المصالحة الفلسطينية: ملفّا الأمن والموظفين عهدة عند الاستخبارات المصرية

25 سبتمبر 2017
زيارة عباس لغزة ولقاؤه هنية عام 2006، قبل الانقسام(Getty)
+ الخط -
تسير المصالحة الفلسطينية الداخلية بخطوات بطيئة، لا تُلبي رغبات وطموحات الفلسطينيين الذين يعانون من تداعيات الانقسام منذ 11 عاماً. لكن يبدو أنّ الطرفين، حركتا "فتح" و"حماس"، والوسيط المصري، يريدون خطوات متأنية خشيةً من التفاصيل غير المتوافق عليها حتى الآن، ورغبةً في مضيها خطوة خطوة وصولاً إلى نجاحها هذه المرّة.

وذكرت مصادر لـ"العربي الجديد" أنّ اتفاق القاهرة بين مصر و"حماس" من جهة، ومصر و"فتح" من جهة أخرى، نصّ على أن تتمثل الخطوة الأولى للمصالحة بحل اللجنة الإدارية التي شكلتها الحركة الإسلامية في غزة، وقد جرى ذلك فعلاً. وأشارت المصادر إلى أنّ الخطوة الثانية ستكون من قبل السلطة الفلسطينية بإرسال حكومة الوفاق الوطني إلى القطاع. وقد أعلن الرئيس محمود عباس، في خطابه بالجمعية العامة للأمم المتحدة الأربعاء الماضي، أنّ الحكومة ستصل غزة خلال أيام لتقوم بدورها.

ويبدو أنّ ملفات كالأمن والموظفين الذين عينتهم "حماس" في غزة عقب سيطرتها، سيبقيان عهدة عند الاستخبارات المصرية التي ستستضيف وفدين من "فتح" و"حماس" عقب زيارة الحكومة الفلسطينية المرتقبة لغزة، وذلك من أجل بحث تلك الملفات. وجرى ضمناً التفاهم على أنّ الأمن بغزة سيبقى كما هو، لحين الحل النهائي في الملفات الأخرى.

ودعت اللجنة المركزية لحركة فتح عقب اجتماعها مساء السبت، حكومة الوفاق الوطني للذهاب إلى قطاع غزة، في خطوة أولى لـ"تقييم الوضع والبدء في عملية تمكين حقيقية (للحكومة) وممارسة الصلاحيات في كل المجالات".

وأكد نائب أمين سر المجلس الثوري لـ"فتح"، فايز أبو عيطة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ حكومة الوفاق ستصل إلى القطاع في غضون الأسبوع الحالي، إذ ستعود إلى غزة من أجل القيام بمهامها ومسؤولياتها تجاه أكثر من مليوني مواطن غزي، بعد رفع حركة حماس الفيتو عن عملها وحل لجنتها الإدارية. وقال إن الرئيس عباس سيعقد سلسلة اجتماعات مع الأطر القيادية والتنفيذية على مستوى حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، وعلى إثرها ستكون هناك تعليمات للحكومة بالتوجه للقطاع من أجل ممارسة عملها بشكل كامل. وبشأن وقف الإجراءات العقابية التي اتخذت ضد القطاع خلال الفترة الماضية، شدد القيادي بـ"فتح" على أنه بعد استلام الحكومة لعملها بغزة وتمكينها سيكون بطلان هذه الإجراءات والقرارات التي اتخذت، مجرد تحصيل حاصل، مؤكداً أنه سيجري وقفها من قبل الحكومة.



وفي المقابل، ذكر النائب عن "حماس" في المجلس التشريعي الفلسطيني، يحيى موسى، لـ"العربي الجديد"، أنّ الشارع الفلسطيني ينتظر الآن ما يثبت جدية السلطة تجاه ملف المصالحة خصوصاً بعد حل اللجنة الإدارية بغزة. وأوضح أنّ حركته ستترك الأمور للشارع الفلسطيني للحكم على النوايا والخطوات المبذولة في ملف المصالحة الفلسطينية، وأن يكتشف بنفسه من هو الحريص على إنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام ومن يماطل ويقوم بعملية تسويف تجاه هذا الملف. ولفت إلى أن الخطوة الأولى من قبل السلطة الفلسطينية هو إنهاء كافة المظاهر والإجراءات التي اتخذت ضد القطاع وأكثر من مليوني مواطن في أعقاب تشكيل اللجنة الإدارية وتشكيل فرق عمل لتحسين الواقع، خصوصاً أن غزة محرومة من 40 في المائة من موازنتها الطبيعية منذ عام 2007.

وعن استعداد حركته لاستقبال حكومة التوافق الوطني مجدداً وتسهيل عملها في غزة، شدد القيادي في "حماس" على أن حركته جاهزة ومستعدة لبذل كامل الجهد لتحقيق وإنجاز المصالحة، مع التأكيد على أن الأمر يتوقف على نوايا الذين سيأتون للقطاع، سواء كانوا يحملون رؤية وطنية جامعة أو فئوية حزبية، وفق قوله. غير أنّ موسى رأى أنّ ما صدر عن اللجنة المركزية لحركة فتح جاء مخيباً للآمال، خصوصاً أن الشارع الفلسطيني، تحديداً الغزي، ينتظر سلسلة من الإجراءات من قبل السلطة الفلسطينية تجاه القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2006. وأضاف أن هذه الإجراءات تتمثل في وقف كافة الإجراءات والعقوبات التي اتخذها الرئيس عباس تجاه القطاع، كالخصومات التي طاولت رواتب الموظفين والتقاعد الإجباري المبكر، ووقف دفع فاتورة كهرباء غزة للاحتلال الإسرائيلي، وتقليص التحويلات الطبية. وأشار إلى أن ما يصدر عن السلطة الفلسطينية وبعض القيادات في الضفة الغربية غير مقبول، لا سيما تصريحات وزير المالية في حكومة الوفاق شكري بشارة، تجاه قضية الموظفين الذين عينوا في حكومة غزة (برئاسة إسماعيل هنية)، والتي كانت تديرها "حماس" في أعقاب عام 2007.

ويبين موسى أن ملف الموظفين "محل إجماع وطني وحتى مع قبل المصريين". وقال إنه إذا لم يحل هذا الملف الذي أفشل المصالحة الفلسطينية في المرة الأولى وأبقى عليها تراوح في مكانها طوال الأعوام الثلاثة الماضية، فمن الممكن أن يؤدي لذات النتيجة إذا لم تتعامل السلطة الفلسطينية مع هذا الملف وتعمل على حله، بحسب تعبيره.

في هذا المضمار، لفت الكاتب والمحلل السياسي، طلال عوكل، إلى أنّ الخطوة الأولى المطلوب تنفيذها في ملف المصالحة هي وصول الحكومة لغزة بشكل فوري، والعمل على وقف كل الإجراءات والخطوات التي اتخذت ضد القطاع المحاصر طيلة الأشهر الخمسة الماضية. وبيّن عوكل في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ وصول الحكومة لغزة سيعقبه إجراء حوارات بين حركتي "فتح" و"حماس" في القاهرة للاتفاق على آليات تنفيذ المصالحة وسبل مواجهة أي عقبات قد تعترض العمل على إنهاء الانقسام الداخلي. ورأى أنّ هناك أزمة ثقة عميقة بين الجانبين، خصوصاً أنّ هناك سلوكاً في اتجاه واحد يتضح في موقف حركة فتح التي تريد أن تقرر وتلزم حركة حماس بمواقفها. وأوضح أنّ ملف المصالحة لا يزال محكوماً بأزمة الثقة، لا سيما أن هناك رؤى وحسابات مختلفة بين الطرفين، وهو ما يشكك في إمكانية قدرة طرفي الانقسام على إحداث أي اختراق حقيقي في ملف المصالحة الفلسطينية، وسيؤدي لحدوث انتكاسات في ضوء الوضع القائم.