"الجبهة الشمالية"... توحيد المعارضة لمواجهة أطماع ثلاثية في حلب

14 مايو 2016
صدّت المعارضة هجمات عدة للنظام (محمد كركاس/الأناضول)
+ الخط -
تحاول المعارضة السورية تغيير موازين القوى على الأرض لصالحها، إذ تخوض معارك وصفها مراقبون بـ"الشرسة" شمال سورية ضد قوات النظام ومليشيات مدعومة من إيران، والوحدات الكردية، وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في وقت تحدّث فيه كبير المفاوضين في وفد المعارضة إلى جنيف، محمد علوش، عن توقعات بظهور تكتلات جديدة لفصائل المعارضة شمال البلاد. وأكد علوش في تصريحات تلفزيونية، أن المعارضة "لا تزال صامدة"، مشيراً إلى أن "بمقدورها استعادة زمام المبادرة"، وأنّ هناك سعياً حثيثاً من قوى المعارضة المسلحة لـ"إعادة رصّ صفوفها". وأوضح علوش أنّ "السوريين لن يرضخوا لمساومات سياسية وفرض أجندات مقابل الحفاظ على أرواحهم".

وتؤكد مصادر عسكرية مطلعة أن التشكيل الجديد سيضم كبرى الفصائل العسكرية المقاتلة تحت مسمّى "الجبهة الشمالية"، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن ينشئ كل من "جيش الإسلام"، و"أحرار الشام"، و"نور الدين زنكي"، و"فيلق الشام" هذه الجبهة الجديدة. وتلفت المصادر العسكرية إلى "الانسجام الموجود بين هذه الفصائل، وخصوصاً لجهة الهدف والمسعى". وتبدي المصادر خشيتها من إفشال أطراف دولية مسعى توحيد فصائل المعارضة شمال سورية "لأن ذلك ربما ينسف ترتيبات هذه الأطراف التي تحاول إبقاء الوضع في سورية من دون حسم عسكري لتُدخل البلاد في دوامة صراعات لا تنتهي في المدى المنظور". وتشير المصادر إلى أن الإعلان عن توقّع ظهور التشكيل الجديد جاء بالتزامن مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن استعداد بلاده لـ"تطهير" الحدود مع سورية من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ما يشير إلى أن التشكيل الجديد "ربما يتولى إدارة مناطق شمال سورية بعد طرد التنظيم منها"، وفقاً للمصادر.

من جهته، يعتبر المتحدث باسم "جيش المجاهدين" في حلب، النقيب أمين أحمد ملحيس، أن وحدة الفصائل شمال سورية "تعد بادرة جيدة في الوقت الراهن"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "جيش المجاهدين يؤيد أي تجمع واندماج لصالح الثورة". ويرى مراقبون للمشهد السوري أن المعارك المندلعة شمال سورية، خصوصاً في مدينة حلب وريفها، ستحدد مصير سورية راهناً ومستقبلاً، وأن التشكيل الجديد هو خطوة في طريق توحيد جهود المعارضة المسلحة المبعثرة، خصوصاً أن نُذُر "المعركة الفاصلة" في حلب بدأت بالظهور.

وتحدّث رئيس وفد المعارضة السورية المفاوض أسعد الزعبي، منذ أيام، عن أن الروس والإيرانيين يستعدون لشن هجوم كبير على حلب لمحاصرتها، ومن ثم استعادة السيطرة على الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة غرب وشرق المدينة وفي بلدات وقرى أريافها.

واستطاعت المعارضة، خلال الأيام القليلة الماضية، طرد قوات نظام الأسد والمليشيات المقاتلة إلى جانبها في أكثر من معركة داخل حلب وريفها، إذ فرّت هذه القوات أمام ضربات المعارضة من مخيم حندرات، شمال حلب، في مشهد يعيد للأذهان هروبها العام الماضي من محافظة إدلب بالكامل. كما أعلنت المعارضة تصديها لمحاولة من قوات النظام للتقدم في حي الراشدين، غرب حلب، أمس الأول الخميس، وأكدت مقتل أكثر من خمسين من القوات المهاجِمة. كما تصدت لهجوم على بلدة خان طومان على الرغم من الغارات الجوية المكثفة من طيران النظام والمقاتلات الروسية. كما كان لسيطرة المعارضة على بلدة خان طومان، جنوب غرب حلب، منذ أيام، ومقتل وإصابة وأسر عدد من المستشارين العسكريين الإيرانيين وقع الهزيمة على طهران التي بدأت تتحدث عن "انتقام" مقبل من فصائل المعارضة.

وتكثر في الشمال السوري الفصائل التي تقاتل قوات النظام وحلفاءه، و"داعش". وحاولت هذه الفصائل، على مدى سنوات، الاندماج ضمن تشكيل واحد جامع، لكنها كانت تفشل في مساعيها، الأمر الذي كان يصب لصالح قوات النظام والمليشيات التي تقدمت في بداية فبراير/ شباط الماضي تحت غطاء جوي روسي وحربي في مناطق سيطرة المعارضة في شمال حلب. واستطاعت المليشيات فتح طريق باتجاه بلدتي نبل والزهراء، في شمال حلب، وسيطرت وحدات "حماية الشعب" الكردية على مناطق عدة كانت بيد المعارضة، ومنها مدينة تل رفعت، ومطار منغ العسكري. كما استفادت الوحدات الكردية من غطاء جوي روسي، ولا تزال تحاول السيطرة على طريق الكاستيلو الذي يعد شريان مناطق المعارضة في مدينة حلب امتداداً إلى ريفها، وقطعه يمهّد الطريق أمام حصار حلب بشكل كامل.

وتعدّ كل من "الجبهة الشامية"، و"أحرار الشام"، و"كتائب الصفوة"، و"جيش المجاهدين"، وحركة "نور الدين الزنكي" من أبرز التشكيلات العسكرية في حلب وريفها، إلى جانب تجمع "استقم كما أمرت"، و"الفرقة 16"، و"جبهة أنصار الدين"، و"كتائب أبو عمارة"، و"الفوج الأول"، و"لواء ثوار الشرقية"، و"أحفاد حمزة"، و"لواء السلطان مراد". كما تنشط "جبهة النصرة"، و"جند الأقصى"، و"لواء الحق"، و"ثوار الشام" في محيط حلب، فضلاً عن "لواء الفتح"، و"فيلق الشام".

ورحّب رئيس المجلس العسكري الثوري السابق في حلب، العميد زاهر الساكت، بمسعى توحيد الفصائل شمال سورية ضمن غرفة عمليات واحدة، مشيراً لـ"العربي الجديد"، إلى أن تحضيرات النظام وإيران لشن هجوم على مدينة حلب "يستدعي توحيد الصفوف لصد الهجوم، وقلب موازين القوى لصالح المعارضة السورية". 

وتواجه حلب وريفها العديد من التحديات التي تهدد فصائل المعارضة السورية المختلفة داخلها، إذ إنّ قوات النظام والمليشيات ليسوا الأعداء الوحيدين للمعارضة. فتنظيم "داعش" يسيطر على ريف حلب الشرقي وبعض من ريفها الشمالي، وهو ليس بعيداً عن مدينة حلب، إذ يتمركز بعض مقاتليه في مدرسة المشاة العسكرية (15 كيلومتراً شمال شرق حلب). كما تهدد وحدات "حماية الشعب" الكردية المتمركزة في حي الشيخ مقصود على أطراف مدينة حلب الشمالية، بقطع الطريق الوحيد الذي يربط حلب بريفها، وهو طريق الكاستيلو.

كما لا تخفي هذه الوحدات أطماعاً لها في ريف حلب الشمالي، في محاولة منها لوصل مناطق نفوذها شمال سورية، في مسعى لإنشاء "كانتون" كردي. ولا تتوقف محاولات هذه الوحدات التقدم شمال حلب بعد سيطرتها على مدينة تل رفعت، إذ تتطلع للسيطرة على مدينة أعزاز التي تعد اليوم أبرز معاقل المعارضة شمال سورية.  ويؤكد أحد القادة في "الجيش السوري الحر" أن شمال سورية "بأمسّ الحاجة لقيادة عسكرية واحدة"، مشيراً لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الظروف الراهنة والضغط الشعبي المتزايد يدفع بهذا الاتجاه".

المساهمون