تقييد "المجتمع المدني": مشروع قانون جديد أمام البرلمان المصري

13 نوفمبر 2016
أصوات تعتبر نشاط منظمات المجتمع المدني غير مُجرّم(محمد الشامي/الأناضول)
+ الخط -
يناقش مجلس النواب المصري بجلسته المقررة غداً الإثنين، تقريراً مشتركاً عن لجنتي التضامن الاجتماعي، والشؤون الدستورية، بشأن إصدار تشريع جديد لإحكام الرقابة على عمل الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، ومصادر تمويلها، تمهيداً لإقرار القانون، بصفة نهائية، قبل نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. وعقدت لجنة التضامن الاجتماعي جلستي استماع أمس السبت، مع رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب واتحاد الجمعيات الأهلية (حكومي)، وعدد من الاتحادات النوعية، لبحث ملاحظاتها على مشروع القانون، بعدما انتهت اللجنة من مناقشة مواده، وهو المقدم من ائتلاف الأغلبية (دعم مصر)، وحمل توقيع 204 نواب. ووضع القانون المُعد من التكتل المحسوب على الأجهزة الأمنية، آليات للرقابة على منظمات المجتمع المدني، وتمويلها الخارجي، من خلال إنشاء جهاز قومي يضم ممثلين عن أجهزة الأمن المختلفة، ووزارتي العدل والخارجية، على أن تختص وزارة التضامن بمتابعة نشاطاتها، على اعتبار أنها الجهة الإدارية المنوطة القيام بذلك. وألزم القانون مسجلي الجمعيات بفتح حساب مصرفي موحد بأحد البنوك الخاضعة لرقابة البنك المركزي المصري، مع جواز حلها استناداً إلى أحكام قضائية، وإسناد أموالها إلى صندوق دعم الجمعيات الأهلية التابع للحكومة.

وفي إطار الرقابة السابقة على تأسيس المنظمات، يمنح القانون وزارة التضامن حق رفض تسجيلها خلال ثلاثين يوماً بعد تقديم الطلب. ويكفل القانون للوزارة الحق بإصدار مذكرة مُسببة، في حال عدم اكتمال أوراق إخطار المنظمات المعنية، أو إذا اعتبرت الوزارة أحد أهدافها مخالفة للقانون. ويمكن منح المنظمة 60 يوماً لتعديل نظامها الداخلي، أو الطعن بقرار الوزارة أمام محكمة القضاء الإداري.

وقال رئيس لجنة التضامن بالبرلمان، عبد الهادي القصبي، إن المجلس النيابي تأخر في التصدي لملف تمويل منظمات المجتمع المدني من الخارج، بهدف النيل من الدولة المصرية، والتدخل في شؤونها الداخلية، وفق تعبيره. وأشار إلى أن القانون ينص على غرامة تبدأ من 50 ألف جنيه (3125 دولاراً) لتصل إلى مليون جنيه (62500 دولار) عن كل مخالفة إدارية لتلك المنظمات. وأضاف لـ"العربي الجديد" أن البرلمان لن يقبل بقانون يسمح للجمعيات الأهلية بالعمل ضد أمن مصر القومي، لافتاً إلى وجود أدوات رقابية عدة لمتابعة مصادر تمويل الجمعيات، وسبل إنفاقها، لضمان عدم استغلال أنشطتها في تأليب الخارج على الأوضاع الداخلية للبلاد.


من جهته، دان النائب المستقل، سمير غطاس، ممارسات رئيس البرلمان، علي عبد العال، وتعمّده عدم إحالة القانون إلى لجنة حقوق الإنسان، أو النظر في طلب أعضائها بالمشاركة في مناقشات القانون، على الرغم من أنه يدخل في اختصاصاتها. وأكد أن قانون الأغلبية يهدف إلى مصادرة الأموال التي يوفرها الدعم الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني في مصر. وأكد لـ"العربي الجديد" أن التمويل الخارجي لمنظمات المجتمع المدني غير مُجرّم، وفق نصوص قانون 84 لسنة 2002، طالما يأتي عبر قنوات شرعية، وتحت نظر الأجهزة المعنية. وشدد على ضرورة طرح مواد القانون للنقاش المجتمعي أطول فترة ممكنة، وعدم الاستعجال في إصداره، حتى لا تتعرض مصر لانتقادات دولية على خلفية مواده.

واعتبر الناشط الحقوقي، نجاد البرعي، أن القانون الجديد "أسوأ من القانون القائم، لتشابه نصوصه مع القانون رقم 32 الصادر عام 1964"، منوهاً إلى أن نصوصه "تقمع العمل الأهلي، وتعود بمصر إلى حقبة الستينيات، في ظل وضع الجمعيات تحت مظلة الحكومة وأجهزة الأمن، وجعلها جزءاً من الدولة، بما يُفقدها استقلاليتها". وكانت الحكومة المصرية أعلنت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن انتهائها من إعداد مشروع قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وإحالته إلى البرلمان، بعد مراجعة مجلس الدولة (جهة قضائية)، بهدف وضع حد للطابع العشوائي لعمل تلك الجمعيات، ووضع أُطر تنظيمية لها، في ضوء خطط الدولة واحتياجات المجتمع المحلي.

وجمد النظام أموال 1055 جمعية أهلية منذ إطاحة الرئيس محمد مرسي، منتصف عام 2013، والتي كانت معنية بتقديم الرعاية لملايين الفقراء من المصريين في عدد من المجالات والخدمات التي تعجز الحكومة عن توفيرها، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، تضرب البلاد منذ تولي رئيس النظام، عبدالفتاح السيسي، مقاليد الحكم.
المساهمون