ليبيا: خلافات و"تململ" بالموقف الدولي وسط نجاح "الرئاسي" بسرت

28 مايو 2016
جولات السراج الخارجية لم تصل بحكومته لبرّ الأمان(فرانس برس)
+ الخط -

لازال الغموض يلفّ المشهد السياسي الليبي بعد اكتمال شهرين على تمكن المجلس الرئاسي من دخول العاصمة طرابلس بدعم دولي واضح.

فبعد أن حصد رئيس حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، تأييدا دوليا واضحا، تنامى ليصل إلى "شبه إجماع" في مؤتمر "فيينا" الذي عقد موخرا، زار عددا من العواصم العربية، لا سيما التي تعكس مواقفها دعما واضحا للبرلمان في طبرق، لكن تلك الزيارات لم تصل بالمجلس الرئاسي إلى بر الأمان.

فعلى الصعيد الداخلي، دخلت الأزمة السياسية الليبية مفترقا جديدا، بعد اندلاع خلاف بين المجلس الرئاسي في طرابلس ومسؤولين تابعين للبرلمان في طبرق خلال اليومين الماضيين، بشأن شرعية إقدام محافظ البنك المركزي، التابع لطبرق، على طباعة كميات جديدة من العملة الليبية.

وجاءت حرب البيانات بين محافظ البنك في البيضاء، الواقعة شرق البلاد، والمجلس الرئاسي بُعيد انتهاء السراج من زيارة عدد من العواصم العربية لحشد الدعم لحكومته.

واعتبر المجلس الرئاسي، في رسالة وجهها إلى السفير الأميركي لدى ليبيا، أن العملة النقدية التي طبعها المحافظ علي الحبري "مزورة"، وهي الرسالة التي أثارت جدلا واسعا في أوساط البرلمان، حيث أكد الحبري، في رده، أن العملة المطبوعة في روسيا تتطابق مع مواصفات العملة الليبية، نافيا ما اعتبرها "مزاعم المجلس الرئاسي" بأن الغاية من طباعة كميات جديدة من العملة الليبية هي تمويل حكومة البرلمان.

من جانبها، استنكرت لجنة شؤون الخارجية بالبرلمان ما جاء في بيان السفارة الأميركية حول اتفاقها مع وجهة نظر المجلس الرئاسي بشأن طباعة العملة المحلية الجديدة واعتبارها "مزورة"، حيث اعتبرت رسالة المجلس الرئاسي للسفارة الأميركية "استقواء بالأجنبي" واستدعاء للتدخل الأميركي في الشؤون الداخلية للبلاد.

عربيا، رشحت أنباء عن أن زيارات السراج إلى القاهرة وأبوظبي والرياض تحديدا جاءت نتائجها على غير المأمول، فرغم تأكيد مسؤولي هذه الدول دعمهم للمجلس الرئاسي، إلا أنهم طالبوه بضرورة التمسك بــ"الأطر الدستورية"، في إشارة إلى ضرورة حصوله على ثقة البرلمان، بل أعلنت الإمارات صراحة أن دعم حكومة السراج مشروط بموافقة البرلمان الذي يترأسه عقيلة صالح، والمعرض للعزل وتقزيم صلاحيته من قبل بعض الأطراف الدولية.

ويعكس اشتراط هذه الدول موافقة البرلمان على الحكومة عدم ثقتها بقدرة السراج على إدارة الملف الليبي، لاسيما بعد تقارب بين مجموعات مسلحة، على رأسها "المجلس العسكري لمصراتة"، وحكومة السراج، وهي مجموعات تعتبرها "مليشيات" يجب حلها ومنعها من ممارسة أي دور في البلاد.

وعلى الصعيد الدولي، عكست تصريحات مسؤولين إيطاليين تغيّرا في موقف إيطاليا إزاء المجلس الرئاسي بطرابلس، وربما هي الأخرى بدت تشكك في قدرة السراج على تولي إدارة الملف الليبي، بحيث نقلت الصحف بالبلد كلاما لوزير خارجيتها، باولو جنتليوني، يطالب فيه "الرئاسي" بضرورة تأمين قدر من الاستقرار الفعلي في البلاد.


وحث جنتليوني، في تصريحات صحفية أمس الجمعة، المجلس الرئاسي على الحصول على موافقة "مجلس النواب والأمم المتحدة" قبل تقدمه بطلب تدريب "قوات الحرس الرئاسي"، في إشارة إلى حثه على الحصول على ثقة البرلمان لحكومته.

وفي خطوة أخرى مفاجئة، طالب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الإيطالي، بيير فرديناندو كازيني، الجنرال المتقاعد خليفة حفتر بالسعي لتعزيز تعاونه مع حكومة الوفاق.

وبحسب وكالة الأنباء الإيطالية، قال كازيني: "يجب أن يكون للجنرال حفتر دور في ليبيا الجديدة، ولكن ليس دور المهيمن".

وتعتبر إيطاليا من أبرز الدول الداعمة للمجلس الرئاسي، وإبان إعلان المجلس عن تشكيل قوة "الحرس الرئاسي" اعتبرته "القوة الشرعية الوحيدة في ليبيا" التي يمكن دعمها للحرب على الإرهاب. 

ميدانيا، أفادت مصادر محلية من بنغازي بتوقف القتال الدائر فيها بين مقاتلي "مجلس شورى بنغازي" والقوات الموالية لحفتر منذ ليلة أمس. ونقلت المصادر لــ"العربي الجديد" استمرار سيطرة مقاتلي "مجلس الشورى" على كامل منطقة القوارشة دون أن تحقق قوات حفتر أي تقدم يذكر.

وفي سرت وسط البلاد، قال المتحدث باسم عملية البنيان المرصوص، محمد الغصري، لــ"العربي الجديد"، إن قواته أحرزت مزيدا من التقدم وتمكنت من السيطرة على المحطة البخارية الواقعة على بعد 20 كلم من منفذ سرت الغربي.

وأوضح الغصري أن قوات "البنيان المرصوص" صدت محاولة لمقاتلي "داعش" للتقدم مساء أمس، بحيث طاردت عناصر "داعش"، وتمكنت خلال المطاردة من السيطرة تماما على المحطة البخارية.

وبخصوص صباح اليوم السبت، قال المتحدث: "الاشتباكات على الأرض متوقفة خلال هذه الساعات، ولكن سلاح الجو لا يزال يراقب المنطقة بشكل مكثف، واستهدف ليل البارحة معسكرا بمنطقة الظهير كان مقاتلو التنظيم يتخذونه مكانا لتخزين معداتهم العسكرية".