وفاة عبد الرحمن اليوسفي قائد تجربة التناوب التوافقي في المغرب

29 مايو 2020
تعرض اليوسفي للاعتقال والسجن والنفي (فرانس برس)
+ الخط -
توفي الوزير الأول الأسبق المغربي عبد الرحمن اليوسفي، صباح اليوم الجمعة، في مدينة الدار البيضاء، عن عمر يناهز 96 سنة، بعد صراع طويل مع المرض. 

اليوسفي، الذي أعلن اليوم الجمعة عن وفاته، كان قد نقل خلال فترة الحجر الصحي أكثر من مرة إلى المستشفى، إلى أن تدهورت حالته الصحية الأسبوع الماضي، بعد شعوره بآلام على مستوى الصدر، قبل أن يتم إدخاله إلى العناية المركزة.

وعانى اليوسفي، منذ سنة 1955، من بتر على مستوى الرئة، كما أصيب بمرض السرطان، بالإضافة إلى جلطة دماغية إبان فترة حكومة التناوب.

ونعى حزب الاتحاد الاشتراكي، وكاتبه الأول إدريس لشكر، قائد "حكومة التناوب التوافقي"، إذ أشار لشكر، في تدوينة على "فيسبوك"، إلى "وفاة القائد الكبير والمجاهد الوطني الغيور سي عبد الرحمن اليوسفي، الذي فارقنا هذا اليوم بعد صراع مع المرض في الأيام الأخيرة".

وبوفاة اليوسفي يكون المغرب قد فقد آخر مهندسي حكومة التناوب (فبراير/ شباط 1998)، التي جنّبت المغرب في تسعينيات القرن الماضي "السكتة القلبية"، على حد تعبير الملك الراحل الحسن الثاني. ويوصف اليوسفي بـ"الرجل الوطني الذي دافع على تطور وضعية حقوق الإنسان بالمغرب والوطن العربي، وعن تطوير الممارسة الديمقراطية الفعلية، والدفاع عن حقوق المسحوقين والفقراء". 

وفيما كان أحد صناع التاريخ المغربي الحديث في فترة الاستعمار الفرنسي وبعده، يعتبر الوزير الأول الأسبق المغربي من أبرز المساهمين في انتقال سلس للعرش بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني واعتلاء الملك محمد السادس سدة الحكم.


وفي عام 2002، سيضطر اليوسفي إلى اعتزال العمل السياسي ومغادرة البلاد غاضباً، بعد أن اعتبر أن المغرب حاد "عن المنهجية الديمقراطية"، بعد تعيين الملك محمد السادس وزير داخليته السابق إدريس جطو، غير المنتمي لأي حزب، على رأس الحكومة، في وقت كان ينتظر أن يقودها حزب الاتحاد الاشتراكي بعد احتلاله المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية.

ومنذ عودته إلى المغرب، حظي الرجل بمكانة خاصة لدى العاهل المغربي، إذ أشرف هذا الأخير شخصياً على تدشين شارع باسمه في صيف 2016، وزيارته مراراً لحظة مرضه، كما تم إطلاق اسمه على فوج الضُباط الجُدد المتخرجين في أغسطس/ آب الماضي.

وبعدما آثر التواري عن الأنظار لسنوات، عاد اليوسفي في سنة 2018 للكشف عن أسرار إدارته حكومة التناوب التوافقي من خلال نشر مذكراته في كتاب بعنوان "عبد الرحمن اليوسفي: أحاديث في ما جرى". ورأى اليوسفي النور في 8 مارس/ آذار 1924 في مدينة طنجة (شمال)، ونال إجازة في القانون، فضلاً عن دبلوم الدراسات العليا في العلوم السياسية، ودبلوم المعهد الدولي لحقوق الإنسان.

وانخرط قائد حكومة التناوب في سن مبكرة في العمل السياسي، وهو لا يزال في ريعان شبابه عندما كان عمره 19 عاماً، تعرّض بعدها للاعتقال والسجن والنفي، إلى أن أصبح وجهاً من وجوه السياسة في المغرب.

دلالات