العراق: ملفات فساد وانتهاكات تغلق مع انتهاء ولاية البرلمان

01 مايو 2018
متظاهرون داخل البرلمان للمطالبة بمحاربة الفساد(حيدر محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -
لا تزال الكثير من الملفات معطّلة في أروقة البرلمان العراقي بنسخته الثالثة منذ الاحتلال الأميركي للبلاد، مع انتهاء ولايته رسمياً اليوم الثلاثاء، وتحوّله إلى برلمان تسيير أعمال وفقاً للدستور ريثما يتم التصديق على الأسماء الفائزة بعضويته في الانتخابات المرتقبة في 12 مايو/أيار الحالي. فلجان التحقيق داخل البرلمان التي شُكّلت لكشف ملابسات قضايا كثيرة، من بينها انتهاكات وأخرى تجاوزات للقانون وشرعنة للفساد، لم تبصر نتائجها الضوء حتى اليوم، ما يعني أنّ كل تلك الانتهاكات ستنتهي مع نهاية ولاية هذا البرلمان، خصوصاً في ظل عدم وجود نص دستوري يحمّل البرلمان اللاحق مسؤولية متابعة ملفات البرلمان السابق، ما يعني أنّ كل تلك الملفات بما حملته من جرائم وانتهاكات ستطوى إلى الأبد، وفق ما يقول مراقبون.

وقال نائب عن "تحالف القوى العراقية"، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّ "البرلمان سيطوي مع أيامه الأخيرة ملفات كثيرة من ملفات لجان التحقيق، التي لم يبت بها، ولم تكشف تلك اللجان عن الحقائق التي شُكّلت لمتابعتها"، موضحاً أنّ "تلك اللجان كثيرة، فمنها التي شكّلت في انتهاكات الحشد الشعبي في الأنبار وفي صلاح الدين وجرف الصخر وديالى، ومناطق أخرى، ومجزرة الصقلاوية، وغيرها من المجازر، واللجان التي شكّلت للتحقيق بملفات فساد في وزارات مختلفة ودوائر رسمية، وفساد مالي، وغيرها من اللجان".

وأوضح النائب أنّ "أغلب تلك اللجان إن لم نقل جميعها تم تسويفها، ولم تُتابع من قبل رئاسة البرلمان، ولم يُسأل عن نتائجها"، موضحاً أنّ "كل هذه الملفات والمسؤوليات الكبيرة ستطوى مع انتهاء عمر البرلمان الحالي". ولفت إلى أنّه "أصبح معروفاً لدى الجميع أنّ تشكيل لجان التحقيق في البرلمان يعني خطوة نحو التسويف، وقد انعدمت الثقة بكل تلك اللجان"، مشيراً إلى أنّ "كل هذه الملفات يتحمل مسؤوليتها البرلمان العراقي، الذي لم يقم بواجبه على الوجه المطلوب". وتساءل "كيف يُرشح البرلماني الذي أسهم بهذه المماطلات، وبالتسويف، لدورة برلمانية جديدة؟ وكيف للشارع العراقي أن ينتخب هؤلاء بعد أن تركوا خلفهم كل هذه التركة الثقيلة".


ولم يكن تعطيل لجان التحقيق وتسويف القضايا التي شُكّلت تلك اللجان لمتابعتها، وقفاً على البرلمان الحالي فحسب، بل هو نهج تبعه البرلمان العراقي على مدى أربع دورات من عمره. وفي هذا السياق، قال القيادي في "الحزب الإسلامي العراقي"، أحمد العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إنه "على مدى الدورات السابقة من عمر البرلمان العراقي، لو أحصينا لجان التحقيق التي تم تشكيلها، وبحثنا عن نتائجها، لما وجدنا أياً منها قد أكملت عملها وقدّمت تقارير متكاملة وأخذ البرلمان والقضاء دوره فيها"، موضحاً أنّ "الجرائم التي ارتُكبت على مدى سنوات طويلة كلها سُوفت عن طريق هذه اللجان". وأكد أنّ "ذلك ليس دفاعاً عن البرلمان الحالي، بل هو كشف لطريقة اتّبعها البرلمان العراقي منذ ولادته وحتى يومه هذا، إذ كان تشكيل اللجان للتحقيق بالانتهاكات طريقاً سهلاً للتهرّب من المسؤولية".

ويوضح خبراء سياسيون، أنّ الدستور غير ملزم لأي برلمان جديد بمتابعة تركة البرلمان السابق، ما يعني أنّ كل دورة للبرلمان عليها مسؤولية حسم كل ملفاتها قبل انتهاء عمر الدورة البرلمانية. وقال الخبير السياسي أمجد الراوي، لـ"العربي الجديد"، إنّه "لا يوجد نص في الدستور يتحدث عن ترحيل مشروع قانون أو لجنة تحقيق وما إلى ذلك"، مشيراً إلى أنّ "ذلك يعني أنّ البرلمان الجديد غير مسؤول عن تركة البرلمان الذي يسبقه، ولا تتم محاسبته في حال ترك كل تركته ولم يتابعها".

وأضاف: "كما يعني ذلك، أنّ كل برلمان عليه أن ينهي جميع مشاريعه ولجانه التحقيقية قبل انتهاء ولايته"، مشيراً إلى "أنّنا لم نلاحظ أي برلمان أنهى مسؤولياته بشكل كامل قبل انتهاء ولايته، وهذا الإهمال المتعمد أصبح نهجاً متّبعاً لكل الدورات البرلمانية في العراق".
يشار إلى أنّ البرلمان العراقي وعلى مدى دوراته السابقة، أهمل ملفات مئات لجان التحقيق التي شُكّلت لمتابعة الانتهاكات والخروقات المختلفة، بينما لم يتابع أي برلمان لاحق ملفات البرلمان السابق ولم يحاسب أحدا عليها.

المساهمون