محمد بن سلمان ولياً لعهد السعودية.. انتقال غير هادئ

21 يونيو 2017
بعض القرارات التي اتخذها محمد بن سلمان كانت كارثية(Getty)
+ الخط -

يدشن تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد في السعودية مرحلة تاريخية جديدة ومختلفة في تاريخ هذا البلد الذي تناوب على حكمه أبناء الملك عبد العزيزآل سعود. الأول كان سعود الذي تسلم الحكم عام 1953 وتم عزله عام 1964 من قبل الأسرة بسبب ما وُصف بأنها تجاوزات وأخطاء عرفها حكمه، ثم تلاه شقيقه الملك فيصل الذي تم اغتياله على يد أحد أفراد الأسرة عام 1975، وبعد ذلك تم انتقال الحكم إلى خالد ومن بعده فهد عام 1982، وخلفه عبدالله من عام 2005 حتى يناير 2014، ليتسلم الملك سلمان الحكم.


وبدأ سلمان الحكم بالانقلاب على عهد عبدالله. وحتى قبل أن يوارى الثرى كان الملك الجديد قد قلب الطاولة من خلال سلسلة تغييرات كان أبرزها إبعاد مقرن بن عبد العزيز ولي ولي العهد الذي كان قد عينه الملك عبدالله، تمهيداً لإيصال نجله متعب إلى منصب الملك لاحقاً.


حين عين سلمان محمد بن نايف ولياً للعهد أحدث أول قطيعة مع نظام الحكم الذي قام على التداول بين أبناء عبد العزيز آل سعود، ونقل الحكم للمرة الأولى إلى جيل الأحفاد، وجرى النظر إلى القرار على أنه نابع من دراسة الوضع العام الذي يحتل فيه بن نايف موقعاً مميزاً لكونه يتولى وزارة الداخلية التي ورثها عن والده الراحل ولي العهد الأسبق الأمير نايف بن عبد العزيز، وهي جهاز كبير ومتشعب وله امتدادات داخلية وخارجية، تبدأ بالتغلغل داخل المؤسسة الدينية، وتذهب نحو الحرب على تنظيم القاعدة التي تولاها بن نايف منذ عام 2004 تاريخ تعيينه في منصب نائب وزير الداخلية المكلف بالحرب على الإرهاب، وقد شهدت له السعودية والأجهزة الغربية، وخصوصاً الأميركية، على إلحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة في السعودية خلال خمس سنوات، وعلى هذا صار المعني بهذا الملف، وأنشأ "مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية" الذي تولى العمل على إعادة تأهيل التائبين.


لم يبرز محمد بن سلمان منذ تعيينه ولياً لولي العهد في إبريل/ نيسان عام 2015 على نحو خاص، ولم تُعرف عنه أية مواهب استثنائية، وأكثر ما عُرف عنه طرحه لرؤية السعودية 2030 الاقتصادية التي بقيت حتى الآن في إطار الخطوط العريضة.



ولكن كان واضحاً أن الريح تجري لصالح هذا الشاب الذي دفعه والده الملك سلمان إلى الواجهة بسرعة شديدة، رغم أنه لا يمتلك الخبرة الكافية، ويفتقر إلى النضج السياسي والثقافي، الأمر الذي ظهر جلياً من زياراته للخارج والانطباعات التي شكلها عنه رجال حكم التقوه في الغرب، وأجمعت آراؤهم على أن محمد بن سلمان غير مؤهل لتولي منصب على هذا القدر من الأهمية، وفي هذا الظرف الحساس والخطير الذي تمر به منطقة الخليج، لاسيما وأن بعض القرارات التي اتخذها أدت إلى نتائج كارثية، ومنها شن الحرب في اليمن التي لم يتمكن التحالف الذي تقوده السعودية من تحقيق أي إنجاز لجهة إنهاء التمرد على الدولة الذي قام به علي عبدالله صالح والحوثيون، بل ازداد الموقف سوءاً، وتدهورت الأحوال الإنسانية على نحو مريع، بحيث باتت الكوليرا تفتك بالشعب اليمني، وارتفعت معدلات الفقر إلى أرقام قياسية لم يعهدها اليمن حتى في أحلك فتراته.



لا نريد من هذا العرض إعطاء أحكام مسبقة بصدد محمد بن سلمان قبل أن يتولى مهامه رسمياً ويباشر برنامجه للعمل، ولكن هناك أسئلة تطرح نفسها حول السبب المباشر الذي دفع الملك سلمان إلى اتخاذ هذا القرار، وإعفاء بن نايف؟ ليس هناك لدى محمد بن سلمان ما يميزه عن أقرانه سوى أنه نجل الملك، وهذا سلاح ذو حدين، فيمكن أن يلعب لصالح تسريع عجلة المملكة التي تعاني من مشاكل اقتصادية وسياسية واجتماعية، وقد يتحول إلى كابح، وينعكس سلباً على الوضع العام.


على العموم إن إخراج تعيين بن سلمان ولياً للعهد لا يبشر بأن السعودية مقدمة على فترة هدوء، بل إن القرار يولد صدمة ذات مفعول كبير في غالبية فئات المجتمع السعودي التي لا تبدو مستعدة لهذه النقلة المفاجئة التي تتمثل في وصول شاب ثلاثيني بلا خبرة أو تجربة إلى القرار في بلد يعد ركيزة سياسية ودينية واقتصادية في العالم ككل.

ويزيد من دقة الوضع وتعقيده أن الخليج والمنطقة العربية تمر بظرف حساس، فهناك الحملة والحصار على قطر الذي تقوده السعودية والإمارات ويلعب بن سلمان دوراً رئيسياً فيه، وكذلك الوضع المتفجر في اليمن، بالإضافة إلى التوتر في الخليج مع إيران، والموقف في سورية والعراق ومصر.

هذه ملفات تحتاج إلى من يعالجها في السعودية بطريقة مختلفة عن التي تم اعتمادها خلال العامين الماضيين، عندما أصبح محمد بن سلمان صاحب اليد الطولى في القرار السعودي.