العراق: تحرك لفتح ملف "الانتحاريين السعوديين" ومطالبة الرياض بتعويضات

28 مايو 2020
اتهم العراقيون سعوديين بارتكاب اعتداءات عدة(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تجري قوى سياسية عراقية توصف عادة بأنها مقرّبة أو مدعومة من إيران، منذ أيام، حراكاً واسعاً يستهدف التحشيد داخل البرلمان لفتح ملف الانتحاريين من الجنسية السعودية، الذين قدموا إلى العراق بعد عام 2003، ونفّذوا عمليات سبّبت مقتل عراقيين، معتبرين أن هذا التحرك سيعقبه إجراء آخر للتحرك دولياً في الملف نفسه، لإلزام الرياض بدفع تعويضات مالية لذوي الضحايا العراقيين. وكان لافتاً أن الحراك يأتي بعد أيام قليلة من إرسال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وزير المالية علي علاوي، مبعوثاً عنه إلى الرياض، بهدف الحصول على الدعم وتفعيل اتفاقيات سابقة جرى التوصل إلى تفاهمات بشأنها، أغلبها ذات طابع استثماري وتجاري في العراق، وتقدَّر قيمتها بنحو 3 مليارات دولار. مع العلم أن مسؤولين عراقيين يكشفون أن عدد المقاتلين السعوديين الذين دخلوا العراق منذ عام 2003 كان بالآلاف، وأغلبهم عبر الأراضي السورية إلى العراق، وسط اتهامات لنظام بشار الأسد بغضّ النظر حينها عن دخولهم العراق لأهداف تتعلق بطبيعة الصراع داخله ووجود الاحتلال الأميركي.

في السياق، يشرح عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان عباس صروط، لـ"العربي الجديد"، أن "هناك توجهاً من قبل قوى برلمانية وسياسية لفتح ملف الإرهابيين السعوديين في العراق، خصوصاً مع بروز الكثير من الاعترافات عن دخول آلاف الانتحاريين والإرهابيين السعوديين وتنفيذ عمليات سبّبت قتل وإصابة الآلاف، والآن من حق بغداد المطالبة بحقوق القتلى والجرحى". ويقول إنّ "من الممكن جداً أن يشرّع البرلمان العراقي قانوناً يلزم الرياض بدفع تعويضات مالية، كما فعلت الولايات المتحدة، بتشريعها قانون جاستا، وهذا القانون يحتاج إلى دراسة".

من جهته، يرى القيادي في ائتلاف "دولة القانون" سعد المطلبي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "على القوى السياسية الرئيسية في البلاد، وكذلك الحكومة، أن تبدأ فعلياً بخطوة أخذ حقوق نحو 100 ألف عراقي قُتلوا بفعل العمليات الإرهابية، ومحاسبة الدول التي جاء منها الإرهابيون إلى العراق، وأُولاها السعودية"، مضيفاً أن "الخطوة يجب أن تأتي من خلال تشريع قانون برلماني داخل العراق بناءً على أدلة وحقائق وإدانة الدول التي تورط مواطنوها بقتل عراقيين أو سهلوا عبورهم للعراق مثل سورية، التي كان لها دور في تسهيل الإرهابيين إلى العراق".



ويضيف القيادي في ائتلاف "دولة القانون" أنه "يجب أن يكون الدم العراقي فوق المصالح والعلاقات الشخصية، التي يتميز بها بعض قادة العراق مع بعض الدول، خصوصاً أن اتخاذ هذه الخطوة، سيكون رادعاً لكل الدول التي تسعى إلى إعادة الإرهاب إلى العراق". ويكشف عما يصفها بـ"أدلة رسمية تؤكد مشاركة مؤسسات وشخصيات رسمية وغير رسمية سعودية في دعم الإرهاب في العراق، وبعض الإرهابيين، ولهذا يجب أن يكون هناك تحرك وفق هذه الأدلة لفرض عقوبات والمطالبة بتعويضات من داعمي الإرهاب في العراق".

وعن الموضوع نفسه، يشير الخبير القانوني طارق حرب، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "من الناحية القانونية، يمكن للعراق التحرك نحو مجلس الأمن الدولي، لإصدار قرار يعطيه الحق بالحصول على تعويضات من السعودية، إلا أنه من الناحية السياسية لا يمكن ذلك، فهذا القرار يجب أن يُصوّت عليه بالأغلبية، والأغلبية داخل المجلس مع الرياض". وأضاف: "عملياً، لا أثر ملزماً على السعودية في أي قانون يصدره البرلمان تدفع بموجبه تعويضات للعراق، وبالنسبة إلى الحالة الأميركية (قانون جاستا)، هناك أموال سعودية في الولايات المتحدة أصلاً يمكن استخدامها، أما بالنسبة إلى العراق، فلا وجود لذلك".

من جهته، يصف النائب حسن سالم، عن كتلة "صادقون" في البرلمان، الجناح السياسي لمليشيا "العصائب"، أحد الفصائل المرتبطة بإيران، في بيان له، محاولات الحكومة العراقية للتقرّب من السعودية، بأنها "ذل وخضوع"، و"خيانة وتفريط" بدماء العراقيين. ويتهم السلطات السعودية بالتورط في عمليات قتل العراقيين عبر "السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة"، مضيفاً أنه "كان الأولى بالحكومة أن تحفظ دماء العراقيين وتقدم شكوى لدى المحكمة الجنائية الدولية وتحاسب السعودية على جرائمها الإرهابية وتغرمها تعويضاً للعراق".

بدوره، يعتبر الخبير أحمد الحمداني الحراك الحالي بأنه "سياسي غير قابل للتطبيق، ويهدف إلى التشويش على التقارب الذي تسعى إليه حكومة الكاظمي مع السعودية، إذ تخشى قوى سياسية وفصائل مسلحة من أنه سيكون على حساب إيران"، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "مثل حراك كهذا، ليس الأول من نوعه، وشهدنا حراكاً مماثلاً قبل سنوات في ظروف مماثلة، لكنه سرعان ما انتهى ولم يعد مطروحاً من قبل تلك القوى السياسية نفسها".