تونس: غموض يلفّ اغتيال الناشط محمد الزواري أمام منزله

16 ديسمبر 2016
التحقيقات في القضية مستمرة (تسنيم نصري/الأناضول)
+ الخط -
لا تزال حادثة اغتيال الناشط المدني التونسي، المهندس محمد الزواري، من محافظة صفاقس أمس، رمياً بالرصاص، غامضة، خصوصاً أن الناشط هو أستاذ جامعي ومن الكفاءات التونسية، كما أنه رئيس نادي طيران الجنوب بصفاقس، ومن المتمتعين بالعفو التشريعي العام بعد الثورة.

وذكّرت حادثة اغتيال الزواري التونسيين باغتيال النائب والمعارض اليساري، شكري بلعيد، إذ إن العديد من التفاصيل تبدو متشابهة، وقد وقعت الحادثة، مساء أمس، أمام بيته في منزل شاكر بصفاقس، بعدما صوّب مجهولون رصاصات عدة على كتفي ورأس الفقيد.

وأصدرت أمس وزارة الداخلية بيانا مقتضبا جاء فيه أنه "تم العثور يوم  15 ديسمبر/كانون الأول بمنطقة العين من ولاية صفاقس، على جثة مواطن تونسي داخل سيارته وأمام منزله. يبلغ من العمر 49 سنة، ويعمل مديرا تجاريا بشركة خاصة، وتبين بحسب المعاينات الأولية أنّه تعرض إلى طلق ناري".

وتمكنت قوات الأمن من العثور على سيارتين  يرجح أنهما استعملتا في تنفيذ جريمة قتل مهندس الطيران، محمد الزواري، ووُجدت آثار دماء في إحدى السيارتين، فضلاً عن اكتشاف عُلب للرصاص بداخلها.

وألقت الوحدات الأمنية في جربة، اليوم الجمعة، القبض على شخصين لعلاقتهما بعملية مقتل مهندس الطيران محمد الزواري. وأكد المتحدث الرسمي باسم محاكم صفاقس، نائب الوكيل العام بمحكمة الاستئناف، مراد التركي، اليوم، في تصريح إعلامي، أن تشريح الجثة استمر من الساعة الثامنة إلى منتصف الليل، من مساء أمس، في قسم الطب الشرعي بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس، بحضور حاكم التحقيق المتعهد، ووكيل الجمهورية بمحكمة صفاقس 2.

وبينت النتائج إصابة  الضحية بأكثر من 20 طلقاً نارياً، منها 8 طلقات استقرت بالجسم، وتم إخراجها، وهو ما نتج عنه الموت الحيني بما يفيد أن النية هي الإجهاز على الضحية.

وقال  المتحدث الرسمي باسم المحكمة الابتدائية في تونس والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، سفيان السليطي، إن قاضي التحقيق بابتدائيّة صفاقس هو المتعهّد حاليا بالقضيّة، مضيفا في تصريح إعلامي، اليوم، أن إحالتها إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب رهين مدى تطور الأبحاث، ودلالات المعطيات بكونها قضية إرهابية.

وأكد مساعد الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بصفاقس، مراد التركي، في تصريح لإذاعة موازيين، أن النتائج الأولية للأبحاث المتعلقة باغتيال الجامعي كشفت وجود شبهات عدة حول ضلوع شخص أجنبي في عملية الاغتيال، وهو بلجيكي الجنسية من أصول مغربية، وتم الإذن بنشر صورته في جميع وسائل الإعلام.

وأكد أنه سيتم نشر صورة تقريبية لشخص ثان يبدو أنه من منفذي العملية، مشيرا إلى إيقاف 4 أشخاص بشبهة الضلوع في هذه الجريمة، مؤكدا أنه التقى صحافية أجنبية مرافقة بشخصين من أجل إجراء حوار.

وأشار إلى أنه تم الاتصال بها ومن المنتظر أن تحل بتونس قريبا، مؤكدا أن موضوع تورط المخابرات الأجنبية في العملية غير مطروح حاليا.

ولا تزال التحقيقات متواصلة، في حين أكدت مصادر إعلامية محلية القبض على مواطن أجنبي قد تكون له صلة باغتيال الأستاذ الجامعي، محمد الزواري، مشيرة إلى أن الايقافات طاولت 10 أشخاص تونسيين وأجانب، من ضمنهم امرأة غادرت البلاد أول أمس.

وقالت النائبة عن الجبهة الشعبية بصفاقس، سعاد الشفي، لـ"العربي الجديد" إنّ الحادثة تضم إشارات خطيرة عدة، خصوصاً أنه تم استعمال أسلحة متطورة، ومنها مسدسات كاتمة للصوت، مبينة أن على الجهات الأمنية الانتباه إلى هذا التطور، واليقظة أكثر لكشف غموض هذه الحادثة، لأنها  تعتبر مؤشرا خطيرا عما قد يحصل مستقبلا.

وأوضحت أن صفاقس من المناطق الهادئة، ولم يسبق أن حصلت فيها حوادث اغتيال مماثلة، حتى أيام الثورة التونسية، مؤكدة أن الحادثة تشبه في الكثير من تفاصيلها حادثة اغتيال بلعيد.





واعتبرت النائبة عن محافظة صفاقس، أنّ الزواري من الكفاءات العلمية في الجهة وأن صفاقس معروفة بتركيز نواد علمية في الجامعات والكليات، متأسفة على خسارة تونس إحدى الكفاءات العليا، منددة بما حصل.

من جهته، أوضح عضو بنادي طيران الجنوب بصفاقس، أكرم العيادي، لـ"العربي الجديد" أن الزواري، مهندس في الإلكترونيك، متحصل على شهادات عليا في الهندسة، وهو ناشط بالمجتمع المدني، وعضو نادي "قيادة وعلم".

وأضاف أنه تعرض في التسعينيات إلى ضغوط من النظام السابق بحكم انتمائه الإسلامي، فهاجر إلى دول عربية عدة منها السودان وسورية، وتزوج هناك من فتاة سورية، وعمل في مجال الإلكترونيك والطيران النموذجي. عاد إلى تونس مباشرة بعد الثورة، وتحديدا عام 2012، وأتم دراسته العليا في الهندسة وكان بصدد الإعداد للدكتوراه.

وأضاف العيادي أنّ الزواري بحكم تعاقده مع شركة تركية مختصة في تصنيع النماذج، فإنه كثيرا ما سافر إلى تركيا، إذ يبقى مدة شهر ثم يعود إلى تونس، ولم يعرف له أي نشاط سياسي أو حزبي بعد الثورة، مؤكدا أنّه جاء إلى تونس منذ حوالى 4 أيام، وشارك في نشاط نظمته الجمعية، وفوجئوا بخبر اغتياله الذي شكل لهم صدمة. 

وقال طيار تونسي سابق، أحد أبرز مؤسسي نادي طيران الجنوب بصفاقس، محمد المسدي، 64 عاما، لـ"العربي الجديد"، إنّه بحكم عمله في مجال الطيران، راودته فكرة إنشاء ناد للطيران في صفاقس، وأنه اعتقد أنه بعد الثورة سيجد دعما من رجال الأعمال لإنجاز طائرات شبه حقيقية، وليست نموذجية لتعليم الشباب الشغوفين بهذا المجال، ولكنه لم يجد من يوفر الإمكانيات الضرورية لاقتناء طائرات للتجربة.

وأضاف أنّه بعد لقائه ببعض الشباب الطموحين وأساتذة جامعيين، من بينهم محمد الزواري، قرر معهم إنشاء ناد للطيران بصفاقس، معتبرا أنّه بحسب معرفته بالزواري، فهو إنسان متواضع وليس مترفا كما يشاع.

وأشار إلى أن الزواري كان يعلم الشباب والطلبة بعض المهارات في صناعة طائرات نموذجية، مشيرا إلى أنهم التقوا السبت الفائت في مدرسة المهندسين بصفاقس.