لم ينجح اللواء الليبي خليفة حفتر في مسعاه لاحتلال طرابلس، وسقطت كل أوهامه بمحاصرتها وإسقاطها سريعاً كما فعل في مناطق ليبية عديدة. ومع الأيام يتضح لكل المراهنين عليه أن الحلّ العسكري في ليبيا غير مجدٍ، ولا يمكن أن يقود إلى إحلال السلام حول آبار البترول والغاز وغيرها من الموارد، التي يتلهفون لاستخراجها ونقلها سريعاً إلى مصانعهم بأبخس الأثمان. وفي الأثناء، يؤكد وزير الخارجية التونسية خميّس الجهيناوي، أن عدد القتلى وصل لنحو 500 ونحو 2000 جريح. الجهيناوي خرج عن هدوئه المعروف، وقال لوكالة "سبوتنيك" الروسية، إنه "من غير المعقول أن يتواصل القتال في بلد عربي أساسي في إطار الجامعة العربية والاتحاد المغاربي ونحن صامتون"، مضيفاً أنه "يتواصل يومياً مع كل المعنيين بالملف: المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، وكذلك مع الدول الفاعلة، ووزير الخارجية الفرنسي، ووزير الخارجية الإيطالي، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، وأكد الجميع أنه لا حلّ عسكرياً في ليبيا".
لكن الجهيناوي يفسر القصة بكل يسر، عندما يؤكد من بروكسل أن "تونس تتواصل مع جميع الأطراف في ليبيا، ونحن لا نرشح طرفاً على آخر، ونحن لدينا هدف واحد هو إحلال السلام لجارتنا ليبيا". وهذا هو مربط الفرس، لأن لكل واحد من هؤلاء الذين تحدث الجهيناوي إليهم، طرفاً في ليبيا يدعمه على حساب آخر، وله هدف آخر غير إحلال السلام في هذا الوطن المسكين، الذي لم يهنأ منذ سنوات بلحظة راحة واحدة، ويُشرد بين البلدان ولا يجد حتى طبيباً ليداوي مرضاه، ويقطع مئات الكيلومترات للقيام بذلك.
ويتضح مع الأيام أيضاً، أن الخلاف الفرنسي الإيطالي الأميركي حول ليبيا ليس في قابل الحلّ قريباً، ما يؤكد ما ذهب إليه مراقبون كثر من أن الحرب على طرابلس ستكون طويلة. لكن هذه المدينة ليست وحدها، وهناك أيضاً أطرافاً تدعمها، وسكانها وشبابها يدافعون عنها، ولكن هذا المأزق الدولي ينذر بالأخطر؛ تقسيم ليبيا. وهناك مخاوف من أن هذا الأمر يرشح عن أحاديث ليبية كثيرة في تونس، لأن من المستحيل بقاء الأمر على ما هو عليه، وعندئذ فليفرح داعمو حفتر، ولكن مرة أخرى ستلاحقهم دماء الأبرياء في ليبيا إلى أبد الآبدين.