وقالت الشرطة إن المواطنين امتلكا جوازَي سفر روسيين أصليين، ويُدعيان ألكسندر بتروف ورسلان بوشيروف، وقد قدما إلى بريطانيا على متن رحلة للخطوط الجوية الروسية "إيروفلوت" قبل عدة أيام من تنفيذ الاعتداء. وأكدت الشرطة امتلاك ما يكفي من الأدلة لتوجيه الاتهام إليهما.
وتحدثت رئيس الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، عن أدلة تشير إلى أن المشتبه بهما من ضباط المخابرات الروسية، متهمة الاستخبارات العسكرية الروسية بالوقوف خلف حالات التسميم بغاز نوفيتشوك.
أشارت ماي، في بيان عاجل أمام البرلمان، إلى أن عملية التسميم تمت الموافقة عليها من "جهات عليا"، مؤكدة أن "روسيا تسعى لإضعاف أمن بريطانيا"، وأن لندن "ستضغط لمزيد من العقوبات على روسيا".
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية: "استنادا إلى المخابرات، توصلت الحكومة إلى أن الشخصين اللذين ذكرت الشرطة و"سي.بي.إس" اسميهما ضابطان في جهاز المخابرات العسكرية الروسية المعروف أيضا باسم (جي.آر.يو)". وأضافت: "لم تكن عملية مارقة. تمت هذه العملية بكل تأكيد بموافقة من خارج (جي.آر.يو) على مستوى رفيع في الدولة الروسية".
وأوضح قائد شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية، نيل باسو، في بيان صحافي، أن الشرطة البريطانية تمكنت من تتبع تحركات المتهمين بتروف وبوشيروف منذ وصولهما إلى بريطانيا وحتى باب منزل سيرغي ويوليا سكريبال.
وأضاف: "تكشف تسجيلات كاميرات المراقبة أنهما كانا بالقرب من منزل السيد سكريبال، ونعتقد أنهما لوثا الباب الأمامي للمنزل بالنوفيتشوك. غادرا سالزبيري وعادا إلى محطة واترلو، ليصلا عند الساعة 4.45 بعد الظهر ويستقلا مترو لندن حوالي 6.30 مساء متجهين إلى مطار هيثرو. ومن هيثرو عادا إلى موسكو على متن رحلة ايروفلوت SU2585، والتي غادرت عند الساعة 10.30 مساء من يوم الأحد 4 مارس".
ونفى باسو وجود خطر على المسافرين على متن الرحلة ذاتها، إلا أنه أكد أن آثار نوفيتشوك تم العثور عليها في غرفة الفندق الذي أقام فيه المتهمان، ولكن بكميات ضئيلة جداً لا تهدد حياة المقيمين فيه.
وأكد أن تسمم كل من داون ستورغيس وتشارلي راولي كان بالمادة ذاتها، وأن تسمّمهما كان نتيجة عثورهما على زجاجة عطر تحمل المادة في إحدى سلال النفايات، مضيفاً أن "هذه الاستنتاجات جاءت بناءً على ما حصلت عليه الشرطة من راولي الذي تعافى من التسمم بالنوفيتشوك".
بدورها، قالت مديرة الخدمات القانونية في النيابة العامة البريطانية، سو هيمنغ: "لقد تمكنا في قسم مكافحة الإرهاب من الاطلاع على الأدلة ونستطيع أن نقول إنها كافية لرفع دعوى يمكن إثباتها، ومن المصلحة العامة أن نوجه الاتهام إلى ألكساندر بتروف ورسلان بوشيروف، وهما مواطنان روسيان".
وأضافت هيمنغ: "تشمل التهم التآمر ومحاولة قتل سيرغي سكريبال ويوليا سكريبال ونيك بيلي، واستخدام وحيازة نوفيتشوك في خرق لقانون الأسلحة الكيميائية، والتسبب بأذى جسدي شديد عمداً ضد كل من يوليا سكريبال ونيك بيلي".
كما أوضحت "بالطبع يعود الأمر لهيئة المحلفين لتقرر فيما إذا كانت الأدلة كافية لإدانة المتهمين. لن نتقدم بطلب اعتقالهما إلى روسيا كون الدستور الروسي لا يسمح بترحيل مواطنيها. كانت روسيا واضحة بهذا الشأن بعد عدة طلبات تقدمنا بها في حالات أخرى. وإذا تبدل هذا الوضع، فإننا سنتقدم بالطلب عندها".
وأكدت المتحدثة ذاتها أن "بريطانيا تقدمت بمذكرة اعتقال أوروبية، وهو ما يعني أنه في حال سافر الرجلان إلى دولة تعمل بموجب المذكرة الأوروبية فسيتم اعتقالهما وترحيلهما بناء على هذه التهم".
في المقابل، أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن الأسماء والصور التي نشرتها بريطانيا للمشتبه بهم في قضية سكريبال لا تعني شيئاً لموسكو، مؤكدة أن التحقيق في الجرائم الخطيرة التي تتحدث عنها بريطانيا يتطلب تحليلاً دقيقاً للبيانات وتعاوناً وثيقاً.
وقالت زاخاروفا للصحافيين، بحسب وسائل إعلام روسية "ظهرت في وسائل إعلام بريطانية تصريحات مسؤولين بريطانيين عن مشتبه بهم في قضية سالزبري وايمسبري، مع ربطهم بروسيا"، مشيرة إلى أن "الأسماء التي نشرت في وسائل الإعلام والصور أيضاً لا تعني لنا شيئاً".
وأضافت أن "التحقيق بمثل هذه الجرائم الخطيرة، التي تتحدث عنها بريطانيا مراراً، يتطلب عملاً وتحليلاً دقيقاً وتعاوناً وثيقاً".
من جهته، أعلن السكرتير الصحافي للرئيس الروسي، دميتري بيسكوف، اليوم، أن موسكو تنتظر من لندن معلومات واضحة ومفهومة على الأقل بشأن سيرغي سكريبال.
وكانت الشرطة البريطانية قد تعاملت مع حادثتين بالتسمم بمادة نوفيتشوك في مقاطعة ولتشير جنوبي إنجلترا.
ووقعت الحادثة الأولى في شهر مارس/ آذار في مدينة سالزبيري، حيث تعرض الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا للتسمم بمادة نوفيتشوك السامة للأعصاب، إضافة إلى الشرطي البريطاني نيك بيلي، ونجوا من الموت بأعجوبة.
أما الثانية فقد أسفرت عن وفاة داون ستورغيس، وتسمم صديقها تشارلي راولي، بعد أن التقطا جسماً ملوثاً بذات المادة السامة في سالزبيري، في شهر يونيو/ حزيران الماضي.
ووجهت بريطانيا الاتهام رسمياً إلى روسيا، وقادت حملة مقاطعة دبلوماسية ضد موسكو، تبعتها حزمة من العقوبات الاقتصادية، أدت إلى تدهور العلاقات المتوترة أصلاً بين روسيا والدول الغربية.