مؤتمر جنيف اليمني: 28 مايو موعد مبدئي

19 مايو 2015
تبدلت العديد من المعطيات على مدى الأسابيع الماضية(فرانس برس)
+ الخط -
بدا المشهد اليمني، أمس الاثنين، منقسماً بين الميداني والسياسي؛ فمع انتهاء الهدنة الإنسانية ليل الأحد، عادت الغارات الجوية إلى سماء المدن الجنوبية خصوصاً، بينما ينهي مؤتمر الحوار في الرياض أعماله رسمياً، اليوم الثلاثاء، بمجموعة قرارات يرى بعضهم أنها ستكون مجرد سقف للتفاوض في مؤتمر حوار الأمم المتحدة بعد أيام، من جهة، ومن يصرّ من جهة ثانية على أنّ القرارات التي تخرج، اليوم، عن المؤتمرين هي قرارات للتنفيذ، أكان حيال ما يتعلق بإسقاط الانقلاب، أو إعادة بناء أسس الدولة اليمنية. وفي هذا السياق، يكشف قيادي في الحراك الجنوبي لـ"العربي الجديد" أن مؤتمر الحوار المنوي عقده تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف على الأرجح، سينظم في 28 مايو/أيار الحالي، على الرغم من المعارضة الخليجية له، وهو ما ترجم بالاعتراضات العلنية التي أعرب عنها عدد من المتحدثين في افتتاح مؤتمر الرياض يوم الأحد، خصوصاً على كلام المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد.

اقرأ أيضاً خريطة "إنقاذ اليمن": مقررات الرياض ومجلس الأمن مرجعية للمفاوضات

وبحسب القيادي الجنوبي نفسه، فإنّ مؤتمر الحوار برعاية الأمم المتحدة بات مطلباً أميركياً مباشراً لا تعرب قيادات خليجية عديدة عن ارتياحها حياله. وهو ما يجعل مسؤولين خليجيين يربطون عقده من عدمه بالتطورات الحربية التي يمكن أن تطرأ إلى حين انعقاد المؤتمر المذكور نهاية الشهر الحالي. وعن هذا الموضوع، يجزم القيادي الجنوبي بأن الأميركيين "يرفضون رفضاً مطلقاً" أي تدخل بري لقوات التحالف العشري في اليمن، على اعتبار أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تعوق بالكامل أي مسعى للحل السياسي.
وعن البيان الختامي الذي يصدر، اليوم الثلاثاء، يشدد القيادي في "الحراك" أنه لن يتضمن بنداً ينص على "حق تقرير المصير للجنوب"، كاشفاً أن هذا البند طرحه بالفعل رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العطاس، خلال اجتماعات اللجنة التحضيرية قبل أن يعترض بشدة القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام (حزب علي عبدالله صالح) أحمد بن دغر (الجنوبي أيضاً)، وهو ما دفع بالعطاس إلى سحب طلبه. يقدم القيادي الجنوبي البارز قراءة متشائمة للغاية إزاء الوضع العسكري في الجنوب، إذ لا يستبعد أن تسقط عدن بالكامل في يد الحوثيين وحلفائهم من جماعة المخلوع علي عبدالله صالح، بما أن خط الإمدادات العسكرية مفتوح أمام هؤلاء من البيضة إلى أبين. وبحسب القيادي نفسه، فإنّ وضع المقاتلين الرافضين للانقلاب، سيئ في عدد كبير من جبهات الجنوب، لافتاً إلى أن أقوى الجبهات حيث للحراك الجنوبي حضور حالياً، هي الضالع. وهنا، لا يوفّر القيادي الجنوبي أطراف الشرعية المقيمين في الرياض بغالبيتهم من انتقاداته الحادة، إذ لا يملك هؤلاء قوة حقيقية على الأرض، بينما يكاد الطرف الآخر (تحالف الانقلاب) يملك أوراق القوة كافة.

ويأتي اختتام المؤتمر، اليوم الثلاثاء، الذي انعقد حصراً بمشاركة أنصار الشرعية أو من لحق بهم، وسط تباين في الآراء تجاه الحوار الذي دعا إليه المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد. ولاقت الدعوة معارضة من العديد من الشخصيات المناصرة للشرعية، رأت أن عدم إدانة الجانب الأممي لانقلاب الحوثيين بشكل مباشر، أمر يعرقل حسم الأزمة ويطيل أمدها، ويمكن أن يستفيد منه الحوثيون وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، في المراوغة والإصرار وتحدي الشرعية.

في المقابل، ترى وجهة النظر الأخرى والأطراف غير المشاركة في الرياض، أن انعقاد المؤتمر الذي يختتم أعماله اليوم، ليس خطوة مفصلية بقدر ما هو تلبية دعوة تغيرت معطياتها مع بدء العمليات العسكرية التي تشارك فيها خمس دول في مجلس التعاون، ما جعل لقاء الرياض في الأخير، مؤتمراً للأطراف المساندة للشرعية. وهو الأمر الذي يجعل الحوار برعاية الأمم المتحدة هو النقطة المفصلية، التي سيشارك فيها مختلف الأطراف، ومن الصعب على الأمم المتحدة إرضاء الجميع. وفيما تتعالى أصوات في أوساط المشاركين بمؤتمر الرياض برفض حوار الأمم المتحدة، قلل مراقبون من إمكانية تحول هذه الدعوات إلى قرارات.

وثيقة الرياض

ومن المقرر أن يخرج مؤتمر الرياض الذي انعقد تحت شعار "إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية"، بوثيقة ملزمة للأطراف المشاركة، تدعم شرعية الرئيس، عبدربه منصور هادي، وتؤكد إسقاط الانقلاب، وتمثل مرجعية جديدة في المرحلة الانتقالية، سيطالب المشاركون في المؤتمر، اعتمادها كسقف لأي حوار ترعاه الأمم المتحدة. وطرح في جلسة الأمس، مشروع الوثيقة المقرر إصدارها اليوم رسمياً. وتعتمد الوثيقة المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية (اتفاق نقل السلطة في 2011)، بالإضافة إلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني (مارس/آذار2013، وحتى يناير/كانون الثاني 2014)، وقرارات مجلس الأمن بما فيها القرار 2216 الذي يطالب الحوثيين بالانسحاب من المدن ويمنع وصول الإمدادات إليهم.
وتضيف المسودة نقاطاً هامة، أبرزها إسقاط الانقلاب بكافة الوسائل العسكرية والسياسية، ودعم "المقاومة الشعبية" وتوسيعها في كل مناطق اليمن و‏تشكيل نواة جيش وطني للدفاع عن الشرعية ومؤسسات الدولة، فضلاً عن "استيعاب أفراد المقاومة الشعبية ضمن هياكل ‏الجيش والأمن". كما تضمن المسودة دعوة إلى حشد المزيد من الدعم العربي والدولي ضد الانقلابيين ومطالبة المجتمع الدولي بعدم التعامل معهم، وغير ذلك من القرارات التي تعكس هوية المؤتمر المحصور في الأطراف المناهضة لانقلاب تحالف الحوثيين وصالح.
ومن أبرز ما جاء في المسودة، قرارات من شأنها إسقاط الحصانة التي كانت ممنوحة للرئيس المخلوع ومن عملوا معه في نظامه خلال فترة حكمه، وفقاً للمبادرة الخليجية (2011)، إذ تؤكد مسودة وثيقة الرياض على استبعاد كافة الشخصيات السياسية الضالعة في "تقويض العملية السياسية"، ومحاسبة الانقلابيين والمسؤولين عن إشعال الحرب.
وفي هذا الصدد، أكد المستشار السياسي للرئيس اليمني، عبدالكريم الإرياني، في جلسة المناقشة الخاصة بالمسودة، أن الحصانة التي "أنا أحد المشمولين بها" (أي الإرياني) كانت لما قبل التوقيع على المبادرة 23 نوفمبر/تشرين الثاني2011، أما بعدها فيحاسب الجميع".
وبشكل عام، تركز الوثيقة على استعادة "الدولة" ومواجهة المليشيات، وتقفز على اتفاق "السلم والشراكة" الذي وُقع في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، وهو اليوم الذي سيطر فيه الحوثيون على صنعاء. وكان قد منح الجماعة العديد من الميزات وأقر إعادة النظر في بعض القضايا الخلافية الخاصة بمخرجات مؤتمر الحوار.
وفيما يخص الخطوات السياسية المقبلة، تعتمد الوثيقة مخرجات الحوار الخاصة بالدولة الاتحادية ومسودة الدستور حولها، مع عمل آلية لتنفيذها. كذلك من المتوقع أن تتضمن الوثيقة النهائية تشكيل لجنة متابعة لتنفيذ مقررات مؤتمر الرياض.

اقرأ أيضاً: هدنة الأيام الخمسة في اليمن شكلية... بفعل المليشيات
المساهمون