العراق: مليشيات "الحشد" تحتجز مئات المدنيين الفارين من الفلوجة

05 يونيو 2016
عدد الرجال المعتقلين في الفلوجة بلغ أكثر من500(فرانس برس)
+ الخط -
أكدت مصادر أمنية عراقية أن قوات الجيش العراقي ومليشيات "الحشد الشعبي" تحتجز مئات الرجال الفارين من مدينة الفلوجة وأطرافها، في مواقع خاصة، وتعاملهم كـ"متهمين خطيرين"، ومدانين بالتعاون مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).  

وتوصل "العربي الجديد" إلى معلومات مؤكدة من جهات أمنية تفيد بأن عدد الرجال والشباب الذين هربوا من الفلوجة واعتقلتهم القوات العراقية والمليشيات بلغ أكثر من 500، بينهم مرضى. 

ولفت مصدر أمني، طلب عدم الكشف عن هويته، أن الفارين يتم حجزهم في مواقع خاصة كانت تابعة للتصنيع العسكري السابق، بمنطقة عامرية الفلوجة، مؤكداً أنهم يتلقون معاملة سيئة، حيث كشف أن الموقع الخاص، الذي يحتجز به هؤلاء الأشخاص، عبارة عن "قاعات كبيرة بلا وسائل تبريد، في وقت تتجاوز الحرارة 40 درجة مئوية، فيما يعطى في اليوم الواحد لكل خمسة أشخاص قنينة ماء صغيرة بسعة لتر واحد، مع وجبة طعام واحدة فقط"، وأنه يتم معاملة المحتجزين كـ"متهمين وعناصر في داعش".


وفي هذا الصدد، قال الناشط في مجال حقوق الإنسان، جمال العزاوي، لـ"العربي الجديد"، إن "معلومات تفيد بأن المدنيين الهاربين من مدينة الفلوجة ومناطق الصقلاوية والكرمة، إن كانوا رجالاً دون الخمسين عاماً، وشباباً أصحاء غير معاقين، يتم ترحيلهم إلى مناطق أخرى، بعد توقيفهم لفترة قليلة، حوالي يوم أو اثنين"، لافتاً إلى أن "حجز الهاربين في موقع بعامرية الفلوجة إنما يكون بشكل موقت، يتم فيه تجميع الرجال الهاربين من مناطق سيطرة "داعش"، ثم ترحيلهم إلى أماكن لا يتم الإفصاح عنها، لكن إشارات تفيد بأن المليشيات تتحكم بمصيرهم، وأنهم ينقلون إلى محافظات أخرى".  

وأضاف العزاوي: "هروب المدنيين مستمر. الرجال همهم إنقاذ نسائهم وأطفالهم وكبار السن والمرضى، لذلك يجازفون ويخرجون معهم، لأجل إيصالهم بأمان وسط قصف مكثف، لكن القوات العراقية تعتقلهم وتفرقهم عن ذويهم"، مشيرا إلى أن "كل أهالي الفلوجة صاروا متهمين و"إرهابيين" حتى يثبتوا عكس ذلك، وهذه كارثة كبيرة"، مبيناً أن "جهات ومنظمات دولية ومحلية تحاول متابعة هذه القضية والعمل على وقف هذه الانتهاكات". 

وتتعرض الفلوجة، الواقعة 62 كيلومترا غرب بغداد، لقصف متواصل ومكثف بصواريخ تطلق من مناطق في محيطها، فيما يواصل الطيران الحربي العراقي وطيران التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، قصفه الجوي على المدينة.  

وأدى قصف المدينة المتواصل إلى حصول وفيات ومصابين بأعداد كبيرة، لا توجد بشأنها إحصائية رسمية موثقة حتى الآن، لكن مصادر من داخل المدينة تشير إلى أنها بلغت مئات القتلى والجرحى، جلهم من الأطفال والنساء وكبار السن. 

وفضل المدنيون الفرار من المدينة لـ"الحفاظ على حياة النساء والأطفال والشيوخ والمرضى، التي صارت مهددة بالموت في أية لحظة"، بحسب قولهم.  

وتشهد الفلوجة، منذ أطلق رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في 23 مايو/أيار الماضي، معركة لـ"تحريرها" من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، هروباً جماعياً من سكانها المدنيين؛ بسبب القصف العنيف الذي يتعرضون له من قبل القوات العراقية والمليشيات.  

وكانت القوات العراقية والمليشيات فرضت سيطرتها على منطقتي الكرمة والصقلاوية وقرى كانت تحت سيطرة تنظيم "داعش" منذ انطلاق المعركة.   

ووفقاً لمصادر أمنية في الجيش العراقي، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن العائلات في قرى بمناطق الكرمة والصقلاوية هربت باتجاه القوات العراقية طالبة الأمان، مؤكدين أنه تم عزل النساء والأطفال وكبار السن والمرضى في مخيمات خاصة، والرجال والشباب في مواقع أخرى. 

يذكر أن مدينة الفلوجة، التي سيطر عليها تنظيم "داعش" منذ عامين، تعاني منذ نحو عام من ارتفاع في نسبة القتلى والمرضى، حيث تتعرض المدينة لقصف من قبل المليشيات والقوات العراقية التي تحيط بالمدينة وتفرض حصاراً عليها. 

وبفعل الحصار، خلت المدينة من الدواء والغذاء، ما أدى إلى ارتفاع حالات الوفيات والأمراض المختلفة.