مسلسل تعطيل انتخاب رئيس جمهورية لبنانية يتواصل

13 يوليو 2016
أُرجئت جلسة انتخاب رئيس الجمهوريّة(حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

تحوّل مجلس النواب اللبناني إلى ساحة سجاليّة، اليوم الأربعاء، متخلياً عن دوره التشريعي، إذ أدى غياب النواب إلى عدم توافر النصاب لعقد جلسة اللجان المشتركة، والتي تبحث قانون الانتخابات النيابيّة، وإلى إرجاء جلسة انتخاب رئيس الجمهوريّة، وذلك بسبب غياب نواب "حزب الله" وتكتل "التغيير والإصلاح".

واستُعيض عن دور المجلس المفترض، باستكمال السجال حول الملف المالي، والذي بدأ يوم أمس الثلاثاء، على خلفيّة انتقاد كتلة "المستقبل"، لأداء وزارة المال، وذلك بعد الجلسة الحكومية التي عُقدت لبحث الوضع المالي.

وأشارت كتلة "المستقبل" إلى أنّه "مضى أكثر من عشر سنوات على الدولة اللبنانية لم يتم فيها إقرار موازنة في مجلس النواب، وها قد مضى على هذه الحكومة قرابة سنتين ونصف السنة ولم تقم الوزارة بمعالجة حقيقية للأوضاع المالية أكان ذلك بمصارحة المواطنين جميعاً بحقيقة الأوضاع المالية بطريقة واقعية وموضوعية وهادئة، أم كان ذلك بالإسهام الحقيقي بإجراءات عملية لضبط الإنفاق".




واعتبرت الكتلة أن الوزارة "تقاعست عن تدبير وتأمين ما أمكن من المصادر المالية الصحيحة والمجدية لتعزيز واردات الخزينة، وكل ذلك في الوقت الذي تتصاعد فيه الشكوى والمظاهر التي لم تعد تخفى على أحد حول الانفلات المالي في إدارة المال العام وتفشي الفساد والرشوة والهدر المالي المتفلت من أية ضوابط حقيقية".

ولم يلبث أن رد وزير المال علي حسن خليل على بيان الكتلة، معتبراً أن "الدراسة العلمية" التي أعدتها الوزارة وعرضها خليل على الحكومة "عكس ما كان سائداً، ستخرج وزير المال السابق فؤاد السنيورة عن طوره، ليسخر اجتماع كتلة المستقبل النيابية لشن جملة من المغالطات والاتهامات التي يعرف كل اللبنانيين أنها تنطبق على عهده وإدارته في التصرف غير القانوني والملتبس بالمال العام والذي فتح الكثير من النقاش الذي لم يقفل بعد".

وقال إن وزارة المال "ليست بحاجة لشهادة ممن هو في موقع الاتهام محاسبياً وإدارياً وقانونياً وهو تحت المساءلة التي لن نسكت عنها والتي لن نعطيها حصانات يحاول التلطي بها، ووزارة المال تفتخر بأنها حاولت واستطاعت ولو جزئياً أن تطبق ما كان متفلتاً وأن تنجز ما لم يكن محدداً في مرحلة تولي مسؤوليته للوزارة من حسابات سيكون الرأي العام الذي لن ينسى الـ11 ملياراً، حكماً فيها".

ولفت خليل إلى أنها "من المرات النادرة التي أعدت فيها الموزانات في أوقاتها الدستورية منذ الاستقلال وحتى اليوم، هي على عهد هذه الوزارة وهذا ما أكدناه اليوم إلى حد مطالبتنا بأن يقرها مجلس الوزراء ويصدرها بمرسوم إذا اقتضى الأمر وفق الدستور".

إذاً، استعاد خليل النقاش القديم بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة حول الـ11 مليار ليرة، التي صُرفت خلال حكومتي السنيورة (2005 ــ 2009). ففي حين يعتبر بري أن هذه الأموال صُرفت من دون سند قانوني أو قطع حساب، يرى المدافعون عن السنيورة أن لا وجود لهذا الأمر، بل ما حصل هو تزايد مدفوعات الدولية اللبنانيّة نتيجة زيادة حاجات شركة كهرباء لبنان وارتفاع كلفة الدين العام، ويعتبرون أن المسؤول عن الأمر هو من أغلق مجلس النواب حينها بوجه الحكومة.

وفي هذا السياق، يُشير النائب في كتلة "المستقبل" النيابيّة أحمد فتفت، إلى أن "قصة الـ 11 مليار دولار كذبة كبيرة، وكل الموازنات حتى العام 2010 أرسلت إلى المجلس النيابي". واعتبر أن رد فعل وزير المال على انتقادات كتلة "المستقبل" جاء مبالغا فيه.

ولفت فتفت، إلى أن المطلوب هو الاهتمام بالوضع المالي، خصوصاً مع وجود إنذارات دوليّة وارتفاع الفوائد في المصارف اللبنانيّة، "وهناك مشكلة ماليّة حقيقيّة، في ظل استمرار الأزمة السياسيّة وعدم حصول أي تطور إيجابي".

بدوره، ردّ النائب في كتلة "المستقبل" عمّار حوري في بيان، يُراد منه وضع حدّ لهذا السجال، كما أوضح فتفت، وأشار البيان إلى كتلة المستقبل تحدثت عن ثلاثة عناوين، "الأول إقرار الموازنة، الثاني تعزيز واردات الخزينة، والثالث الانضباط والانتظام المالي العام. هذه ببساطة العناوين التي حددتها أو حددها بيان كتلة المستقبل بالأمس".

وأضاف البيان أنه "لا رغبة ولا مصلحة لأي سجال أو تجريح شخصي، نحن في وضع لا نرى مبرراً لأي مشاحنات في هذا الظرف بالذات ولا مبرر لأي مشاحنات أو تجريح في هذا الظرف بالذات".

إذاً، شهد مجلس النواب سجالاً حول الماليّة العامّة، وهو سجال يتكرر كلّ فترة في لبنان من دون الوصول إلى خواتيم له، أو تشكيل لجنة تحقيق برلمانيّة تؤكّد أي كلامٍ هو الصحيح. في الوقت، لا يُقرّ مجلس النواب الموازنة العامّة ولا يُناقشها حتى.

كما يغيب عدد من النواب عن اجتماع اللجان المشتركة لتطيير النصاب، وفي حين قال أحد النواب، لـ"العربي الجديد"، إن سبب الغياب هو تفادي الإحراج بسبب دعوة بري لجلسة لانتخاب رئيس للجمهوريّة، وسيكون من المحرج مغادرة النواب القاعة العامّة لمجلس النواب عند الدعوة لعقد جلسة الانتخاب.

في المقابل، أشار فتفت إلى أن جدول الأعمال قد حصر النقاش في القانون المختلط (أكثري ونسبي)، لكن "حزب الله" لا يزال يُصرّ على النسبيّة الكاملة مع لبنان دائرة واحدة، "وعند نقاش العونيين (التيار الوطني الحرّ) يظهر أنهم لا يزالون متمسكين بالقانون الأرثوذكسي (كل مذهب ينتخب نوابه)، أو النسبية على أساس 15 دائرة".