حروب أزقّة سياسية في لبنان

16 يناير 2018
يُبشّر الحريري الجميع بمستقبل اقتصادي بارز (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -

يتابع اللبنانيون اليوم المستجدات السياسية على مستويين، تفصل بينهما سنوات ضوئية من الفوارق التي تُخضع الرأي العام لسلطة الفوضى. يُبشّر رئيس الحكومة سعد الحريري، الجميع بمستقبل اقتصادي بارز، مع الدعم الأوروبي الكبير الذي ستقدّمه ثلاثة مؤتمرات دولية تستضيفها عواصم أوروبية لدعم الجيش والاقتصاد ومساعدة لبنان في ملف اللاجئين. مقابل الوضع الاقتصادي المزري للبنانيين، وارتفاع الفاتورة الشهرية لمُختلف المستلزمات مع وجبة الضرائب التي أقرّتها حكومة الحريري.

ويأتي تجديد الدول الأوروبية والعربية (عدا السعودية) لشعارات دعم لبنان في مجالات الأمن والاقتصاد واللجوء، رغم نتائج الحدّ الأدنى الذي حقّقه هذا الدعم منذ انطلاقة الثورة السورية عام 2011 وحتى استقالة الحريري في الرياض في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، في وقت سمح الغطاءان العربي والدولي للبنان في الحفاظ على استقرار أمني هشّ، وربط الاستقرار الاقتصادي بمستوى التجاوب مع قوانين العقوبات المالية الأميركية ضدّ إيران وضدّ "حزب الله". لكن ذلك لا يمنع مُختلف الأفرقاء من التبشير بسنة اقتصادية جيّدة مع وعود الدعم الدولي. بل وبلغت الأجواء الإيجابية حدّ إعلان الحريري عن عدم فرض أي ضرائب جديدة في موازنة عام 2018، وكأن المواطنين قادرون أصلاً على تحمّل المزيد من الضرائب.

يقتصر عسل المؤتمرات الدولية على التصريحات السياسية، بينما يغرق اللبنانيون في الأزمات الاقتصادية وفي معارك الأزقة بين مُختلف القوى السياسية ذات التوجه الطائفي الواحد فيما بينها، وبين الأحزاب الطائفية المُختلفة في لبنان. "إنه موسم انتخابات"، هي الجملة السحرية التي تبرر التصريحات الحادة، التي يعرف جميع السياسيين أنها بغرض التعبئة الانتخابية فقط، وأن مفعولها سيتعطّل عند أوّل توافق جديد بعد الانتخابات المُرتقبة.

ستفرض هذه الانتخابات تعديلات كبيرة على خارطة التحالفات السياسية، مع تراجع حظوظ التحالف العريض بين "تيار المستقبل" و"التيار الوطني الحر" و"حركة أمل" و"حزب الله" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، لصالح تحالفات محلية ضيقة تسمح للأحزاب بتبادل أصوات الأقليات الطائفية في مناطق الأغلبية الطائفية المُقابلة. ستحرم هذه المفاوضات الكثير من المستقلين من فرص المنافسة، وستزيد معها حدة الخلافات ذات الطابع المحلي بين أنصار مُختلف الأحزاب.

المساهمون