الانتخابات في العراق: تجار ومقاولون يدعمون حملات المرشحين

11 مارس 2018
مبالغ طائلة تصرف على حملات المرشحين (فرانس برس)
+ الخط -

مبالغ ضخمة تنفقها أحزاب وشخصيات سياسية لخوض الانتخابات في العراق، هذا ما يتضح في كل دورة انتخابية، سواء كانت الانتخابات المحلية أو التشريعية المرتقبة خلال أقل من شهرين.

فالإعلانات المكثفة التي تبثها وسائل الإعلام بشكل مستمر، والحملة الدعائية في الشوارع، وتوزيع هدايا ثمينة لوجهاء وزعماء قبليين سعياً لكسب ودهم، وتنظيم مبادرات واحتفالات ومباريات رياضية ومهرجانات وغيرها العديد من الفعاليات التي تصب في الدعاية الانتخابية للحزب أو المرشح، جميعها تنفَق عليها مبالغ طائلة، وتنتشر في جميع مدن البلاد.

وتستعد الأحزاب في العراق لخوض الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في مايو/أيار المقبل.

وفيما تتجه باستمرار أصابع المواطنين إلى المسؤولين واتهامهم بالفساد الذي من خلاله تمكنوا من جمع مبالغ ضخمة يتم إنفاقها على دعايات انتخابية لهم ولأحزابهم وأتباعهم، تشير مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد" إلى أن أغلب المرشحين وكبار السياسيين لا ينفقون على دعاياتهم الانتخابية، وأن هناك من يقف وراء ضخ المال للحملات الدعائية.

وكشف تاجر عراقي لـ"العربي الجديد" أن من يموّل العديد من الدعايات الانتخابية في العراق هم تجار ومقاولون، تربطهم علاقات مع سياسيين وكتل حزبية، والغاية من هذا الدعم هو حصولهم على عقود تجهيز ومقاولات مستقبلاً من الشخص الذي تم دعمه.

وأوضح التاجر، ويدعى محمد العبيدي، وهو مقيم في إسطنبول: "سبق لي أن حصلت على عقود تجهيز لمؤسسات حكومية"، من دون أن يفصح عن نوعية المواد التي جهزها، لكنه أكد بالقول "كنت أحصل على العقود من خلال علاقاتي بأحد أحزاب السلطة"، رافضاً الكشف عن اسم الحزب.

العبيدي يقول إن "الأمر ليس سراً، جميع العقود والمشاريع تحال لمستثمرين وشركات ومقاولين وتجار مرتبطين بأحزاب وشخصيات في الحكومة، وهناك نسبة تُدفع لهذا الحزب أو الشخصية الحكومية".

ويشير إلى أنه "من صالح هذه الشركات والتجار والمقاولين أن يفوز في الانتخابات من تربطهم به علاقة".

وأضاف: "الحملات الدعائية العملاقة التي تشهدها البلاد في كل فترة انتخابية في أغلبها تمول من قبل تجار ومقاولين وأصحاب شركات، ففوز هذا السياسي يعني فوز الشركة الفلانية، وفوز سياسي آخر يعني فوز المقاول أو التاجر الفلاني، وهكذا".



ودفعت مصالح أصحاب رؤوس الأموال المنتفعين من وجود سياسيين بعينهم في السلطة، إلى أبعد من دعم الحملات الانتخابية. ذلك ما أكده مصدر سياسي مطلع، يقول إنه كان شاهداً على مشاجرة بين سياسيين وصلت إلى عراك وإطلاق نار في الهواء، بعد أن اشترى أحد هؤلاء السياسيين تسلسل رقم (1) في قائمة انتخابية.

وقال السياسي، الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفاً على سلامته، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن "من يدفع ملايين الدولارات لدعم سياسي سعياً للحصول على مقاولات وعقود بطرق فاسدة فإنه يقتل أيضاً، وأعرف مسؤولين تم تهديدهم لمجرد أنهم تحدثوا للصحافة عن مشاريع فساد".

وتحدث المصدر عن مشاجرة وقعت مؤخراً، وتناولها الإعلام المحلي، وصلت إلى حد الاشتباكات بالأيدي وإطلاق العيارات النارية، بين أعضاء بالبرلمان من محافظة ديالى (57 كلم شمال شرق بغداد) يرمي إطلاقات نارية في الهواء للتهديد، بسبب التسلسل رقم واحد في القائمة الانتخابية، التابعة لكتلة ائتلاف الوطنية.

وقال المصدر إنه "بحسب الاتفاق كان تسلسل رقم واحد في محافظة ديالى من نصيب حزب الوفاق، وذهب للمرشح عبد الله حسن الجبوري، لكن ما جرى أن المرشح رقم 7 رعد حميد كاظم الدهلكي، التابع لحزب الجبهة العراقية للحوار الوطني، اشترى التسلسل رقم واحد، بمبلغ مليون دولار، وعلى إثر هذا الأمر نشب نزاع بين المرشحين، وهم بالأساس أعضاء في مجلس النواب".

وتابع: "لكن ما لا يعرفه سوى هؤلاء المرشحين والمقربين منهم، أن تاجراً هو من دفع مبلغ المليون دولار للمرشح الجبوري لكي يتخلى عن التسلسل رقم واحد للمرشح الدهلكي".

وقال: "كثيرون غيري يعلمون من هو هذا التاجر، والعلاقة التي تربطه برعد الدهلكي، لا سيما أن الدهلكي يشغل منصب رئيس لجنة الهجرة والمهجرين في مجلس النواب، وهذا التاجر هو من يجهز السلة الغذائية للمهجرين".

ونتج عن سيطرة تنظيم (داعش) الإرهابي والأحداث الأمنية التي سبقتها، حصول عمليات هجرة واسعة للسكان من مناطق مختلفة، لا سيما مدن في شمالي وشرقي البلاد، تكفلت الدولة وجهات مدنية محلية وعالمية بدعمهم.

ولطالما كُشفت فضائح تتعلق بفساد في عقود حكومية تخص تجهيز المهجرين.