هل تنخرط روسيا في الصراع الليبي عبر تسليح حفتر لعرقلة مساعي التهدئة؟

13 ديسمبر 2017
موسكو تُقيم علاقات مع كل الأطراف الليبية (الأناضول)
+ الخط -
أعلنت روسيا أنها ستقوم بكل ما يلزم لتسهيل التوصّل إلى اتفاق بين طرفي النزاع في ليبيا من أجل إنهاء الأزمة السياسية في البلاد، كاشفة انعقاد جولة جديدة من المحادثات بين الأطراف الليبية، ستجرى الأسبوع المقبل، وأكدت دعهما مسار اللقاءات السياسية من أجل وضع حلول للأزمة الليبية. في وقت تعتبر ليبيا بالنسبة إلى روسيا هدفاً لطموحاتها وسعيها إلى مراكمة نفوذ أكبر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.


تصريحات وقرارات الكرملين طوال فترة الأزمة الليبية كانت تشير دوماً إلى أنها لا تُريد الانخراط بكل ثقلها في ذاك البلد المنقسم، وهي تدعم لهذا الغرض اللواء المتقاعد خليفة حفتر المسيطر على الشرق الليبي، وتحتفظ في الوقت ذاته بعلاقة مع خصومه في غرب البلاد. وتشير تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأخيرة إلى أن موسكو لا تخجل من دعم حفتر، على الرغم من أن الانتخابات العامة قد لا تسمح له بالفوز بسبب فقدانه كثيراً من شعبيته، لكن موسكو لا تزال تعتبره رجلها الأقوى في ليبيا وتسعى لإظهاره شريكاً مناسباً للعالم في الحرب على الإرهاب.

وإن كان دعم حفتر يخدم مصالح روسية من خلال إذكاء الصراع، تستطيع روسيا تصوير دعم تغيير النظم السياسية في دول العالم بالسلاح، على غرار ما تفعله في شرق أوكرانيا من دعمها الانفصاليين واحتلال شبه جزيرة القرم، وخطابها الإعلامي القائم على أن الغرب لن يجلب إلا الفوضى.

لكن هناك علاقة أخرى تربط روسيا بحفتر، وهي علاقتها مع القاهرة، الراعي الرسمي لحفتر، وتحاول موسكو تمتين علاقتها بالقاهرة من أجل هذا الموضوع.

في يونيو/ حزيران من العام الماضي، قدّمت روسيا أربعة مليارات دينار ليبي دعماً مالياً لحفتر، من خلال سماحها للبنك التابع لمجلس النواب الداعم لحفتر بطباعة الدينار الليبي في مصانعها، وهو دعم وصف بـ"غير الشرعي"، تم بقنوات غير رسمية.

ومنذ تلك الفترة أخذت علاقات موسكو مع حفتر نشاطاً غير مسبوق، فقد استقبلت حفتر مرات عدة شخصياً أو من خلال ممثله الخاص عبد الباسط البدري السفير الليبي في الرياض، ليتوج الدعم الروسي بظهور علني لحاملة الطائرات الروسية "كوزنستوف" بالقرب من إحدى قواعد حفتر العسكرية شرق البلاد، إذ عقد حفتر اجتماعاً على متنها مع وزير الدفاع الروسي شويغو.

وليس خفياً أن حفتر كان يطمح إلى الحصول على الدعم العسكري العلني كما هو الحال مع نظام بشار الأسد في سورية، لكن الجانب الروسي لا يبدو متحمّساً لرفعه إلى مستوى الحليف المعلن على غرار الأسد، فاستقباله في كل المرات التي زار فيها موسكو لم يكن بصفته قائداً عاماً، كما أن مطالبته روسيا بالسعي إلى رفع حظر توريد السلاح عن ليبيا، لم يلق قبولاً، لكنها وردته بالسلاح عن طريق مصر.

أكثر من ذلك، فقد أشارت تقارير إلى وصول فنيين روس إلى ليبيا لإصلاح آليات عسكرية صناعة روسية لقوات حفتر، لا سيما الطائرات، كما أن قوات روسية خاصة حضرت في شرق ليبيا إلى جانب فرنسا لدعم قتاله ضد خصومه إبان احتلاله منطقة الهلال النفطي في مارس/ آذار الماضي، على الرغم من تأكيد موسكو أن قواتها الخاصة موجودة لحماية فنييها فقط.

في الوقت نفسه، تحتفظ روسيا بصلات مع خصوم حفتر غرب البلاد، فقد استقبلت رئيس حكومة الوفاق فايز السراج ونوابه أحمد معيتيق المنحدر من مصراته، كما أن وفداً من مصراته هو الآخر استُضيف من قبل في موسكو. حتى فصيل حكومة الإنقاذ التابع للمؤتمر الوطني العام أشارت تصريحات وزير الخارجية الروسي في مناسبات سابقة إلى تواصل معه، وفي كل المرات تعلن موسكو عن دعمها خيار السلام والتفاوض في البلاد من أجل إنهاء أزمتها.

إزاء هذه السياسة الغامضة لموسكو في ليبيا، يمكن التكّهن بأنها لا تسعى إلى التورط في الصراع مباشرة، لكنها تستخدم حفتر وسيلة ضغط على الأوروبيين وكل مهتم بالشأن الليبي. هي تقول من خلاله إن خيار تقديم السلاح له باقٍ، وبالتالي فإذا رغبت الدول الأوروبية والغربية في تجنّب قيام حرب جديدة عليها إشراك موسكو كطرف مؤثر في أية مفاوضات.