تنامي التحالفات داخل مؤسسات الدولة رفضاً لاستمرار السيسي

19 سبتمبر 2019
غضب لفشل السيسي في إدارة الدولة (آدم بري/Getty)
+ الخط -
تشهد مصر في الوقت الراهن حالة من الحراك الغاضب ضد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تُعد الأقوى ضده منذ الانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي. وأكدت مصادر مقربة من دوائر صناعة القرار، ورفيعة المستوى، لـ"العربي الجديد"، أن ما تشهده البلاد من تصاعُد الغضب ضد السيسي والمطالبة برحيله ليس بالأمر العشوائي غير المدروس، مضيفة "يمكن وضعه في إطار صراع أجهزة وأجنحة في مستوى هو الأعلى منذ وصول السيسي إلى الحكم في 2014".

وبحسب مصدر رفيع المستوى، فإن "هناك قيادات سابقة وأخرى حالية في أجهزة ومؤسسات سيادية تدعم تلك الموجة الغاضبة وتغذّيها بتسريبات ومعلومات حقيقية بشأن مظاهر الفشل في إدارة الدولة، وتوريط مؤسساتها في صدام مقبل مع الشعب من جانب رأس السلطة، الذي اضطر لتقديم تنازلات عدة لأطراف إقليمية على مدار سنوات، تارة للسماح له بالترشح للرئاسة، وتارة أخرى للاعتراف بتحركه في الثالث من يوليو/تموز 2013 ضد النظام السابق".

مصدر آخر أكد لـ"العربي الجديد"، "وجود تيار مؤثر في عدد من المؤسسات المهمة في الدولة بات رافضاً لوجود السيسي، إلا أن هذا التيار في انتظار مَن يستطيع أن يجيد توجيهه وتوظيفه"، متابعاً أنه "كان هناك عائق لدى قيادات في أجهزة سيادية والمؤسسة العسكرية للتحرك ضد السيسي ووضع حد لسياساته، وهو أن مرسي كان لا يزال على قيد الحياة، وسط جدلية الشرعية، لكن وفاة مرسي أزالت ذلك العائق وعجّلت ببدء تلك القيادات خطوات على طريق الإطاحة بالسيسي بعدما بات عبئاً على كل مؤسسات الدولة".

وأضاف المصدر أن "هناك أمراً كان سبباً في تأجيج غضب قيادات عسكرية حالية ضد السيسي، وهو تشكيل قوة أمنية مسلحة منفصلة لا تتبع وزارة الدفاع، لحماية وتأمين السيسي بعيداً حتى عن الحرس الجمهوري، كانت تتبع في قيادتها مكتب رئيس الجمهورية قبل أن تنتقل إلى رئيس جهاز المخابرات اللواء عباس كامل، ثم نجل السيسي العميد محمود السيسي وكيل الجهاز". وتابع المصدر: "مخطئٌ من يظن أن ظهور ضباط شرطة وجيش وقريباً قضاة عبْر تسجيلات وكذلك خروج مستندات ووثائق تدين السيسي وأسرته والدائرة المقربة، أمر طبيعي أو غير مخطط له".


ولفت المصدر إلى أن "هناك تجمّعاً وتحالفاً تنامى على مدار السنوات الثلاث السابقة، بعض أطرافه كانوا رافضين لإجراءات اتُخذت ضد قيادات عسكرية بارزة مثل ما جرى مع رئيس أركان القوات المسلحة السابق الفريق سامي عنان وإهانته وسجنه، وكذلك ما حدث مع الفريق أحمد شفيق الذي شغل في وقت سابق قائد القوات الجوية، إذ كان هناك تعمُّد لإهانتهما وليس مجرد رفض تحركاتهما بشأن الترشح للانتخابات الرئاسية الماضية". وتابع: "بالإضافة للعسكريين، هناك آخرون في جهاز المخابرات العامة رافضون لما حدث مع رئيس الجهاز السابق اللواء خالد فوزي، والطريقة التي تمت إزاحته فيها لصالح إعادة هيكلة الجهاز بشكل يسمح لرجال السيسي وفي مقدمتهم أبناؤه، بالسيطرة على الجهاز الذي تحدد إدارته أعرافٌ وتقاليد راسخة".

وقام السيسي بنقل نجله محمود في وقت سابق من جهاز المخابرات الحربية إلى المخابرات العامة، قبل تصعيده بشكل سريع للغاية ومنْحه ترقيات استثنائية ليصل إلى رتبة عميد، ويتولى منصب وكيل الجهاز ويسيطر على معظم الملفات المهمة به، بعد ذلك دفع السيسي بنجله الآخر حسن خريج كلية الألسن والذي كان يعمل في إحدى شركات البترول إلى الجهاز، وبات خلال فترة قصيرة المشرف على ملف الطاقة. كما أطاح السيسي خلال العامين الماضيين عبر قرارات جمهورية بعدد من قيادات ووكلاء جهاز المخابرات العامة، عبْر نقلهم إلى أعمال إدارية أو إحالتهم للتقاعد، بزعم أنهم كانوا من المحسوبين على رئيس الجهاز السابق خالد فوزي.

مصدر آخر أكد في حديث مع "العربي الجديد" دخول شخصيات قضائية بارزة على خط الأزمة بسبب التحركات التي قادها السيسي لتركيع القضاة، على حد تعبير المصدر، وإهانتهم وإنهاء استقلال السلطة القضائية عبر مجموعة من التعديلات الدستورية والقوانين والتي لم يكن يجرؤ رئيس جمهورية على اتخاذها، بالإضافة إلى المساس بهيبة القضاة، لافتاً إلى ما حدث بشأن منع الأجهزة الأمنية من إجراء الجمعية العمومية التي دعا لها نادي القضاة أخيراً لاتخاذ موقف بشأن القرار الخاص باستقطاعات الضرائب من رواتب القضاة، معتبراً أن "ما جرى من منْع الأمن للجمعية كان مهيناً للغاية".