"بوليتيكن" عن مقايضة أوروبا "ديكتاتور مصر": وقف الهجرة بالصمت عن الانتهاكات

21 سبتمبر 2018
يدرك السيسي مطلب الأوروبيين بالتعاون حول ليبيا(Getty)
+ الخط -
تحت سطح "القلق الأوروبي من تدفق المهاجرين واللاجئين"، ما هو أبعد وأعمق، وفقاً على الأقل لرأي بعض الصحافة الأوروبية، ومنها "بوليتيكن" الدنماركية التي تتحدث من بروكسل عن "صديق أوروبا الجديد: ديكتاتور مصر"، و"الدفاع عن العلاقة بديكتاتور مصر بإغماض العين عن سجله الفظائعي في انتهاك حقوق المصريين". 

وبحسب الصحيفة الدنماركية، فإنه منذ شهر يونيو/حزيران الماضي، وعقب القمة الأوروبية الرسمية، يعمل قادة الاتحاد على تسويق فكرة أنه "لأن مصر تقع حيث تقع، وفق ما يقولها صريحة، ودون حتى تجنب، رئيس وزراء الدنمارك لارس لوكا راسمسون في سالزبرغ بالنمسا، حين ووجه بحقيقة ديكتاتورية صديق الاتحاد الأوروبي الجديد (عبد الفتاح) السيسي، والتي هي أسوأ من ديكتاتورية (حسني) مبارك"، على ما تذهب "بوليتيكن" في معرض تغطيتها لاختيارات أوروبا الجديدة، أي "اعتبار السيسي ضرورة".

يأتي ذلك التساؤل عن "توجهات أوروبية تبريرية لإغلاق العيون ووقف الانتقادات، والانفتاح على النظام المصري، وغيره. فهؤلاء يسوقون أنه، لأن مصر تقع بين الشرق الأوسط وليبيا والسودان والبحر المتوسط، فيمكنها أن تكون جزءاً من الحل السياسي لأزمة الهجرة"، بحسب ما تمضي الصحيفة الدنماركية، في سياق تساؤلات غربية بدأت تبحث عن أسباب ذهاب أوروبا نحو "الصمت على الديكتاتوريات"، كما تفعل غيرها من الصحف والمواقع على مدى الأيام الماضية.

بالنسبة لـ"بوليتيكن" واسعة الانتشار في الدنمارك، فإن "هذا التبرير لا يتسق أبداً مع واقع اليوم، فمنذ أن استقبلت أوروبا في 2015 ما يربو على مليون مهاجر، انخفضت الأرقام إلى حد متدنٍ، ورغم ذلك فأزمة الاتحاد الأوروبي أنه لم يستطع الاتفاق على سياسة موحدة في هذا الشأن، وهم يصرون على أن الأزمة قائمة، ويبدو أنهم في قمتهم الدراماتيكية في يونيو الماضي، اتفقوا على أشياء لم تنفذ على صعيد تعاونهم الداخلي، وجاءت قمة سالزبرغ لتؤكد غياب هذا الاتفاق، فيما اليوم يجري اللهاث خلف اتفاق من نوع آخر، لإقامة معسكرات التقاط (تجميع) اللاجئين والمهاجرين في دول خارج حدود الاتحاد، وخصوصاً لدى ديكتاتور مصر".

وبعد أن تعرج الصحيفة على ما خلّفه غياب التوافق الأوروبي الداخلي من أزمات سياسية في دول الاتحاد الأوروبي، كألمانيا والسجال بين دوله، واضعة صورة للمستشار النمساوي، سبستيان كورتز، الذي تقود بلاده الدورة الحالية للمجلس الأوروبي، مع رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، مبتسماً، إلى جانب راسموسن، الليبرالي صاحب جملة "مصر تقع حيث تقع مصر"، تعدد محاولات إيطاليا وفرنسا وألمانيا للحديث الثنائي مع دولٍ بينها مصر، وإبراز الزيارات التي قام بها عدد من ساسة الدول والاتحاد الأوروبي، وتذكر أن "نيويورك ستشهد انفتاحاً آخر على الديكتاتور السيسي عندما يلتقيه فيها رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك، وهو يعني لقاء الاتحاد الأوروبي بهذا الرجل".

وبحسب مصادرها في بروكسل، تبدو "بوليتيكن" واثقة من "عرض الاتحاد الأوروبي مزايا وإغراءات للديكتاتور السيسي، ومن بينها تمويل قطاع التعليم، إذا ما قبل التعاون مع ليبيا في مجال وقف الهجرة، حيث يمكن تحويل مصر إلى قاعدة استقبال لمن يجري توقيفهم في عرض البحر المتوسط وتسفيرهم إليها، فهناك أمور يبدو أنه يجري العمل عليها تحت مستويات الرادارات، وذلك ليس تقديراً، بل بصوت واثق تقول المصادر، إن الأمور يمكن أن تنتقل بسهولة إلى الأفعال".

لم تتردد "بوليتيكن" أيضاً في 19 سبتمبر/أيلول في عنونة سياسة أوروبا الجديدة بـ"صديق الاتحاد الأوروبي الجديد: ديكتاتور مصر". وفيه ذهبت لتعدد "تلك الديكتاتورية التي يمد لها الأوروبيون اليد اليوم، وتعبير (دونالد) توسك عن رغبته في مزيد من التعاون واللقاءات، هي نفسها التي زارتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قبل عام والتقت الديكتاتور السيسي لتبحث معه قضية اللاجئين، دون أي كلمة عن حقوق الإنسان من توسك وغيره".

وترى الصحيفة أن ما يجري هو "مقايضة وقف الهجرة بالصمت عن الانتهاكات، وآخرها الحكم الجماعي بإعدام 75 متهماً بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، رغم أن وصف نظام السيسي بأنه أسوأ من ديكتاتورية الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، الذي أسقطته ثورة ضمن الربيع العربي، واستمراره بارتكاب الفظائع، واعتبار المنظمات الحقوقية العالمية أن مصر تجد نفسها اليوم في أفظع أزمة حقوق إنسان على مدى العقود الماضية، رغم كل ذلك إن الاتحاد الأوروبي غير آبه".

وتمر "بوليتيكن" بشكل تفصيلي على الواقع المصري؛ "فالشرطة فيها تستخدم التعذيب بصورة ممنهجة، والاعتقالات تعسفية تماماً، مثلما يختفي المنتقدون وآلاف المدنيين الذين حكم عليهم أمام محاكم عسكرية، هذا إلى جانب مطاردة منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، وتلك واحدة من القضايا التي أثارتها هيومان رايتس ووتش".

وبشكل يبدو ساخراً، تعرض الصحيفة أن "الجدل الأوروبي اليوم ليس حول كل ما تقدم، بل عن مستويات التعاون مع مصر، وكما يقول دبلوماسي في بروكسل، فالأمر لا يتعلق بالهجرة ومنعها، بل حول المال من الاتحاد الأوروبي إلى مصر، وجعل ديكتاتور مصر شريكاً متعاوناً مع أوروبا في منطقة تعيش قلاقل، رغم أن أحداً لا يتخيل تحويل مصر إلى شريك بديل من تركيا في مسألة وقف تدفق المهاجرين. لكنهم في الاتحاد الأوروبي يأملون أن يقبل الديكتاتور مقايضة فتح مراكز ومعسكرات قررتها قمة يونيو الماضي، فالسيسي بات يدرك أن مطلب الأوروبيين للتعاون مع الليبيين في شرق ليبيا تحديداً، سيفتح له أبواباً من القبول، ووقفاً لانتقادات أوروبا لسجله الحقوقي، وهو بدأ عملياً بتلك الزيارات واللقاءات".

المساهمون