تهديد ترامب لروحاني "استهلاكي"... ومفتاح الحلحلة في موسكو

24 يوليو 2018
وجّه ترامب تهديداته عبر تغريدة في "تويتر" (Getty)
+ الخط -
سرعان ما استحضرت حرب التهديدات المتبادلة، التي اندلعت فجأة بين الرئيسين الأميركي  دونالد ترامب والإيراني حسن روحاني، جولة التراشق والتلويح بالسلاح النووي بين ترامب والرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون، قبل حوالي سنة.

وبدت تهديدات اليوم نسخة مصغرة عن تأزيم الأمس مع بيونغ يانغ. الرئيس ترامب استخدم في تغريدته الأخيرة تقريباً نفس المفردات التي خاطب بها كوريا الشمالية والتي تنذر إيران ضمناً بالتدمير الماحق. في الحالتين تشابهت لغة الحرب ومن المرجح أن يتشابه الإقلاع عنها. في الثانية أدى دخول الصين مع كوريا الجنوبية على الخط إلى تنفيس الأزمة ونقلها إلى سكة الحوار.

أما في التصعيد مع إيران اليوم، يبدو أن دخول موسكو على الخط عبر إسرائيل يرجح تفكيك الأزمة طالما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضالع بهذا الدور الذي يحرص ترامب على عدم تفشيله، خاصة وأن ترامب يعرف بأن القابلية الأميركية الرسمية والشعبية لحرب في الشرق الأوسط ضعيفة. فهو غالباً ما يستخدم لغة العصا الغليظة لمخاطبة قاعدته المحافظة، إلا إذا "غيّر رأيه فجأة ولجأ إلى الخيار العسكري" مع إيران، كما قال الدبلوماسي المخضرم ريشارد كلارك.


لكن المقدمات تحمل على استبعاد السيناريو العسكري، على الأقل في الأفق المنظور. فقبل ساعات من تغريدة ترامب الموجهة إلى روحاني، كان وزير الخارجية مايك بومبيو يلقي خطاباً مساء الأحد عن إيران عنوانه "دعم الأصوات الإيرانية" المعارضة. مضمون كلمته خلا من لغة الوعيد. ركّز فيها على الداخل الإيراني. اختيار مكانها في ضاحية لوس أنجليس حيث تتواجد جالية إيرانية كبيرة، يشير إلى مراهنة الإدارة على التناقضات المحلية "لتغيير النظام" في طهران. أو على الأقل تطويعه للقبول بالشروط الأميركية الـ12 التي ذكرها الوزير في خطاب سابق له عن إيران.

وكان واضحاً أن بومبيو يخاطب التململ وحركات الاحتجاج التي شهدتها مدن إيرانية في الآونة الأخيرة بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية. حيث أفاض في الكلام بالأرقام والأسماء عن حالة "الفساد" والإثراء غير المشروع السائدة في صفوف كبار المسؤولين الإيرانيين وبصيغة تستهدف تشجيع الشارع على التحرك مع الوعد بمده بالدعم والتأييد اللازمين. وفي هذا الإطار أشار إلى قرب إعادة فرض العقوبات على طهران وحملة التمهيد التي تقوم بها الإدارة في هذا الخصوص لحمل البلدان المستوردة للنفط الإيراني على تقليص مشترياتها منه "حتى حدود الصفر إذا أمكن"، حسب قوله.

كما كشف الوزير عن عزم الإدارة على تعزيز السبل لتمكين الشعب الإيراني من التواصل مع العالم عبر الانترنت، من خلال "الخطوات الجديدة التي يتخذها مجلس البث الأميركي للالتفاف على الرقابة الرسمية" التي تفرضها طهران. ولم يذهب أبعد من ذلك في تحديده للدور الأميركي في عملية التغيير الذي تنشده الإدارة في إيران، معرباً عن استعداد الإدارة "للتباحث والنقاش مع القيادة الإيرانية، لكن بعد أن تتخذ القرار الاستراتيجي المطلوب وتقوم بالتغيير الملموس غير القابل للتراجع عنه". 


على عكس تغريدة الرئيس، نأى بومبيو في خطابه عن التلويح بخيار القوة. لكن لا ضمان أن يلتزم البيت الأبيض بما يعلنه وزير الخارجية ولو بالتوافق مع الرئيس. حصل ذلك مع الوزير ريكس تيلرسون الذي سبق ورسم سياسة الإدارة في خطاب خاص عن سورية أكد فيه على بقاء القوات الأميركية في مكانها شرق سورية وإلى حين. لكن البيت الأبيض انقلب على القرار ليترك الساحة لموسكو. وذات الشيء حصل بالنسبة لكوريا الشمالية. التقلب قاعدة ثابتة في زمن ترامب. والحال مع إيران لا يشذ عنها.

وهكذا وبفارق ساعات قليلة بينهما تناول كل من الرئيس ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو الملف الإيراني، من زاوية مختلفة. الأول استحضر مفردات تهديداته لكوريا الشمالية، فيما أوحى الثاني بأن الإدارة تراهن على تغيير من داخل إيران.