على الرغم من نفي كل من النظام السوري وتنظيم "داعش" الإرهابي الأنباء عن توصّلهما إلى اتفاق بشأن خروج التنظيم من منطقة جنوب العاصمة دمشق، باتجاه البادية أو الجنوب السوري، فإنّ ثمة مؤشرات على التوصّل إلى هذا الاتفاق، الذي تحدّثت عنه أولاً وسائل إعلام روسية، فيما أكدت أنباء أخرى بدء تنفيذه فعلاً.
وبحسب "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، فقد خرجت دفعة أولى من مقاتلي "داعش"، من جنوب دمشق نحو البادية السورية، إذ دخل عدد من الحافلات، بعد منتصف ليل السبت – الأحد، إلى مناطق سيطرة التنظيم، لتحمل على متنها مقاتلين وعائلاتهم، وذلك في سرية كاملة بعيداً عن نظر وسائل الإعلام.
ومع صعوبة التحقق من هذه المعطيات، بسبب خروج جميع الناشطين من منطقة جنوب دمشق باتجاه الشمال السوري، خلال عمليات التهجير الأخيرة، إلا أنّ مصادر إعلامية قريبة من النظام، أفادت بوصول عدد من الحافلات إلى دوار البطيخة شمال مخيم اليرموك، لنقل عناصر تنظيم "داعش" الموجودين في المخيم والحجر الأسود إلى البادية السورية، وفق الاتفاق.
وأشارت مصادر أخرى إلى تجمّع الدفعة الأولى من مقاتلي "داعش" في حي الزاهرة المجاور لمخيم اليرموك، تمهيداً لخروجهم إلى البادية السورية، في محافظتي دير الزور وحمص.
وسبق أن نفت قوات النظام وتنظيم "داعش" التوصّل إلى اتفاق بينهما، يقضي بخروج الأخير من جنوبي دمشق، وذلك بعد أن نقلت قناة "روسيا اليوم"، عن مصادر عسكرية قولها، إنّ "المواجهات بين الطرفين توقفت منذ الساعة 12 ظهراً أمس السبت، وحتى الساعة الخامسة فجراً اليوم الأحد، إذ أبدى التنظيم استعداده لسحب عناصره وعائلاتهم، البالغ عددهم 1700 شخص"، بحسب القناة.
في غضون ذلك، استمرّت حالة الهدوء في مخيم اليرموك، اليوم الأحد، بحسب مصادر مختلفة، فقد توقف القصف المدفعي والجوي والصاروخي وإطلاق النار في كامل المحاور، وسط ترقب التوصل إلى اتفاق نهائي وكامل، يتضمّن إخلاء منطقة المخيم والتضامن، من عناصر تنظيم "داعش".
ويأتي ذلك بعد إعلان قوات النظام عن تمكّنها من السيطرة على كامل الحجر الأسود، والالتقاء مع "القوات الصديقة ومجموعات الكوش الرديفة"، لتحصر التنظيم في أجزاء من المخيم، وأجزاء من حي التضامن.
وكانت قناة "روسيا اليوم" الرسمية قد نقلت عن "مصادر ميدانية" قولها إنّه لم يتم الاتفاق بعد بشأن الجهة التي سينسحب إليها أفراد التنظيم مع عائلاتهم، موضحة أنّ "المجموعات المسلحة في البادية السورية سبق أن رفضت استقبال المسلحين من جنوب دمشق"، وهذا ما يفسر عدم الإعلان عن الاتفاق رسمياً لحد الآن.
كذلك تردّدت أنباء عن أنّ وجهة عناصر "داعش" قد تكون منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي جنوبي سورية، الخاضع لسيطرة "جيش خالد" المبايع للتنظيم، الذي تحاصره فصائل المعارضة في الجنوب من كل الجهات، ما يصعب بالتالي إدخال أحد إلى تلك المنطقة، من دون موافقة الفصائل.
وكان "جيش خالد" قد حاول، نهاية الشهر الماضي، السيطرة على بلدة الشيخ سعد في درعا، ومنطقة مساكن جلين المجاورة لها، بهدف ربط مناطق سيطرته بمدينة الشيخ مسكين، التي تسيطر عليها قوات النظام، وبالتالي تمكين الأخيرة من نقل مقاتلي "داعش" من جنوبي دمشق إلى حوض اليرموك، وفق ما ذكره ناشطون.
ويأتي الاتفاق بين قوات النظام وتنظيم "داعش"، بعد أسابيع عدة من الاشتباكات العنيفة بين الجانبين في جنوب دمشق، أسفرت عن مقتل المئات من الطرفين، إذ قال "داعش" إنّه قتل نحو ألف من قوات النظام، خلال المعارك التي بدأت منذ أكثر من شهر.
وقد أثار تأخر قوات النظام في السيطرة على مخيم اليرموك استياء مؤيدي النظام، لا سيما أنّ عدد مقاتلي "داعش" لا يتعدّى 300 مقاتل، إلا أنّ مواقع موالية بررت ذلك التأخير بـ"الطبيعة الجغرافية المعقدة والبنية العمرانية الصعبة" التي تمنع توغل العربات المدرعة الثقيلة والمصفحة الأساسية في عمليات الاقتحام البري، فضلاً عن كثافة الأنفاق.
غير أنّ ناشطين ومنظمات حقوقية أشاروا إلى أنّ هدف قوات النظام من إطالة المعركة مع "داعش" كان أخذ الوقت الكافي لتدمير مخيم اليرموك، ومنع الأهالي من العودة، وإدخال المنطقة، خاصة شارع الثلاثين، في المخطط التنظيمي لمشروع "باسيليا سيتي" العمراني، الذي أقرته محافظة دمشق، في 26 مارس/ آذار الماضي، ويمتد من جنوب المتحلق الجنوبي إلى القدم والعسالي وشارع الثلاثين.
وقد نشرت وكالة "أعماق" التابعة لتنظيم "داعش" صوراً تُظهر حجم الدمار الكبير الذي أصاب مخيم اليرموك، نتيجة الغارات الجوية والقصف الصاروخي اليومي، فيما تناقلت صفحات إخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر سيطرة قوات النظام على كامل شارع الثلاثين في مخيم اليرموك، وتظهر فيه بوضوح آثار الدمار الكبير الذي لحق به.
وقد ارتفع عدد ضحايا قصف قوات النظام أحد الملاجئ في مخيم اليرموك إلى 10 على الأقل؛ بينهم خمسة من عائلة النابلسي، ما يرفع مجمل القتلى المدنيين في المخيم، منذ بدء عملية قوات النظام، إلى 62 شخصاً؛ بينهم 16 طفلاً و9 نساء.
وقال ناشطون إنّ ثلاثة من الضحايا العشرة هم سوريو الجنسية، من محافظة دير الزور من مدينة موحسن، ومن سكان حي التضامن الدمشقي، وقد لجأوا إلى أحد الأقبية في مخيم اليرموك بعد استهداف القبو الذي كانوا فيه سابقاً في حي التضامن.