ومن المرتقب دخول أنصار رجل الدين مقتدى الصدر على خط التظاهرات أيضاً، ما سيؤدي إلى اتساع رقعتها، الأمر الذي قد يكون إيجابياً من ناحية وقف القمع ضد المتظاهرين، أو أنه سيكون أقل حدة مما كان عليه في الأيام الأولى من التظاهرات التي توقفت بسبب توافد الملايين إلى مدن الجنوب، لإحياء ذكرى أربعينية استشهاد الإمام الحسين بن علي، التي وافقت السبت الماضي، وتتطلب من بغداد استعدادات استثنائية لتأمينها.
في المقابل، فإنّ سكان مدن التظاهرات باشروا بتهيئة الوقود والاحتياجات اللازمة، من مواد غذائية وغاز طبخ، تحسباً لحظر تجوال آخر، كما حصل في أيام التظاهرات الأولى.
وعقدت الرئاسات العراقية الثلاث، صباح اليوم الأربعاء، اجتماعاً في قصر السلام في بغداد داخل المنطقة الخضراء، وفقاً لبيان للرئيس العراقي برهم صالح، الذي ذكر أن الاجتماع ضم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، إضافة إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، وأكد تنفيذ المطالب المشروعة للمتظاهرين، ومكافحة الفساد، وتأمين الحق الدستوري في التظاهر السلمي وحرية التعبير.
وتتخوف الجهات الحكومية والسياسية من عبور متظاهري 25 أكتوبر/تشرين الأول، نحو المنطقة الخضراء، حيث مقرّ الحكومة والبرلمان ومؤسسات الدولة المهمة، خصوصاً أنهم في التظاهرات حاولوا ذلك، لكن بسبب العنف المفرط ضدهم لم يستطيعوا عبور جسر الجمهورية، وسط بغداد، المؤدي إلى المنطقة ذات التحصين الأمني.
وسبق أن اقتحم متظاهرون من أنصار الصدر المنطقة الخضراء في إبريل/نيسان 2016، ودخلوا مجلس النواب العراقي، واعتصموا داخل المنطقة، بهدف الضغط على الحكومة السابقة برئاسة حيدر العبادي، من أجل تحقيق الإصلاحات التي وعدت بها.
وبيّن أن لجان التنسيقية الخاصة بتظاهرات التيار الصدري، انتهت من طباعة بعض اللافتات التي تحمل شعارات للتظاهرات بشكل موحد، كما تم تجهيز أعداد كبيرة من الأعلام العراقية، حتى يتم توزيعها على المتظاهرين، بالإضافة إلى تجهيز عدد من الألبسة (التيشرتات)، تحمل شعارات تظاهرات 25 أكتوبر. وأكد أن "غاية المتظاهرين، دائماً، التوجه من ساحة التحرير نحو المنطقة الخضراء، ونتوقع أن تظاهرات 25 أكتوبر سوف تشهد التوجه نحو المنطقة الخضراء أيضاً".
وإزاء ذلك، تواصل قوات الأمن العراقية استعداداتها لتظاهرات الجمعة، وشوهدت شاحنات تنقل كتلاً إسمنتية بغية إعادة إغلاق المنطقة الخضراء، وكذلك جسر الجمهورية، والجسر المعلّق المتجه إليها.
وأضاف الغانمي أنه "سبق أن دخل المتظاهرون إلى المنطقة الخضراء، وكان الموقف مسيطرا عليه، والتظاهرات يجب أن تكون لها قيادة حتى يتم التفاهم معها من قبل الجهات الحكومية المختصة"، وفقاً لقوله، معتبراً أن "مشاركة التيار الصدري في تظاهرات الجمعة ستعطي ضابطاً لها، خصوصاً أن التيار ساهم بشكل كبير في تشكيل الحكومة، وهو داعم لها، ولديه ممثلون فيها، والمحافظة على العملية السياسية من مصلحة التيار الصدري".
وأكد أن "اشتراك التيار الصدري بهذه التظاهرات سيحدّد جزءاً من المسؤولية على التيار، فأي حدث سيحصل خلال التظاهرات، فإنّ التيار الصدري يتحملها، فهو وضع نفسه في مسؤولية التصدي لها ودعمها".
حزمة إجراءات جديدة
في غضون ذلك، أعلن رئيس الحكومة، عادل عبد المهدي، عن حزمة قرارات جديدة قال إنه سيلقيها يوم غد الخميس خلال خطاب رسمي موجه إلى الشعب العراقي.
وبحسب بيان رئيس الحكومة العراقية، الذي يواجه انتقادات حادة من قبل كتل سياسية عقب نشر نتائج التحقيق بشأن قتل المتظاهرين، والذي طعن بدقته بعد تبرئته الحكومة و"الحشد الشعبي" من جرائم مقتل 149 عراقيا متظاهرا وجرح أكثر من 6 آلاف آخرين، فإن رئيس الوزراء سيوجه خطابا الى الشعب العراقي "يتضمن عدة موضوعات تتعلق بالأوضاع الراهنة للبلاد".
وأضاف البيان أن "الخطاب سيتضمن قرارات وخطوات من أبرزها، المضي بالتعديلات الوزارية بعيداً عن مفاهيم المحاصصة"، مضيفا أن الحكومة تؤكد على "أهمية قيام مجلس القضاء الاعلى بتشكيل (المحكمة المركزية لمكافحة الفساد) لمحاسبة المفسدين، وفتح ملفات الفساد بوضوح وامام الرأي العام خصوصاً تلك التي تمس سرقة الأموال لمشاريع حيوية كالمستشفيات والمدارس والشوارع والجسور والسدود وغيرها من مشاريع أساسية كفيلة باستيعاب المزيد من فرص العمل خصوصاً للشرائح الفقيرة، والعمل الجاد مع السلطة التشريعية لسن قانون (من أين لك هذا) ويشمل ذلك كبار المسؤولين".
وكشف عن أن "الخطاب سيشمل قرارات تقليص رواتب المسؤولين حتى الدرجة الرابعة من الرئاسات والوزراء وأعضاء مجلس النواب والدرجات الخاصة والوكلاء والمدراء ليصل في الحالات العليا إلى النصف، بحيث لا يتجاوز أعلى راتب ومخصصات 10 ملايين دينار شهرياً، (نحو 8 آلاف دولار) مقابل رفع الحد الأدنى للراتب. مع تخصيص الأموال المتحصلة من تقليص الرواتب، إضافة لمساهمة الدولة لتأسيس صندوق ضمان اجتماعي يضمن ألا يبقى عراقي تحت خط الفقر، وذلك بحصول اي عراقي لا دخل له أو أي فرد في عائلة لا دخل لها على منحة شهرية لا تقل عن 130 ألف دينار نحو (110) دولارات".
وأكد البيان أن الخطاب سيشمل أيضا "قرارات تتعلق بحفظ سيادة البلاد واحترام حقوق وحريات الشعب"، لافتا إلى أن "الحكومة تؤكد عدم منح الإذن للقوات الأميركية المنسحبة من الأراضي السورية للبقاء في الأراضي العراقية".
وتعليقا على ذلك، قال عضو في البرلمان العراقي عن كتلة الفتح"، لـ"العربي الجديد"، إن استباق عبد المهدي في الحديث عن أبرز ما سيلقيه بخطابه عشية انطلاق التظاهرات يأتي لقطع الطريق على دعوات تحشيد متصاعدة من قبل كتل سياسية لتحشيد الشارع أكثر ضد الحكومة،
مضيفا أن التظاهرات العفوية والشعبية يراد من خلالها تصفية حسابات سياسية بين الكتل الشيعية"، على حد تعبيره.
وبيّن أن الشارع "يجب أن يمنح عبد المهدي فرصة لثلاثة أشهر فقط ليعرف صدق نواياه"، كون "الرجل جاداً في معالجة حالة الفشل المزمن بالعراق والفساد الذي نخر مؤسسات الدولة".
مؤكدا أن "60 في المائة من ملفات الفساد ارتكبت أو أسس لها في زمن حكومة نوري المالكي الأولى والثانية ولا يتحملها عبد المهدي سوى أنه ورثها".
من جهته، قال الخبير والباحث السياسي العراقي محمد القيسي، لـ"العربي الجديد"، إن "التظاهرات يخشى أنها ستكون أكثر حدة وتستمد قوتها من الحراك الحالي في لبنان، وعلى ما يبدو هناك مشتركات كثيرة بين البلدين أبرزها الفساد والنفوذ الإيراني".
وأضاف القيسي أن "الخطاب المرتقب لعبد المهدي يعتقد أنه سيكون عبارة عن حزمة وعود وقرارات لا تختلف عن الحزم الثلاث السابقة التي أطلقها هذا الشهر، وكلها تخاطب المتظاهرين وتحاول خفض وتيرة النقمة الشعبية على الوضع الحالي في العراق"، معتبرا أن "التظاهرات نتاج احتقان متراكم على العملية السياسية ككل عمره 16 عاما منذ الاحتلال الأميركي البريطاني للعراق عام 2003".