علم "العربي الجديد" من مصادر مطلعة مقربة من وفد المعارضة السورية، المفاوض في الجولة الأخيرة من مباحثات أستانة، أن القصف الأخير والحملة المكثفة التي تشنها روسيا وقوات النظام السوري على مدن وبلدات ريف إدلب الجنوبي، سببهما اعتراض وفد المعارضة على مطالب روسية، كان مندوبو الأخيرة قد طرحوها خلال الجولة الأخيرة من المفاوضات.
وأشارت المصادر إلى أن الجانب الروسي عرض سيطرة قوات النظام على كامل المنطقة الممتدة من سهل الغاب، انطلاقاً من قلعة المضيق وصولاً إلى ما قبل مدينة أريحا بكيلومترين، بما يتضمنها بعض القرى في جبل الزاوية، على أن تُفرغ مدينة أريحا كذلك من المقاتلين والسلاح ويقتصر وجود المعارضة فيها على النشاط المدني.
وأوضحت المصادر أن هذا العرض من الجانب الروسي يقابله إيقاف القصف على سراقب ومعرة النعمان وريفها ولا سيما الجنوبي منه، وحفظ الوضع فيهما على ما هو عليه، بمعنى عدم التقدم إليهما بعمل عسكري واسع، كما يلوح النظام والروس في الأيام الأخيرة، وفي الفترة التي سبقت الجولة الأخيرة من المفاوضات.
وأكدت مصادر "العربي الجديد" أن وفد المعارضة قد رفض هذا العرض بالمطلق، كونه يرى فيه قضماً جزئياً لما تبقى من منطقة "خفض التصعيد" التي تضم كامل إدلب ومحيطها من أرياف حلب الغربي واللاذقية الشرقي وحماه الشمالي، وهذا الأخير كان النظام قد تقدم إليه بدعم روسي منذ بداية نيسان/ إبريل من العام الحالي واستولى عليه بالكامل، رغم شموله باتفاقات مباحثات أستانة، واتفاق سوتشي بين الرئيسين التركي، رجب طيب أردوغان والروسي، فلاديمير بوتين، في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي.
وبيّنت المصادر ضمن مبررات وفد المعارضة لرفض العرض الروسي، أن وصول الروس والنظام إلى أريحا أو الوقوف على تخومها، يعني كشف جبل الزاوية أمامهم بشكل كامل، بعد الالتفاف عليه من الجهة الغربية، بالإضافة إلى كشف الطريق الواصلة إلى جسر الشغور، ما يسهل الانطلاق إليها من قبل الروس والنظام، علماً أن جسر الشغور إحدى أهم النقاط المستهدفة من هذه العملية، بحسب المصدر.
ولفتت المصادر كذلك إلى عدم وجود ضمانات حقيقية بالإبقاء على الوضع الحالي في معرة النعمان وسراقب، في حال كان وفد المعارضة قد قبل بهذا العرض، كون الروس والنظام خرقوا الكثير من الاتفاقيات السابقة، وضربوا بها عرض الحائط، ولاسيما خلال المعارك التي امتدت من نيسان/ إبريل وحتى آب/ أغسطس من العام الحالي والتي سيطروا فيها على حوالي 25 مدينة وقرية بين ريفي حماه الشمالي وإدلب الجنوبي، وكلها تقع ضمن منطقة خفض التصعيد، والتي كان آخرها مدينة خان شيخون جنوبي إدلب.
ويشن الطيران الروسي وذلك التابع لقوات النظام، حملة جنونية على معرة النعمان وريفها منذ صباح اليوم الأربعاء، مستهدفَين إياها بعشرات الغارات الجوية، بالإضافة إلى قصف مدفعي استهدف أحياء المدينة والقرى المحيطة بها بشكل مكثف.
وتأتي هذه الحملة استمراراً للحملة التي بدأت منذ أغسطس من هذا العام، بعد سيطرة النظام بدعم روسي على مدينة خان شيخون ومحيطها، رغم إعلان الجانب الروسي عن هدنة ووقفٍ لإطلاق النار في آخر الشهر ذاته، لم يطبقا على الأرض.
ويلوح النظام وروسيا برغبتهما بالسيطرة على معرة النعمان وسراقب، كمرحلة أولى من عملية واسعة للسيطرة على الطريق الدولي (ام 5) الواصل بين حلب ودمشق، ومن ثم الانطلاق عبر سراقب للسيطرة على الطريق الدولي (ام 4) الذي يبدأ من الحسكة مروراً بحلب ثم اللاذقية، حيث تشكل مدينة سراقب عقدة بين الطريقين.