مصاهرة الجيش والقضاء في مصر... عائلة السيسي نموذجاً

19 ديسمبر 2016
السيسي وأشقاؤه في قلب الدولة (Getty)
+ الخط -
حضر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مساء الجمعة، حفل زفاف ابن شقيقه، القاضي أحمد السيسي، الذي أُقيم في فندق الماسة التابع لوزارة الدفاع، وهو المكان المفضّل لإقامة احتفالات السيسي وندواته، نظراً لإجراءات التأمين المشددة المفروضة عليه، وسهولة التحكم في حركة الدخول والخروج، وابتعاده عن المناطق السكنية والأماكن الحيوية بوقوعه في منطقة محسوبة على الشرطة العسكرية. الزفاف في حدّ ذاته ليس خبراً مهماً، لكن طبيعة المصاهرة التي نتجت بين أسرة السيسي وأسرة زوجة ابن شقيقه، تحمل دلالات كبيرة في هذا التوقيت تحديداً، كنموذج حي لتوسيع علاقات المصاهرة والتوريث بين الجيش والقضاء، وتكامل هذين الجهازين ليمثلا طبقة النخبة الجديدة في عهد السيسي اجتماعياً ووظيفياً، وكذلك لتنفيذ سياساته.

شقيق السيسي، الذي احتفل بزفاف نجله، هو المستشار أحمد سعيد السيسي، نائب رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. الشقيق، الذي يبلغ من العمر 65 عاماً، عُيّن في القضاء منذ نحو 45 عاماً، وتدرّج في مناصب النيابة العامة ثم محكمة النقض بصورة اعتيادية، ولم يعرف عنه رئاسة أية دوائر حساسة أو إصدار أحكام مهمة أو انتدابه للعمل بالحكومة. وكان معروفاً فقط بطول فترة إعارته قضائياً التي بلغت 10 سنوات بدولة قطر، حتى أسند له السيسي منذ شهرين رئاسة وحدة غسيل الأموال.

وعُرف عن أحمد السيسي "حرصه" على تأمين مستقبل أبنائه بتعيينهم في وظائف قضائية، فعيّن ابنته هاجر بهيئة النيابة الإدارية، على الرغم من أنه كان قد قال في تصريحه الصحافي الوحيد لمجلة "نيوزويك" الأميركية في أغسطس/آب 2013، إن "نساء عائلة السيسي لا يعملن، بل يبقين في المنزل لرعاية الأولاد".

أما نجله، الذي تزوج فهو المستشار عبد الرحمن أحمد السيسي، الذي تخرّج في كلية الحقوق عام 2012، وتمّ تعيينه وكيلاً للنيابة العامة بقرار أصدره عمه رئيس الجمهورية، وهو في ذلك متساو مع المئات من أبناء القضاة وضباط الشرطة والجيش، الذين يحصلون على أولوية التعيين في المناصب القضائية. والصهر الجديد الذي انضم للعائلة هو المستشار، ناصر رضا عبد القادر، نائب رئيس مجلس الدولة، والذي كان زميلاً لأحمد السيسي في بعض الأعمال السابقة. وتعرف عبد الرحمن أحمد السيسي على أنجي، ابنة رضا، ليقرر الزواج منها.



وأسرة رضا تعتبر أيضاً نموذجاً لتوريث القضاء، وهي الظاهرة التي كانت قد تفشت في عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، وكان القضاء عليها من أهداف ثورة 2011 في مصر لضمان تكافؤ الفرص لشغل الوظائف العدلية. فهو نفسه نجل المستشار رضا عبد القادر وابنة المستشار محمد الغودي، وكلاهما كانا قاضيين في مجلس الدولة حتى الثمانينيات من القرن الماضي، كما أنه والد قاض شاب في مجلس الدولة أيضاً اسمه كريم ناصر رضا.

وتأتي هذه المصاهرة بين عائلة قضائية وأخرى عسكرية ـ قضائية في إطار ما قاله أحمد السيسي نفسه في ظهوره الإعلامي الوحيد السابق ذكره، بلهجة تعبر بوضوح عن أفكاره هو وشقيقه، وكيف يرى كل منهما نفسه، فقال: "نحن ننتمي لعائلة تقود، لا عائلة تُقاد"، قاصداً بذلك "مسيرته ومسيرة أشقائه الناجحة".

والقضاء من الوظائف المفضلة للمصاهرة في عائلة السيسي، إلى جانب العمل في الأجهزة العسكرية والرقابية والبترولية، فنجله الثالث حسن الموظف بشركة بترول حكومية متزوج من داليا محمود حجازي العضوة بهيئة النيابة الإدارية، ووالدها هو اللواء محمود حجازي رئيس أركان القوات المسلحة. أما ابن السيسي الأكبر، مصطفى، فهو ضابط بهيئة الرقابة الإدارية بعدما كان يعمل بالجيش، وهو متزوج من ابنة خالته رضا. أما ابنه الأوسط، محمود، فهو ضابط بالمخابرات الحربية، ومتزوج من نهى التهامي ابنة مدير شركة بيبسي مصر سابقاً. وابنته الوحيدة، آية، متزوجة من محمد فودة الموظف بشركة بترول حكومية، ونجل اللواء خالد فودة صديق محافظ جنوب سيناء الحالي.