اتفاق التبو والطوارق بالدوحة: رحلة الألف ميل لتحقيق السلام

24 نوفمبر 2015
أُبرم اتفاق السلام برعاية قطرية (وكالة الأنباء القطرية)
+ الخط -
أنهى اتفاق وُقّع في الدوحة، أمس الاثنين، بين ممثلين عن قبائل التبو وممثلين عن قبائل الطوارق، وبرعاية قطرية، عامين من الاقتتال الدامي بين القبيلتين، أوقع أكثر من ثلاثمئة قتيل وألفي جريح من الطرفين، وهجّر مئات العوائل الليبية من مناطقها.

جرت المفاوضات، بين ممثلين عن القبيلتين في الدوحة على مدار عام كامل، حيث لم يعلن عن هذه المفاوضات إلاّ لحظة توقيع الاتفاق، الذي يعد بداية رحلة الألف ميل، لتحقيق السلام ليس في الجنوب الليبي، فحسب، بل في جميع أنحاء ليبيا.

وتعود جذور المُشكلة بين القبيلتين، إلى مشاجرة بين أفراد أمن من قبائل الطوارق، ومواطنين من قبائل التبو، ازدادت حدتها لتصل إلى اشتباكات مسلّحة، بعد قيام مسلحين ينتمون للتبو، بالهجوم على مركز الأمن الوطني (مركز شرطة)، تسيطر عليه جماعة مسلّحة تابعة للطوارق.

الطوارق قبائل من الرحّل والمستقرين يعيشون في صحراء الجزائر، ومالي، والنيجر وليبيا وبوركينا فاسو، أمّا قبائل التبو (غير عربية) فهم مجموعة من القبائل البدوية تسكن جنوبي ليبيا، وشمالي النيجر، وشمالي تشاد.

ووفق مراقبين متابعين للملف الليبي، فإنّ الدوحة، من خلال هذا الاتفاق، أرسلت أكثر من رسالة، إلى مختلف الأطراف الليبية، وإلى دول الجوار الليبي، وأيضاً إلى الفاعلين الأقليمين في الأزمة الليبية؛ مفادها أن الحوار المباشر، وغير المشروط بين الأطراف هناك، هو الطريق الأقصر لتحقيق السلام في ليبيا وإنهاء الفوضى، والانفلات الأمني، وأن أبوابها مفتوحة لجميع الأطراف للحوار والتفاوض، لتحقيق السلام في ليبيا.

وبحسب بيان صحافي، بثته وكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا)، بعد ساعات من توقيع اتفاق المُصالحة الشامل، بين قبيلتي الطوارق والتبو، فإن قطر تتطلع "لأن تدفع هذه المصالحة لمزيد من الوفاق والوحدة بين أبناء الشعب الليبي والحفاظ على أمن واستقرار البلاد".

وكان مساعد وزير الخارجية القطري لشؤون التعاون الدولي، الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، الذي حضر توقيع الاتفاق، قد اعتبر في تصريحات صحافية، أنّ "حل الصراع في الجنوب، يُشكل نقطة بداية لإحلال السلام في ليبيا"، مثمناً في الوقت نفسه، مواقف دول الجوار، خاصة الجزائر والنيجر في إنجاح المساعي القطرية، لإحلال السلام في الجنوب الليبي.

وينص اتفاق المصالحة، الذي ستتولى مراقبة تنفيذه لجنة حكماء، وقف نهائي لإطلاق النار بين الطرفين، وعودة النازحين والمهاجرين من أهالي مدينة أوباري إلى ديارهم، وفتح الطريق العام إلى المدينة، وإنهاء المظاهر المسلّحة كافة في المدينة.

ويعدّ الاتفاق الذي وقع في الدوحة من قبل رئيس وفد قبائل الطوارق، أبوبكر الفقي، ورئيس وفد قبائل التبو، علي سيدي آدم، ضوءا في نفق الأزمة الليبية، التي طالت وتسببت في انقسام البلاد، وتوقف عملية بناء الدولة، بعد ثورة 17 فبراير، والتخلص من نظام العقيد معمر القذافي.

وسيشكل الاتفاق بين الطوارق والتبو، في حال نجاح تنفيذه، تجربة يمكن الاحتذاء بها، في باقي المناطق الليبية، ويساهم في دعم جهود الأمم المتحدة، والمبعوث الدولي الجديد، الألماني مارتن كوبلر، في إنهاء الانقسام في البلاد، وإعادة الأمن والاستقرار إليها.

المساهمون