وأوضحت المصادر أن الأزمة بدأت مع استمرار المعارك من دون توقف ومن دون راحة للمقاتلين، في ظلّ إعطاء الأولوية بشأن انتظام المخصصات المالية للمقاتلين الأجانب، سواء الأفارقة أو السوريين والروس، خشية تمردهم، في حال تأخر مستحقاتهم. وأشارت إلى أن مخصصات الدعم المالي الآتي من الإمارات والسعودية بشأن رواتب المقاتلين يتم البدء في صرفها للمقاتلين الأجانب، بينما يتأخر الصرف للمقاتلين الليبيين لفترات تتجاوز الشهرين، بالإضافة إلى حصول المقاتلين الأجانب، وفي مقدمتهم السودانيون والتشاديون، على رواتب شهرية أكبر من نظرائهم الليبيين.
وأضافت المصادر أن استغاثة حفتر بكل من مصر والإمارات تركزت بالأساس على حلّ مشكلاته المتعلقة بالخسائر الميدانية، ومطالبته بضرورة توفير دفعات جديدة من المقاتلين الأفارقة المرتزقة، عبر اللجوء إلى نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الذي وصل عدد المقاتلين التابعين له في ليبيا إلى جانب حفتر إلى نحو 3500 مقاتل، بالإضافة إلى اللجوء للنظام السوري بهدف إرسال من المقاتلين المرتزقة السوريين. وأشارت المصادر إلى أن المقاتلين السودانيين التابعين لـ"حميدتي" وقوات الدعم السريع، باتوا يشكّلون الأغلبية في بعض محاور القتال حول العاصمة طرابلس. ولفتت إلى أن القوات الموجودة في محور صلاح الدين سودانية بنسبة كبيرة، في ظل حالات التمرد بين الكتائب الليبية.
ونبّهت المصادر إلى أن هناك مشكلة أخرى تواجه مليشيات حفتر، تتمثل في الخوف من تقارب المناطق بين المرتزقة التابعين لقوات الدعم السريع السودانية، وبين نظرائهم التابعين للحركات المعارضة السودانية الأخرى، وفي مقدمتها حركة "جيش تحرير السودان"، نظراً للعداء التاريخي بين الجانبين، ما قد ينذر بكارثة بحسب المصادر، في حال حدوث أية اشتباكات بينهم على الأراضي الليبية.
وكشفت المصادر أن حفتر هدّد عدداً من القادة الميدانيين الليبيين ضمن مليشياته بالملاحقة والاغتيال في حال استمر التمرد، كما تم تهديد كل المقاتلين الليبيين بالسجن حال تمرد أيّ منهم أو رفض القتال. وذكرت المصادر أن حفتر وجّه رسائل إلى زعماء القبائل الرافضين لخطوته الأخيرة بتولي زمام الأمور، وإسقاط اتفاق الصخيرات، حملت تراجعاً عن تلك الخطوة، وتأكيداً بالعمل على إنهاء آثارها خلال الفترة المقبلة، وذلك بعد تمسك عدد من زعماء ومشايخ قبائل كبرى في الشرق الليبي وبنغازي برفضها.
ميدانياً، تمكنت حكومة الوفاق من صدّ هجوم عنيف لمليشيات حفتر المدعومة من مرتزقة "فاغنر" الروسية، في محوري صلاح الدين والمشرع جنوب طرابلس، حسبما أفاد المتحدث الرسمي باسم مكتب الاعلام الحربي لعملية "بركان الغضب"، عبد المالك المدني. كما قصفت مليشيات حفتر مطار معيتيقة بشكل عنيف فتساقطت عشرات الصواريخ والقذائف عشوائياً على الأحياء المدنية. وتضررت ثلاث طائرات. وأفاد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، أن مليشيات حفتر قصفت طرابلس بأكثر من "مائة صاروخ وقذيفة" يوم السبت الماضي، في وقت دعا فيه مجلس النواب المجتمع بطرابلس مجلس الأمن إلى عقد جلسة طارئة بشأن الأحداث في العاصمة طرابلس.
في موازاة ذلك، أفادت عملية "بركان الغضب"، على صفحتها الرسمية، أن القصف العشوائي للمليشيات على الأحياء المدنية منذ بداية شهر رمضان (الأسبوع الثالث من شهر إبريل/نيسان الماضي) خلّف أكثر من 34 مدنياً وأصاب أكثر من 80 آخرين، بينهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى "تدمير واسع في بنى المدينة التحتية ومنازل المواطنين".
في سياق آخر، توفي رئيس المخابرات التابعة للمجلس الرئاسي عبد القادر التهامي، مع الإشارة إلى تضارب الأنباء حول سبب الوفاة. ومع أن مصادر ليبية ذكرت أن الوفاة نجمت عن سكتة قلبية، قالت مصادر أخرى إن وحدات النواصي التابعة للجيش الوطني الليبي سلمت جثة التهامي لعائلته، من دون أن تورد أي تفاصيل أخرى. من جانبه نقل موقع "عين ليبيا" عن مصدر في جهاز المخابرات في طرابلس، نفيه الأنباء المتداولة حول وفاة التهامي مقتولاً، مؤكداً أن سبب الوفاة جلطة في القلب نقل على إثرها إلى المستشفى قبل أن توافيه المنية.
إلى ذلك، أكد تقرير لخبراء في الأمم المتحدة يراقبون الحظر المفروض على شحن الأسلحة إلى ليبيا، وتم تسليمه إلى مجلس الأمن الدولي في 24 إبريل/نيسان الماضي، ونشرت وكالات الأنباء تسريبات منه قبل أيام، ما انفردت به "العربي الجديد" في يناير/كانون الثاني الماضي، بشأن وصول أعضاء المجموعتين العسكريتين الروسيتين الخاصتين "موران" و"شيت". كما أكد التقرير ما سبق أن كشفت عنه "العربي الجديد" بوجود مرتزقة في ليبيا، تابعين لـ"فاغنر" الروسية. وجاء في التحقيق الأممي أن العلاقات على الأرض بين مجموعة "فاغنر" وحفتر تشوبها خلافات، مشيراً إلى أن مجموعة خبراء رصدت وجود عسكريين خاصين من فاغنر في ليبيا منذ أكتوبر 2018". ويضيف التقرير أن عدد هؤلاء لا يتجاوز 800 إلى 1200، لكنه يؤكد أن مجموعة الخبراء ليست قادرة على التحقق بشكل مستقل من حجم انتشارهم.
وذكر الخبراء أن عناصر مجموعة "فاغنر" يقدمون دعماً فنيا لإصلاح مركبات عسكرية، ويشاركون في عمليات قتالية وعمليات تأثير"، وهم يساعدون أيضاً مليشيات حفتر في مجال "المدفعية ومراقبة الحركة الجوية وتزويدها بالخبرة في صد الهجمات الإلكترونية وفي نشر قناصة". ويشير التقرير إلى أن مجموعة الخبراء الأممين تحققوا من نقل عدد من المقاتلين السوريين نقلوا إلى ليبيا من سورية عن طريق شركة أجنحة الشام، وهي شركة طيران سورية خاصة، مقرها دمشق؛ للقتال إلى جانب حفتر.
ولفت التحقيق إلى أنه منذ يناير جرى تسيير 33 رحلة جوية من أجنحة الشام للطيران. وقدر التقرير عدد المقاتلين السوريين الذين يدعمون عمليات حفتر بأقل من ألفين.