لا يمكن اعتبار ما حدث في تونس نهاية الأسبوع الماضي مجرد خبر اقتصادي عابر، عندما قرر رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ أن يبيع أسهماً يملكها في بعض الشركات تفادياً لتضارب المصالح. قبل أن يتولى رئاسة الحكومة، كان الفخفاخ يدير مؤسسة اقتصادية وشريكاً في أخرى بحكم خبرته، وتخلى عن الإدارة عندما أوكلت إليه مهمة الحكومة، ولكنه لم يشرع في بيع أسهمه إلا منذ أيام، عندما خرجت أصوات تدعوه لذلك تجنباً لتضارب المصالح. رضخ رئيس الحكومة لهذه الدعوات، لكن المسألة قد لا تتوقف عند هذا الحد وقد تتعداها إلى محاسبته عن هذا التغافل.
في تطور آخر، اعتذر الفخفاخ منذ أسبوع تقريباً في حوار تلفزيوني، وأقرّ بالخطأ عندما سمح لأحد وزرائه بالتوجه إلى فرنسا لزيارة عائلته التي تركها هناك منذ تولي الوزارة، وواجه الفخفاخ وابلاً من الانتقادات لأنه منح وزيره حقاً لم يمنحه لعامة الشعب عندما فرض عدم التنقل بسبب كورونا.
تؤكد الحادثتان أن هناك مجتمعاً حيّاً متفطناً ويراقب الجميع، ويضغط حتى على كبار المسؤولين ويفرض عليهم تطبيق ما يفرضونه على الناس، وتؤكدان أيضاً أن الفخفاخ رجل لديه من الشجاعة ما يجعله يعترف بالخطأ علناً ويتراجع، ليثبت ذلك مرة أخرى أنها ثورة وتتطور، وتتقدم على الرغم من كل المشاكل. وبينما ينهال البعض على الثورة ويتوهمون إسقاطها ويحشدون الغالي لضربها، تجيبهم بأنها مستمرة وفي العمق، وتؤسس لنموذج حوكمة جديد، على الرغم من كل الفساد المتراكم والملفات العالقة والظروف الصعبة، ويزيد فيها منسوب الحرية بشكل مزعج أحياناً.
ينقل التلفزيون مباشرة جلسات مثيرة لأحزاب تتصارع ويخرج بعض قيادييها عن المألوف، ويعتقد التونسيون أن الغربال سيفصل بين البذور والحصى وبين ما ينفع الناس والشوائب التي لن تصمد. لعلها كلفة باهظة للتدرب على الخلاف، ولكنها في كل الأحوال ليست رصاصاً ولم تتحول إلى عنف بين الناس، وهم لم يُهجّروا من بيوتهم كما حدث في دول كثيرة، بل يتعلم أبناؤهم وتزخر أسواقهم بالخضر والغلال، وينتظرون الصيف للاحتفال كما اعتادوا كل عام.
حادثة الفخفاخ ليست مجرد تطور عابر، بل تؤسس لمنطق الفصل بين المسؤول والدولة، لا هي مزرعته الخاصة ولا هي شركة من شركاته، وإذا قبِل بالمسؤولية فعليه أن يتخلى عن كل شيء طيلة ولايته. وسيُحسب له أيضاً أنه يؤسس أيضاً لتقليد اعتذار المسؤول عن أخطائه والتراجع عنها لأن المسؤول لا هو نبي معصوم ولا هو قدّيس زاهد، خصوصاً إذا كان الشعب ينبض بالحياة، يرى ويراقب ويضغط.
في تطور آخر، اعتذر الفخفاخ منذ أسبوع تقريباً في حوار تلفزيوني، وأقرّ بالخطأ عندما سمح لأحد وزرائه بالتوجه إلى فرنسا لزيارة عائلته التي تركها هناك منذ تولي الوزارة، وواجه الفخفاخ وابلاً من الانتقادات لأنه منح وزيره حقاً لم يمنحه لعامة الشعب عندما فرض عدم التنقل بسبب كورونا.
تؤكد الحادثتان أن هناك مجتمعاً حيّاً متفطناً ويراقب الجميع، ويضغط حتى على كبار المسؤولين ويفرض عليهم تطبيق ما يفرضونه على الناس، وتؤكدان أيضاً أن الفخفاخ رجل لديه من الشجاعة ما يجعله يعترف بالخطأ علناً ويتراجع، ليثبت ذلك مرة أخرى أنها ثورة وتتطور، وتتقدم على الرغم من كل المشاكل. وبينما ينهال البعض على الثورة ويتوهمون إسقاطها ويحشدون الغالي لضربها، تجيبهم بأنها مستمرة وفي العمق، وتؤسس لنموذج حوكمة جديد، على الرغم من كل الفساد المتراكم والملفات العالقة والظروف الصعبة، ويزيد فيها منسوب الحرية بشكل مزعج أحياناً.
ينقل التلفزيون مباشرة جلسات مثيرة لأحزاب تتصارع ويخرج بعض قيادييها عن المألوف، ويعتقد التونسيون أن الغربال سيفصل بين البذور والحصى وبين ما ينفع الناس والشوائب التي لن تصمد. لعلها كلفة باهظة للتدرب على الخلاف، ولكنها في كل الأحوال ليست رصاصاً ولم تتحول إلى عنف بين الناس، وهم لم يُهجّروا من بيوتهم كما حدث في دول كثيرة، بل يتعلم أبناؤهم وتزخر أسواقهم بالخضر والغلال، وينتظرون الصيف للاحتفال كما اعتادوا كل عام.
حادثة الفخفاخ ليست مجرد تطور عابر، بل تؤسس لمنطق الفصل بين المسؤول والدولة، لا هي مزرعته الخاصة ولا هي شركة من شركاته، وإذا قبِل بالمسؤولية فعليه أن يتخلى عن كل شيء طيلة ولايته. وسيُحسب له أيضاً أنه يؤسس أيضاً لتقليد اعتذار المسؤول عن أخطائه والتراجع عنها لأن المسؤول لا هو نبي معصوم ولا هو قدّيس زاهد، خصوصاً إذا كان الشعب ينبض بالحياة، يرى ويراقب ويضغط.