في دراستها "العربية السعودية في المرحلة الانتقالية: من الدفاع إلى الهجوم، ولكن كيف تسجل الأهداف؟"، تشبه الباحثة الأميركية، كارين إليوت هاوس، العلاقة القائمة بين إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وحكم ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بالعلاقة الأميركية مع شاه إيران خلال سبعينات القرن الماضي، عندما أفلست صفقات السلاح الأميركية، وانخفضت أسعار النفط، الأمر الذي مهد الطريق أمام ثورة الخميني والإطاحة بنظام الشاه، وقيام "حكم إسلامي" في طهران معاد للولايات المتحدة.
وتجنّبت الخبيرة في الشأن السعودي، خلال ندوة نظمها معهد بروكينغز للأبحاث في واشنطن، وأدارها بروس ريدل، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، توقع حدوث ثورة ضد حكم آل سعود في المدى المنظور، على غرار الثورة على شاه إيران عام 1979.
تتناول الباحثة الأميركية في دراستها عن السعودية، والتي نشرها الشهر الماضي BELFER CENTER، ما عرف بـ"رؤية 2030" التي قدمها قبل عام ولي العهد السعودي بن سلمان.
ورجحت الباحثة الأميركية انتقال السلطة في حياة الملك الحالي، سلمان بن عبد العزيز، الذي بات على قناعة بأن الطريقة الوحيدة لانتقال الحكم إلى نجله، هي بتسليمه العرش وهو على قيد الحياة، بعد فشل الملك عبدالله بن عبد العزيز في توريث ابنه مقرن رغم تعيينه وليا للعهد، إذ إن استبعاد مقرن بن عبدالله من أولى الخطوات التي اتخذها الملك الجديد بعد وفاة الملك عبدالله.
وتلاحظ هاوس أن صغر سن ولي العهد ( 32 عاما) سيتسبب في أزمة كبيرة داخل العائلة الحاكمة في السعودية عندما يرث والده، ويصبح ملكا عليه تعيين ولي للعهد، حسب آلية الحكم السعودي.
وتتساءل الباحثة الأميركية عن هوية ولي العهد المقبل، وإلى أي جيل من أمراء آل سعود ينتمي: "هل يكون من الأبناء الذين ما زال عدد منهم على قيد الحياة؟ أم من الأحفاد؟ أم أبناء الأحفاد؟".
وقد اتفقت هاوس مع محاورها ريدل، على أن الخلافات داخل العائلة السعودية الحاكمة هي أكبر بكثير من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المجتمع السعودي بعد انخفاض أسعار النفط، وفشل مشروع محمد بن سلمان لخصخصة شركة أرامكو وبيع 5 % من أسهمها لمستثمرين أجانب.
وخلال زياراتها الميدانية لمناطق عدة في السعودية، لاحظت الباحثة الأميركية أن المواطنين السعوديين، بدأوا جديا في التفكير بشكل مستقل عن الحكومة في الخيارات المتاحة أمامهم لتأمين معيشتهم، ومع توجه الحكومة لفتح الأبواب أمام القطاع الخاص، ورفع الدعم عن السلع الأساسية، وخفض المعونات التي تقدمها للسعوديين.
وتخْلص هاوس إلى أن توقف الحكومة السعودية عن دفع الأموال للمواطنين، وتأمين وظائف لهم سيكون له تأثير كبير على الولاءات السياسية، واستمرار استقرار حكم آل سعود، خصوصا أن حملة الاعتقالات وإسكات الأصوات المعارضة التي شهدتها السعودية مؤخراً، جاءت على خلفية انتقادات لتوجهات محمد بن سلمان من قبل المؤسسة الدينية في السعودية وسياسات التقشف التي بدأت تطاول الحياة اليومية للمواطن السعودي، مع وصول نسبة البطالة بين الشباب السعودي تحت الثلاثين عاما إلى أكثر من اربعين في المائة.