنا قد أنذرنا فور تلقينا خبر الهجوم القيادات العسكرية العراقية لاتخاذ الاحتياطات اللازمة. لم تردنا لحد اللحظة أية خسائر بشرية لدى الجانب العراقي ولم تردنا رسميا الخسائر في جانب قوات التحالف".
وأضاف أن عبد المهدي "بقي يتابع التطورات منذ بدء الهجوم وإلى هذه الساعة ويجري الاتصالات الداخلية والخارجية اللازمة في محاولة لاحتواء الموقف وعدم الدخول في حرب مفتوحة سيكون العراق والمنطقة أول ضحاياها"، معربا عن "رفض العراق انتهاك سيادته والاعتداء على أراضيه والحكومة مستمرة بمحاولاتها لمنع التصعيد واحترام الجميع لسيادة العراق وعدم التجاوز عليها، وقد دعونا الجميع لضبط النفس وتغليب لغة العقل".
بالمقابل وفي أول تعليق لها، قال تحالف "الفتح" البرلماني المدعوم من إيران، إن "الاعتداء الأميركي الأخير أعطى مبرراً للرد الإيراني باستهداف القواعد الأميركية أينما وجدت"، وقال رئيس كتلة "الفتح"، في البرلمان النائب محمد الغبان في بيان له إن أميركا أعطت المبرر والحق لإيران بالرد على القوات الأميركية أينما وجدت، وحتى في الدول الأخرى الحليفة مع الولايات المتحدة، أو التي ينطلق منها العدوان الأميركي برضاها أو بدونه"، وفقا لقوله.
في المقابل، أصدرت "جبهة الإنقاذ والتنمية"، بزعامة أسامة النجيفي، بيانا بشأن القصف الإيراني على قاعدة عين الأسد بمحافظة الأنبار، مبينة أن السيادة العراقية أصبحت "محل شك".
وقالت في بيان لها إنها "تسجل إدانتها الشديدة للسياسة العرجاء التي جعلت من العراق ساحة لصراع لا ناقة له فيها ولا جمل". وتابع البيان أن "جبهة الإنقاذ والتنمية تدين التصعيد الخطير في الصراع الأميركي الإيراني، وتدين التجاوز الصريح للسيادة العراقية التي أصبحت محل شك، وتدين المنهج المصر على تصفية حساباته في العراق".
ولفت إلى أنه "ليس مقبولا أن يعمد الجانب الإيراني إلى ضرب قواعد عراقية تضم عسكريين أميركيين لا يزال وجودهم يقترن بموافقات واتفاقيات مع الجانب العراقي، وليس مقبولا أن تتم الاستهانة بالدماء العراقية من أي طرف".
ودان ائتلاف "النصر"، الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، ما وصفه بـ "الانتهاك الإيراني للسيادة العراقية"، موجهاً الرئاسات الثلاث والقوى الوطنية إلى حفظ وحدة العراق.
وذكر المكتب الإعلامي للائتلاف في بيان، أنه "بعد الانتهاكات الأميركية للسيادة العراقية، واليوم ندين الانتهاك الإيراني للسيادة العراقية".
في الأثناء، قال مسؤول عسكري عراقي رفيع في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الجيش الأميركي رصد الصواريخ قبل دخولها الأجواء العراقية ولم نرصد إصابات بصفوفه"، مبينا أن "القواعد التي تستضيف قوات أميركية أطلقت صفارات الإنذار قبل نحو 10 دقائق من بدء الهجوم الصاروخي وأدخل الجميع إلى الملاجئ وتم اتخاذ تحوطات في ما يتعلق بمخازن السلاح ومرابض الطائرات".
وأكد في الوقت ذاته أن أحد الصواريخ الإيرانية سقط على مدرج طائرات يستخدمه العراقيون والأميركيون في عين الأسد، وختم بالقول إنهم يجرون بالوقت الحالي تقريرا مفصلا عن الهجمات بالمجمل في قاعدتي حرير بأربيل وعين الأسد في الأنبار وستعلن في وقت لاحق من هذا اليوم نتائج التقرير.