اقتتال "أحرار الشام" و"الهيئة" في إدلب: احتمال "شلال الدم"

20 يوليو 2017
ضحايا جراء استهداف أحد مقرات "حركة أحرار الشام"(عبيدة فضل/الأناضول)
+ الخط -
ليست المواجهات التي تواصلت طوال أمس الأربعاء بمناطق واسعة في محافظة إدلب الأولى من نوعها بين "حركة أحرار الشام" من جهة، و"هيئة تحرير الشام"(التي تُشكل جبهة النصرة عمادها) من جهة أخرى، لكنها تُعتبر الأوسع جغرافياً، والأكثر شراسة عن سابقاتها، بما يوحي أن المعركة التي سعى الجانبان طويلاً إلى تجنبها بالسابق قد بدأت. وربما لا تنتهي هذه المواجهات العسكرية كما سابقاً، بعقدٍ صلح هش، ترعاه وساطات محلية؛ إذ إن ظروف وسياقات اندلاعها مختلفة عن المواجهات السابقة، لكونها تأتي بالتزامن مع ترتيباتٍ لتنفيذ اتفاقية مناطق "تخفيف التصعيد"، التي تعتبر كامل محافظة إدلب ومحيطها التي تسيطر عليها المعارضة، هي المنطقة الأولى بين المناطق الأربع.

الاشتباكات بين الطرفين، التي توسعت أمس في مشهدٍ غير مسبوق، كانت بدأت منذ الثلاثاء. وقالت "أحرار الشام" إن "الهيئة" هي من بدأت الاعتداءات عندما قامت "قوات تابعة لهيئة تحرير الشام بالبغي على حاجز بلدة حزارين التابع للحركة، بدون أي مبرر أو حادثة سابقة لها" لتتوسع الاشتباكات لاحقاً وتشمل بلداتٍ وقرى في محافظة إدلب، الأمر الذي أدى لسقوط قتلى بينهم مدنيون.


وتوسعت الاشتباكات لتصل إلى مدن سراقب والدانا وسرمدا وبلدات عدة في جبل الزاوية، إضافة إلى مناطق في ريف حلب الغربي. كما فجّر شخصان يرتديان حزامين ناسفين نفسيهما أمام مقر لـ"حركة أحرار الشام الإسلامية" في بلدة أرمناز بريف إدلب، ما تسبب في مقتل خمسة مدنيين كحصيلة أولية وإصابة العشرات بجراح متفاوتة.

وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إنّ "الإصابات تم نقلها إلى المستشفيات الميدانية القريبة"، مرجحة ارتفاع عدد القتلى بسبب الإصابات الحرجة. وفيما لم تنجلِ صورة المشهد الميداني بوضوح حتى مساء أمس الأربعاء، إذ بسطت "الهيئة" سيطرتها على منطقة صوامع الحبوب قرب مدينة سراقب، وبلدات عزمارين، بينما فرضت "حركة أحرار الشام" سيطرتها على قرى وبلداتٍ شمالي إدلب. كما أمّنت معبر باب الهوى بأعداد كبيرة من مقاتليها.

وبحسب مصادر محلية في محافظة إدلب، فإن نحو خمسة ألاف مقاتلٍ من "حركة أحرار الشام"، توزعوا في مناطق قرب معبر باب الهوى، لحمايته من أي هجومٍ قد تشنه "هيئة تحرير الشام" بهدف السيطرة على المعبر الحدودي مع تركيا، والذي أعلنت السلطات التركية إغلاقه من الجانب التركي، اليوم الخميس وغداً الجمعة، لأغراض الصيانة.

يتضح من هذه الاشتباكات أن "حركة أحرار الشام" تسعى إلى تأمين المناطق الحدودية مع تركيا لكي تبقى بعيدة عن هذه المعارك فيما يُعتقد أن "الهيئة" تحاول التمركز في مناطق حدودية لعرقلة أي دخول عسكري تركي على الخط، مع اقتراب التوصل لتنفيذ الترتيبات المتعلقة بمناطق تخفيف التصعيد، وبعيداً عن خارطة توزع نقاط الاشتباك، فإن هذه المواجهات عموماً أصابت الحياة بالشلل في أغلب مناطق إدلب.

وخرجت تظاهرات في بلدات عدّة بإدلب، طالب فيها المتظاهرون بخروج "هيئة تحرير الشام" من مناطقهم وإيقاف الاقتتال مع "أحرار الشام" وإنهاء المظاهر العسكرية وتجنيب المدن تبعات وويلات هذه المواجهات، في حين أعلنت إدارة التعليم العالي في جامعة إدلب، تأجيل الامتحانات إلى يوم يُحدد لاحقاً.

وبعيداً عن الروايات العديدة من طرفي القتال حول الأسباب المباشرة في بدء إطلاق النار بالمعركة الحالية، وهي حوادث إطلاق نار على حواجز أو احتجاز لمقاتلين، إلا أن الاحتقان أخذ بالتصاعد بين الطرفين منذ أشهر. وتفاقم منذ ما بعد إقرار اتفاقية مناطق "تخفيف التصعيد" في محادثات "أستانة" في الأسبوع الأول من شهر مايو/أيار الماضي.

وفي نهاية يناير/كانون الأول الماضي، أعلن عن تشكيل "هيئة تحرير الشام"، وتشكلت عبر انضواء "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقاً) مع مجموعات أخرى بينها "حركة نور الزنكي" في "الهيئة" الوليدة، التي انضم إليها ما يعرف بالشخصيات "الصقورية" في "حركة أحرار الشام"، وأبرزهم القائد الأسبق لـ"احرار الشام" هاشم الشيخ.

ومنذ أسابيع، تبنت "حركة أحرار الشام"، رفع العلم الذي تعتبره قوى الثورة في سورية رمزاً لها، وهو العلم الذي يعلوه اللون الأخضر وتتوسطه ثلاث نجمات حمراء فوق اللون الأبيض، الذي يندرج تحته اللون الأسود، واتخذه الجيش الحر منذ تأسيسه علماً رسمياً له، وكان قبل ذلك يُرفع في التظاهرات السلمية.

ومنذ أسبوعين رفعت "أحرار الشام" هذا العلم على سارية ضخمة في معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا وفي مناطق أخرى بمحافظة إدلب، وذلك ضمن خطوات عديدة اتخذتها الحركة منذ إعلانها "ميثاق الشرف الثوري" في مايو/أيار سنة 2014، وإبدالها لشعار "مشروع أمة" بـ"ثورة شعب".

وأعلنت العديد من المجالس والقوى السورية المعارضة رفضها لهذا القتال الحاصل في شمالي سورية، متخوفة من "شلال دم" في محافظة إدلب.

وفي هذا السياق، اعتبر "المجلس الإسلامي السوري" في بيانٍ له، أمس الأربعاء، أن "الهيئة" تعتدي على "فصائل الثورة السورية بشكل متكرر". ودعت إلى وجوب أن يتم مؤازرة "أحرار الشام" في هذه المعركة، كما طالب عناصر "الهيئة" بالانشقاق عنها.