اليمن: تهديدات من برلمان صالح بجلسة تحت سلطة الانقلاب

14 اغسطس 2016
لم تبحث الجلسة سوى اتفاق "المجلس السياسي"(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
ألقى حزب "المؤتمر الشعبي"، الذي يترأسه الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح، بورقته البرلمانية، ونجح بعقد جلسة لمجلس النواب الذي يتمتع بالغالبية من أعضائه، غير أن أولى جلساته بدت ضبابية تجنّبت الخطوات التصعيدية المباشرة ضد الحكومة، واكتفى الحاضرون خلالها بمباركة وتأييد الاتفاق الموقّع بين الحزب وجماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، لتشكيل "المجلس السياسي" الانقلابي، في خطوة يعتبرها الجانب الحكومي مخالفة للدستور، في حين من المقرر أن يواصل المجلس النيابي جلساته اليوم، الأحد.
وأكدت مصادر يمنية في العاصمة صنعاء، لـ"العربي الجديد"، انعقاد جلسة البرلمان في مقره الرئيسي قرب ميدان التحرير في صنعاء، بعد أن استعان الانقلابيون بالمئات من المواطنين لتكوين طوق بشري حول المجلس تخوّفاً من تعرضه لقصف مقاتلات التحالف العربي، بعدما أعلنت الحكومة الشرعية والقوى المؤيدة لها عدم شرعية الدعوة إلى انعقاد المجلس.
وفي الوقت الذي تتضارب فيه المعلومات حول حقيقة اكتمال النصاب القانوني لانعقاد البرلمان من عدمها، أفاد مصدر مقرب من المشاركين، لـ"العربي الجديد"، بأن الأعضاء الحاضرين كانوا بين 140 إلى 146 عضواً من بين 301 يشكّلون عدد أعضاء البرلمان، في حين أن النصاب القانوني المطلوب لعقد الجلسة هو 138 عضواً بعد إعلان وفاة 26 عضواً، وبذلك جرى احتساب العدد بنصف الأعضاء الباقين على قيد الحياة 275 عضواً. وحسب المصدر، فقد جرى احتساب حضور أعضاء لم يحضروا الجلسة، لكنهم شاركوا بالتصويت عن بُعد، الأمر الذي تسمح به اللائحة الداخلية للمجلس.
وفي حين كان من المتوقّع أن يشرع مجلس النواب بخطوات تصعيدية ضد الحكومة الشرعية، انحصرت الجلسة بطرح اتفاق الحوثيين وحزب الرئيس المخلوع حول تشكيل "المجلس السياسي" الأعلى لإدارة البلاد، وجرى الاستماع لمناقشات حوله، قبل أن يعلن رئيس البرلمان، يحيى الراعي، التأييد والمباركة للاتفاق ودعوة المشاركين للموافقة، الذين بدورهم رفعوا أيديهم، وعلى الفور أعلن رفع الجلسة. الأمر الذي يمثل خطوة ضبابية قابلة لأكثر من تفسير، فمن ناحية قانونية، لا تتمتع الخطوة بصفة دستورية تفوّض "المجلس الأعلى" بإدارة البلاد باعتباره مجلساً لم يُشكّل من مؤسسة شرعية، وفي الوقت ذاته يعتبر تأييد الاتفاق من البرلمان بمثابة تفويض ضمني لما يسمى "المجلس السياسي" الانقلابي، بحكم البلاد، باعتبار أن الاتفاق يتضمّن ذلك.
وتخللت الجلسة مداخلات بدت أشبه برسائل "تهديدية" بالتصعيد، إذ طرح النائب عبده بشر، وهو أحد الأعضاء المستقيلين من حزب صالح، مقترحاً بأن يتم إعلان منصب رئيس الجمهورية شاغراً، بما من شأنه انتقال السلطة مؤقتاً إلى البرلمان وفقاً للدستور، الذي ينص على أنه وفي حال خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل، يتولى مهام الرئاسة مؤقتاً نائب الرئيس لمدة لا تزيد عن ستين يوماً من تاريخ خلو منصب الرئيس يتم خلالها إجراء انتخابات جديدة للرئيس، وفي حالة خلو منصب رئيس الجمهورية ونائب الرئيس معاً تتولى مهام الرئاسة مؤقتاً رئاسة مجلس النواب.


وتجاهل المجلس الرسالة الموجهة من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى رئاسة البرلمان وهيئته، بعدم شرعية الدعوة لانعقاد البرلمان، وبدا بالمجمل من خلال الجلسة الضبابية أن شريكي الانقلاب يسعيان لاستخدام مجلس النواب كورقة ضغط تفاوضية لم يحسما من خلالها، على الأقل في الجلسة الأولى، خطوات رسمية ضد الرئيس أو الحكومة، الأمر الذي فُسّر بأنه نتيجة لتفاهمات أو اتصالات غير معلنة، كما قُرأ ضمن خطوات متدرجة قد تُثار فيها الخطوات التصعيدية في جلسات مقبلة.
من جهة أخرى، وبعيداً عن المضمون ومشروعية الجلسة من عدمها، يُعدّ انعقاد المجلس بحضور رئيسه يحيى الراعي، وعدد آخر من الأعضاء، خطوة تؤدي لخلط الأوراق السياسية وتمثل معطى سياسياً جديداً على معادلة الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، ومن المتوقع أن تكون لها تداعيات، سواء باتجاه التصعيد العسكري أو الحل السياسي، خصوصاً أن عودة المجلس للانعقاد، تعني إنهاء "الإعلان الدستوري" الانقلابي للحوثيين، والذي بموجبه كانت الجماعة قد قامت بحل مؤسسات الدولة في فبراير/ شباط 2015.
وانعكس المعطى الجديد، في رد فعل الجانب الحكومي، الذي سارع لإصدار البيانات وعقد الاجتماعات واللقاءات التي تشدد على عدم شرعية دعوة الانقلابيين لانعقاد البرلمان. وشرح هادي في رسالة وجّهها إلى رئاسة المجلس وهيئته، عدم شرعية الانعقاد، وأكد بطلان أي إجراءات قد يتخذها المجلس نتيجة هذا الانعقاد، وفقاً لمراجع المرحلة الانتقالية التي تمثل مبادئ فوق دستورية، وأبرزها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي تتطلب أن تكون قرارات البرلمان بالإجماع وليس بالأغلبية. وقال هادي في رسالته، "بناءً على واجبي كرئيس للجمهورية قضت الآلية التنفيذية بحقي في الفصل في أي إجراء أو موضوع لم يتم التوافق عليه، فإنني من خلال هذه المسؤولية وبهذه الرسالة أفصل في الموضوع بقراري بأن دعوتكما باطلة، وخارج المشروعية الدستورية، وما يتم خلال هذا الاجتماع يعتبر منعدم الآثار القانونية، ولا يعمل به، وأدعوكما ومن سيستجيب من الأعضاء المؤيدين للانقلاب، للتوقف عن هذا العبث، الذي يضع نفسه تحت طائلة المساءلة الجنائية".
وعلى الرغم من أن المرجعيات التي يستند إليها هادي، برفض أي إجراءات برلمانية بدعوة من الانقلابيين، تستند لنصوص معروفة لا تقبل الجدل، إلا أن رسالة الرئيس اليمني من جهة أخرى، تقر شرعية البرلمان، وعدم قدرة هادي على حلّه بسبب النصوص الدستورية التي تتطلب منه إجراء استفتاء والدعوة إلى انتخابات خلال 60 يوماً، كشرط لحل المجلس. ومن شأن وجود برلمان يستمد بقاؤه من نصوص دستورية في صنعاء، أن يمثّل إرباكاً لشرعية الحكومة والرئيس الشرعي المعترف به إقليمياً ودولياً، عبدربه منصور هادي.
ويشكك سياسيون في شرعية البرلمان، باعتباره مجلساً انتهت فترته الدستورية عام 2009، وجرى التمديد له باتفاق سياسي بين الأحزاب لمدة عامين، ومنذ عام 2011، واصل المجلس انعقاده مستمداً شرعية من المبادرة الخليجية التي جعلت قراراته توافقية، كما يستمد بقاءه من المادة 65 من الدستور، التي تخوّله باستمرار سلطاته الدستورية في حال تعذر إجراء انتخابات نيابية لـ"ظروف قاهرة"، حتى انتخاب مجلس جديد.

المساهمون