استأنف تنظيم "ولاية سيناء" عملياته بأنواعها المختلفة، بعد أسابيع من انشغاله بالمواجهات مع المجموعات العسكرية التابعة إلى قبيلة الترابين، والمدعومة من قوات الجيش المصري. وشهدت مناطق تواجد التنظيم في مدن شمال ووسط سيناء، خلال الأيام القليلة الماضية، وقوع عدة عمليات، أدت إلى مقتل وإصابة عسكريين مصريين من قوات الجيش والشرطة، بالإضافة إلى ملاحقة مهربي السجائر، والمتعاونين مع قوات الأمن.
وحسب مصادر طبية في العريش، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن إحصائية قتلى الجيش والشرطة خلال الأسبوعين الماضيين بلغت 14 قتيلاً و20 مصاباً، في استهدافات بالقنص أو تفجير عبوات ناسفة أو استهداف آليات في مناطق وسط وشمال سيناء. وأشارت إلى أن هذه الإحصائية جاءت بعد تراجع في الخسائر البشرية من قوات الأمن في الفترة التي تزامنت مع المواجهات التي اندلعت بين تنظيم "ولاية سيناء"، ومجموعات عسكرية تابعة إلى قبيلة الترابين منذ منتصف إبريل/نيسان الماضي. وكان أحدث تلك الهجمات تفجير مدرعة للجيش المصري على الطريق الساحلي لمدينة رفح الخميس الماضي، ما أدى إلى مقتل 4 عسكريين، بينهم ضابط وإصابة آخرين، وفي اليوم ذاته قتل أمين شرطة برصاص مسلحين وسط مدينة العريش.
ونشر التنظيم، الذي أعلن، قبل نحو عامين، مبايعته لما يسمى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، صوراً جديدة لجهاز "الحسبة" التابع إلى "ولاية سيناء"، والذي يعمل على ملاحقة تجار السجائر والمخدرات وكل ما يخالف معتقدات التنظيم. وتشير الصور إلى مصادرة كميات من السجائر وإحراقها. أما الجديد في عمل التنظيم فهو ملاحقة المهربين عبر بعض الأنفاق المتبقية بين قطاع غزة وسيناء، وتفجير أحدها، وذلك للمرة الأولى منذ ظهور "ولاية سيناء". وبحسب مصادر قبلية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن مجموعة عسكرية تابعة للتنظيم اقتحمت نفقاً تجارياً على الحدود المصرية الفلسطينية، ودخلت فيه لمسافة تقدر بـ 500 متر، ومن ثم فخخت فوهاته، قبل أن تقوم بتفجيرها. وأوضحت المصادر ذاتها إنها المرة الأولى التي يفجر فيها التنظيم نفقاً تجارياً يمد قطاع غزة بالمواد الغذائية والمستلزمات الأخرى، في ظل الحصار الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ 11 سنة. وأشارت إلى أن أسباب تفجير النفق قد تعود إلى الخلافات القائمة بين التنظيم وقبيلة الترابين، إذ تعرف الأخيرة بأنها راعية للتهريب على الحدود، ولها نفوذ واسع في مناطق جنوب رفح التي وقع فيها تفجير النفق. يشار إلى أن الجيش المصري اعتاد على تفجير الأنفاق طيلة السنوات الأربع الماضية، بهدف تضييق الخناق على قطاع غزة الذي تتحكم حركة "حماس" بزمام الأمور فيه منذ العام 2007.
وبعد الملاحقة الأمنية للأنفاق، بعد الانقلاب العسكري في مصر صيف العام 2013، بات يصعب على الجيش الوصول إلى فوهات الأنفاق، بينما يسهل ذلك على التنظيم الذي ينتشر في مناطق واسعة من جنوب رفح، ما يضع الأنفاق ضمن قوائم استهداف التنظيم، ليضغط بذلك على المهربين في قبيلة الترابين. وقتل التنظيم سبعة مواطنين، خلال الأسبوعين الماضيين، بحجة تعاونهم مع الأمن المصري في مدينتي رفح والشيخ زويد، فيما أكدت مصادر قبلية، لـ"العربي الجديد"، أن القتلى مواطنون عاديون، تم إعدامهم بدم بارد بعد اعتقالهم لأيام من قبل مجموعات عسكرية تابعة للتنظيم. وكان "ولاية سيناء" دخل في مواجهات مسلحة مع قبيلة الترابين منتصف إبريل/ نيسان الماضي، أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من القبيلة، ومقتل عدد من أفراد التنظيم، إذ شهدت مناطق رفح والشيخ زويد تفجيرات واشتباكات مسلحة بين الطرفين على مدار أسبوعين كاملين.
ويسود هدوء نسبي بين الطرفين في الوقت الراهن، بينما لم تتمكن مجموعات قبيلة الترابين من الرد على هجمات التنظيم التي راح ضحيتها أحد أبرز وجوه القبيلة، سالم أبو لافي، ومقتل ما لا يقل عن 30 فرداً من القبيلة في 3 هجمات متتالية. وتعيش مناطق شمال ووسط سيناء أوضاعاً أمنية متدهورة منذ أربع سنوات، خسر خلالها الجيش المصري مئات الجنود، وسقط آلاف المدنيين بين قتيل وجريح ومعتقل، فيما تقطن في سيناء عدة قبائل كبيرة العدد، أهمها الترابين والرميلات والسواركة وغيرها. ولم يتمكن الجيش المصري من السيطرة على الأوضاع بشمال سيناء، في ظل تطور التكتيكات والعمليات النوعية للتنظيم، والتي تسفر عن عدد كبير من القتلى والجرحى من الجيش والشرطة، مع توسع عملياته إلى مدينة العريش.