تصعيد الحوثيين يهدد فرص إقرار هدنة في اليمن

05 ابريل 2020
سباق مع الزمن لإقرار هدنة في اليمن(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
تضاءلت فرص تحقيق هدنة في اليمن، كانت قد لاحت في الأفق الأسبوع الماضي، بعد القصف الصاروخي الذي شنته جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، اليوم الأحد، على جناح السجينات في الإصلاحية المركزية بمدينة تعز، وتفجير منشآت نفطية في مأرب، شرقي البلاد. 

وعلى الرغم من ترحيبها المشروط بالدعوات الأممية الهادفة لوقف إطلاق النار بهدف توحيد الجهود لمواجهة انتشار محتمل لفيروس كورونا، إلا أن جماعة الحوثي صعّدت على الأرض بشكل غير مسبوق، حيث واصلت توغلها للسيطرة على مأرب النفطية، بجانب شنها هجمات لاستكمال السيطرة على محافظة الجوف.

وتوّج الهجوم الدامي على سجن النساء في مدينة تعز، سلسلة من عمليات التصعيد الحوثي التي شملت قصف الأراضي السعودية واستهداف منشأة نفطية تابعة لشركة "صافر" الحكومية، رغم نفي الجماعة للقصف الأخير في مأرب.
ووفقاً لمصادر طبية لـ"العربي الجديد"، فقد أسفر الهجوم الحوثي على سجن النساء عن مقتل 5 نزيلات وإصابة 23، وسط توقعات بمضاعفة الرقم نظراً للحالة الحرجة لعدد من المصابات.
وفي محافظة مأرب، قالت وزارة النفط اليمنية إن الهجوم على محطة ضخ أنبوب صافر النفطي سيعطل الجهود المبذولة لاستئناف تشغيل القطاعات النفطية، في إطار المساعي لرفد الاقتصاد الوطني بإيرادات جديدة.
وأخرجت الهجمات الحوثية الأخيرة، رئيس الحكومة اليمنية، معين عبد الملك، عن صمته، واعتبر في تصريحات، مساء اليوم الأحد، تلك العمليات "مؤشراً واضحاً لمضيها في نهجها العدواني ورفضها الصريح لكل دعوات السلام والتهدئة الأممية والدولية".
وفيما وصف قصف سجن النساء بـ"الجريمة الإرهابية البشعة"، قال رئيس الحكومة اليمنية، إن تلك العمليات الحوثية بتعز ومأرب والأراضي السعودية، تعد "دليلاً دامغاً على إصرار المليشيا في تعميق أسباب الحرب التي أشعلتها وتوسيع دائرة الضحايا لتطاول كافة اليمنيين وفي كل مكان"، وفقاً لوكالة "سبأ" الرسمية.


ولم يعلن عبد الملك موقف الحكومة الشرعية من الدعوات الأممية لوقف إطلاق النار التي دأب على الترحيب بها طيلة الأيام الماضية، واكتفى بالإشارة إلى أن استمرار التغاضي عن ما وصفها بالجرائم الوحشية "يشجع مليشيات الحوثي على المضي في مشروعها التخريبي والتدميري ضاربة عرض الحائط بكل قرارات المجتمع الدولي".


وجاءت الهجمات الحوثية، بعد يومين من تصريحات للمبعوث الأممي، مارتن غريفيث، أعلن فيها أن مكتبه يعقد "سلسلة من المناقشات الثنائية مع الأطراف للتوصل إلى اتفاقات حول وقف إطلاق النار على مستوى البلاد".


وكانت الأمم المتحدة تأمل ليس فقط إقرار "هدنة مؤقتة" من أجل التصدي لمواجهة فيروس كورونا، بل حسم كافة الملفات الإنسانية والاقتصادية لتخفيف معاناة اليمنيين ومن ثم الاستئناف العاجل للعملية السياسية لإنهاء الحرب بشكل شامل.
ومن المرجح أن تلك الآمال قد تتبخر مع تصاعد السخط الحكومي، الذي عبّر عنه رئيس الوزراء وهيئة رئاسة مجلس البرلمان وعدد من قيادات الصف الأول في الشرعية، عقب الهجوم المروع على سجن النساء بتعز.
ووصفت هيئة رئاسة البرلمان اليمني، الهجوم على سجن النساء وقصف المنشآت الاقتصادية، بأنها "جريمة حرب جديدة استهدفت المدنيين والمصالح الحيوية"، فيما قال عبد الملك المخلافي، وهو مستشار سياسي للرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي وعضو الوفد التفاوضي الحكومي، إن "المجزرة البشعة التي تسبب بها القصف الحوثي على سجن النساء بتعز، تكشف الطبيعة الإجرامية للحوثيين، وتفضح من يؤيد هذه العصابة أو يسكت عن جرائمها من عرب وأجانب"، حسب تعبيره.


ولم يكشف المسؤول اليمني عن هوية الجهات العربية والأجنبية المؤيدة للحوثيين، وخلال الفترة الماضية، أكدت مصادر متطابقة أن ضغوطاً تمارسها بريطانيا وعدد من الدول على الحكومة الشرعية للقبول بالسلام مع الحوثيين وتقديم المزيد من التنازلات.
وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، طالب هو الآخر، المبعوث الأممي، ومنسقة الشؤون الإنسانية باليمن، ليز غراندي، بإدانة ما وصفها بـ"الجريمة النكراء" على سجن النساء.
وعلى الرغم من الدعوات الأممية المكثفة للمبعوث الأممي والتي تطالب بموقف حاسم إزاء التصعيد الحوثي، إلا أنه لم يصدر أي تعليق بعد مرور 6 ساعات على وقوع الهجوم الدامي في سجن النساء بتعز.


وقال مصدر حكومي لـ"العربي الجديد"، إن استهداف السجن سيجعل الحكومة تطرح مسألة تعز ورفع الحصار الحوثي عنها قبيل الدخول في أي تفاصيل أخرى.
وأشار المصدر إلى أن "جماعة الحوثي تسعى جاهدة للسيطرة على أجزاء واسعة من مأرب من أجل امتلاك أوراق تفاوضية أكبر في المشاورات المرتقبة، لكن ذلك لن يتحقق في ظل التكاتف الحاصل بين الجيش ورجال القبائل".