ويأتي ذلك في وقت وصف فيه بوريس جونسون "كوفيد 19" بأنه "أسوأ أزمة صحة عامة"، مع توقعات بأن يكون عدد الإصابات في بريطانيا يقارب 10 آلاف.
وكان جونسون قد ترأس اجتماع غرفة كوبرا للطوارئ الخميس، وليخرج بإعلان انتقال بريطانيا من مرحلة احتواء المرض إلى تأخيره، بوجود عدد من الإجراءات التي تسعى لحماية الجمهور، وخاصة المسنين منهم.
كما أعلنت كل من بروكسل ولندن، في بيان مشترك، إلغاء المباحثات التجارية ما بعد بريكست، والتي كانت مقررة في لندن الأسبوع المقبل.
وقال البيان المشترك إن الطرفين يبحثان طرقاً أخرى لاستئناف المفاوضات، بما فيها الدوائر التلفزيونية المغلقة.
وقال البيان المشترك: "نظراً لآخر تطورات "كوفيد 19"، فقد قرر مفاوضو الاتحاد الأوروبي وبريطانيا معا اليوم (الخميس) عدم إجراء جولة المفاوضات الأسبوع القادم في لندن ... ويسعى الطرفان حالياً لاختبار طرق أخرى بديلة لاستمرار المناقشات، بما فيها احتمال استخدام الدوائر التلفزيونية المغلقة".
كما اتفق الطرفان أيضاً على التخفيف من حدة لهجة المواجهة بينهما حول بريكست في مسعى لفسح المجال للتوصل إلى اتفاق بحلول يونيو/ حزيران القادم.
ويتجه الطرفان إلى إصدار نصوص قانونية تعرف بمواقفهما التفاوضية الأسبوع المقبل. وتساعد هذه الخطوة في التعرف على نقاط الخلاف والتوافق بين الطرفين بالتفصيل.
وكان انتشار كورونا قد غطى على أخبار المفاوضات التجارية بين الطرفين، إلا أن المفاوضات بانتظار موعد حاسم في يونيو/ حزيران المقبل للتوصل إلى ملامح اتفاق بينهما.
وفي حال الفشل في ذلك، سيكون البديل في التحضير لانتهاء الفترة الانتقالية من دون اتفاق.
وتشمل نقاط الاختلاف الرئيسية كلاً من حقوق الصيد البحري والقضاء، والتي لا يبدو أنها قريبة من الانفراج. أما فيما يتعلق بأيرلندا الشمالية، فيطالب الاتحاد الأوروبي بريطانيا بالتقدم بخطط لتطبيق "ترتيباتها الخاصة" التي اقترحتها أثناء مفاوضات بريكست.
وكان الطرفان قد أقرا في اتفاق بريكست ضرورة عدم وجود نقاط تفتيش جمركية في الجزيرة الأيرلندية، واستبدالها بنقاط في البحر الأيرلندي الفاصل بين الجزيرتين البريطانية والأيرلندية.
وينتظر من بريطانيا أن تتقدم بمقترحاتها الخاصة بهذه النقطة في أول اجتماعات اللجنة المشتركة نهاية الشهر الجاري.
وبالرغم من التهدئة بين الجانبين، إلا أن حجم الخلافات لا يزال صعب الجسر بينهما، بسبب الاختلاف حول رؤيتهما لبريكست. فبريطانيا تصر على مقاربةٍ أسها السيادة الوطنية، بينما يعطي الاتحاد الأوروبي الأولوية للعلاقات الاقتصادية المتينة.
وتتجلى هذه الخلافات في مسألة الصيد البحري على سبيل المثال. فبريطانيا تصر على السيطرة الكلية على مياهها الإقليمية، بينما يريد الاتحاد الأوروبي أن يشمل الاتفاق التجاري بين الطرفين الحفاظ على حق الجانب الأوروبي في الصيد في المياه البريطانية. وبينما لا يعد الصيد البحري من أهم جوانب العلاقة بين بروكسل ولندن اقتصادياً، إلا أنه ذو أهمية كبرى في حشد الرأي العام وكسب الانتخابات.
ومع إصرار بريطانيا على عدم تمديد الفترة الانتقالية ما وراء موعدها الحالي نهاية 2020، ومع نفاد الوقت، وخاصة بسبب التعطيل الذي يتسبب به كورونا، فإن المفاوضات بانتظار المزيد من التوتر، والذي قد يكون أيضاً أسلوباً تفاوضياً للضغط أثناء المناقشات.
وكان بوريس جونسون قد جعل من "استعادة السيادة البريطانية" أولوية قصوى أثناء حملته الانتخابية. كما أكد أثناء الانتخابات على عدم التأجيل مهما كان الثمن، وضرورة انتهاء الفترة الانتقالية في موعدها 31 ديسمبر/ كانون الأول 2020. وذلك رغم التحذيرات المتكررة من عدم كفاية الوقت للتوصل إلى اتفاق يستبدل عضوية بريطانيا في الاتحاد، والتي دامت لأربعين عاماً.
ويساهم تصلب الموقف البريطاني في عدد من المسائل "السيادية" في تعقيد إمكانية التوصل لاتفاق حول نقاط يفترض أن تكون سهلة الاتفاق في ظروف أخرى، وخاصة في رفض سلطة محكمة العدل الأوروبية.