وقالت الصحيفة إن الجنرالين سليماني وفورزنده نفذا عمليات إيران بالعراق من خلال "فرقة الموت الذهبية" التي شكلاها لتعقب وقتل العراقيين الذين يعملون مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وطاردوا أولئك الذين يُعتبرون معادين للنفوذ الإيراني، وقاموا بتهريب الجواسيس والمال، والأسلحة إلى داخل العراق حيث زرعوا الفوضى، بحسب الصحيفة.
ووفقا لوثائق حصلت عليها الصحيفة من الحكومة الأميركية فإن فورزنده قام بعمله في العراق تحت إشراف سليماني بين عامي 2000 و2010 من خلال تدبير عمليات ضد الأميركيين والقوات العراقية المتحالفة معها.
وتقدم الوثائق، التي تم رفع السرية عنها وحصلت عليها الصحيفة بموجب حرية المعلومات، تفاصيل جديدة عن حملة للعنف في العراق وتلميحات إلى أن الرجل الذي ساعد إيران على قتل مئات الأميركيين خلال حرب العراق ربما لم يكن قد تقاعد بالفعل منذ سنوات، لكنه استمر في التشاور مع رئيسه السابق سليماني بعد فترة طويلة من انتهاء الحرب.
وقال أفشون أوستوفار، الباحث في كلية الدراسات العليا البحرية الأميركية: "على الرغم من أن قاسم سليماني كان مهندس هذه الاستراتيجية الأوسع، إلا أن مساعديه الأقل شهرة هم الذين أداروا العمليات وأشرفوا عليها". وتابع "كان فوروزنده أحد كبار قياديي "فيلق القدس" في الميدان في العراق، لكن اسمه لم يكن معروفًا في ذلك الوقت".
وقال العقيد دونالد بيكون، رئيس العمليات الخاصة والمعلومات الاستخباراتية للتحالف، في مؤتمر صحافي عام 2007، إن "وحدة رمضان" الإيرانية هي المنظمة التي تقوم بعمليات هنا في العراق، وتابع "إنهم الأشخاص الذين يهربون الأسلحة ويمولون ويساعدون في تنسيق متطرفي المليشيات العراقية في إيران لتدريبهم ومن ثم إعادتهم إلى العراق".
وكانت "وحدة رمضان" هي وحدة "فيلق القدس" المسؤولة عن التسبب في الفوضى في العراق بحسب الصحيفة، وعلى الأقل لبعض الوقت كان فورزنده قائد هذه الوحدة، التي يعود تاريخها إلى الحرب العراقية الإيرانية. وكان فورزنده يعمل في قيادة الفجر ومقرها في الأهواز بإيران، وهي التي تولت عمليات في البصرة وجنوب العراق.
وتوضخ الوثائق الأميركية بالتفصيل العملية التي استهدفت من خلالها "فرقة الموت الذهبية" التي تشرف عليها إيران، الاغتيالات ضد العراقيين الذين اعتبرتهم إيران "عقبات".
وتكشف الوثائق الأميركية أن "الوحدة تتكون من قيادة المخابرات الإيرانية التي تقدم التوجيه والتمويل للعراقيين الذين تم تجنيدهم من جيش المهدي، وفيلق بدر، وحزب الفضيلة، وأحزاب شيعية ومليشيات عراقية أخرى تقوم بعملية الاغتيال. العمليات ضد أعضاء حزب البعث السابقين، والعراقيين الذين يعملون مع قوات التحالف، والعراقيين الذين لا يدعمون النفوذ الإيراني في العراق".
وبحسب الصحيفة البريطانية نفسها، قام الضباط الإيرانيون بنقل أعضاء عراقيين من فرق الاغتيال إلى الأهواز بإيران، مقر قيادة فجر رمضان، للتدريب. شملت الدورة التي استمرت 10 أيام تعليمات من الضباط الإيرانيين حول "جمع المعلومات لدعم استهداف قوات التحالف في العراق والاغتيالات واستخدام أنظمة إطلاق النار غير المباشرة مثل صواريخ الكاتيوشا وقذائف الهاون". كما دربت إيران وكلاءها على استخدام "ما يوصف بأنه متفجرات متطورة للغاية يمكنها اختراق دروع قوات التحالف"، في إشارة واضحة إلى المقذوفات إيرانية الصنع المتفجرة التي قتلت وشوهت المئات من الجنود الأميركيين.
عندما يحين الوقت لتحديد أهداف الفرقة، يقوم ضباط "فليق القدس" بوضع خطة لتحديد المستهدفين مع منح "العملاء العراقيين" دورا في عملية التنفيذ، وفقًا للوثائق، إذ "يُسمح للعراقيين الذين هم عملاء للإيرانيين بإعداد قوائم بالعراقيين الذين سيتم اغتيالهم". وتزعم الوثائق نفسها أن "معظم هؤلاء العراقيين المرخص لهم باتخاذ القرارات بشأن المستهدفين بالاغتيال هم أعضاء في الحكومة العراقية وقوات الأمن".
كما يرشح ضباط المخابرات الإيرانيون أهدافهم الخاصة للاغتيال، ثم يتم تسليم القائمة إلى أحد أعضاء "مليشيا بدر" المدعومة من إيران. يوصف الضابط الإيراني الذي تجاوز الأهداف - تم تنقيح اسمه في التقرير - بأنه "إيراني فارسي يجيد اللغة العربية واللهجة الجنوبية العراقية بفضل السنوات التي قضاها في العراق".
لم يشمل هؤلاء الذين تم اغتيالهم، البعثيين السابقين فقط، بل العراقيين الذين عملوا مع التحالف المدعوم من الولايات المتحدة. وتروي الوثائق كيف أن أحد ضباط "فيلق القدس"، المكلف بقيادة "فجر رمضان" في جنوب العراق، يدير عميلاً عراقياً قام بتصوير مخبرين للتحالف في الحرس الثوري. ثم يقوم ضابط "فليق القدس" الذي لم يكشف عن اسمه، بـ"التقاط الصور" للعراقيين المطلوبة رؤوسهم بسبب معارضتهم لإيران.
في حالة واحدة على الأقل، ذُكر أن فورزنده تدخل لمساعدة أحد حلفائه من المليشيات بعد أن قبض عليه التحالف.
يُزعم أن مهدي عبد المهدي الخالصي كان يدير مليشيا منتدى الولاية، وهي مليشيا شيعية صغيرة تدعمها إيران متورطة في قتل عدد من المسؤولين البعثيين السابقين وهجوم على قوات التحالف. وعندما اعتقل مسؤولو التحالف الخالصي في عام 2005، بدأ كبار المسؤولين العراقيين بالضغط على التحالف للإفراج عنه.
وبحسب برقية سرية سربها "ويكيليكس" تبين أن المخبرين أبلغوا الولايات المتحدة بأن الخالصي كان على اتصال مع فورزنده حول الهجمات على القوات البريطانية في محافظة ميسان العراقية عبر البرقيات المشفرة في وقت مبكر من عام 2003. بعد اعتقاله، تقول برقية منها إن فورزنده سمح بإنفاق ما يصل إلى نصف مليون دولار لضمان الإفراج عن الخالصي، وإن كبار قادة الحكومة الانتقالية العراقية تلقوا مكالمات هاتفية طلبا للمساعدة.