الاحتلال يقلّص الوجود الفلسطيني بالضفة عبر "قانون البناء"

22 يوليو 2015
جدار الفصل العنصري في الضفة المحتلة (توماس كوكس/فرانس برس)
+ الخط -
تعكف حكومة الاحتلال على تنفيذ مخطط لتفريغ مناطق "ج"، التي تشكل أكثر من 60 في المائة من مساحة من الضفة الغربية من المواطنين الفلسطينيين عبر تطبيق انتقائي لما يعرف بـ "قانون التنظيم والبناء"، إذ تُستخدم مواد القانون كمسوغ لطرد الفلسطينيين من قراهم ومزارعهم، بحيث تكون الأراضي التي يتم إخلاؤها احتياطياً مشاعة لتمدد المستوطنات المجاورة.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تسعى لتقليص عدد الفلسطينيين في القدس إلى 13% 

وبحسب اتفاقية "أوسلو"، فإن إسرائيل تحتفظ بالصلاحيات الأمنية والمدنية في مناطق "ج"، التي تضم معظم المستوطنات اليهودية المقامة في الضفة. ومن الأمثلة التي تشكل دليلاً صارخاً على التوظيف الانتقائي لقانون التنظيم والبناء، القرار الذي أصدره جيش الاحتلال أخيراً بتدمير قرية سوسيا، جنوب مدينة الخليل. فقد كشفت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها يوم الإثنين عن أنّ كبار قادة الجيش قد أقرّوا بأنّ قرار تدمير القرية جاء تحت ضغط المستوطنين، الذين يريدون استخدام أراضي القرية في توسيع مستوطنتهم المقامة أصلاً على أراض كان يملكها الأهالي في القرية، منوهة إلى أنّ المسوغات القضائية جاءت فقط من أجل تبرير هذه الخطوة.

وأكدت الصحيفة أنّ إسرائيل توظف قانون "التنظيم والبناء" من أجل منع تطور الوجود الفلسطيني الديمغرافي والعمراني في المنطقة، وضمان توسع المستوطنات وازدهارها.

المفارقة أن حكومة الاحتلال تعمل على تسوية الأوضاع القانونية للنقاط الاستيطانية التي يقيمها المستوطنون بدون إذن الحكومة، والتي تتعارض بشكل فج مع مواد القانون، ويتم إضفاء شرعية عليها.

وكشفت صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر بتاريخ 16 من الشهر الجاري أن الإدارة المدنية، التابعة لجيش الاحتلال، والمسؤولة عن تطبيق قانون "التنظيم والبناء" قامت بـ"تبييض" حي استيطاني كامل تابع لمستوطنة "بيت إيل" القريبة من رام الله، على الرغم من أن هذا الحي أقيم على أراض فلسطينية خاصة، وبدون الحصول على إذن مسبق من الحكومة أو جيش الاحتلال.

ونوهت الصحيفة إلى أن المحكمة الإسرائيلية العليا أمرت في وقت سابق بهدم الحي، إلا أن الإدارة المدنية قامت بإعداد مخطط "بناء وتنظيم" جديد يسمح بضم الحي ويضفي صبغة قانونية عليه.

 إلى جانب التوظيف الانتقائي لقانون "التنظيم والبناء"، فإن الجيش الإسرائيلي يعمل على طرد الفلسطينيين من مناطق سكنهم ومزارعهم في مناطق "ج" من خلال مصادرة أراضيهم بحجة أمنية، وبعد ذلك يتم تحويل الأراضي المصادرة، لكي يقام عليها مستوطنات جديدة أو لتحويلها إلى مستوطنات قائمة كي تشكل مساحة احتياطية يبني المستوطنون فيها أو يزرعون.

وكشف تحقيق نشرته صحيفة "هآرتس" أخيراً أن الجيش الإسرائيلي أصدر أمراً بمصادرة مئات الدونمات من أراضي بلدة طوباس الواقعة شمال الضفة الغربية بحجة شق طريق لخدمة الجيش الإسرائيلي، وبعد ذلك تبين أن الجيش لم يشق الشارع، لكنه حوّل الأراضي المصادرة لكي يستخدمها المزارعون في المستوطنات المقامة في شمال الأغوار.

وتكمن المفارقة في أن نواباً في الكنيست من قادة المستوطنين يدعون علناً إلى عدم احترام قانون التنظيم والبناء، ويرون أن من حقهم العمل على تكريس الحقائق على الأرض بدون الالتفات للقوانين القائمة. فقد دعا النائب بتسلال سموطتريش، القيادي في حزب "البيت اليهودي"، إلى السيطرة على الأراضي الفلسطينية الخاصة وتدشين الأحياء والمرافق في المستوطنات بدون التنسيق مع الحكومة والجيش. 

ويندرج التغول الإسرائيلي الواضح على الفلسطينيين في مناطق "ج" ضمن توجه معلن لحكومة الاحتلال بفرض السيادة الإسرائيلية على هذه المنطقة. وقد قدم  وزير التعليم نفتالي بنات، الذي يرأس رئيس حزب "البيت اليهودي"، خطة لفرض السيادة الإسرائيلية على مناطق "ج". ومن الواضح أن فرض سيادة الاحتلال على مناطق "ج" يعني أيضاً منح الجنسية الإسرائيلية للمواطنين الفلسطينيين الذين يتواجدون فيها. ما يعني أن إسرئيل معنية بطرد أكبر عدد من الفلسطينيين من هذه المناطق.

في هذه الأثناء، وجهت نخب إسرائيلية انتقادات حادة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لأنه لا يبدي أي حرص على التوصل لتسوية سياسية للقضية الفلسطينية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" الإثنين، كتب المعلق رفيف دروكير أن "التاريخ لن يغفر لنتنياهو إهدار فرصة التوصل لتسوية مع عباس الذي يخرج عن طوره في مهاجمة الذين يشككون في شرعية إسرائيل في الوجود. عباس الذي يعلن ومنذ عشرات السنين موقفه الرافض للكفاح المسلح. عباس الذي يشن حرباً شعواء على كل من يخطط لعمل عسكري ضد إسرائيل".

وقال دروكير إن عباس "هاجم عناصر حركة "حماس" الذين خطفوا المستوطنين الثلاثة في يونيو/حزيران 2014، في الوقت الذي كانت إسرائيل تعيث فيه قتلاً وتدميراً في شعبه في غزة". وخلص إلى أن "أشهر خبراء التقنيات المتقدمة لا يمكنهم أن يطورا شريكاً مريحاً لنا كما هو الحال مع عباس".

المساهمون