انكشاف الخلافات مع الرياض يحرج النظام المصري

13 أكتوبر 2016
التوتر قائمٌ منذ وصول العاهل السعودي للحكم(فايز نورالدين/فرانس برس)
+ الخط -
تزايدت فجوة الخلاف السياسي بين مصر والسعودية خلال الساعات الماضية، خاصة بعد تصويت مندوب مصر الدائم في مجلس الأمن الدولي، عمرو عبد اللطيف، لصالح مشروع قرار موسكو، الرافض لإيقاف هجمات الطيران الروسي، إذ يرى الكثير من المحللين أن هذا التصويت يعد "القشة التي قصمت ظهر البعير"، بعد توتر العلاقات بين الجانبين منذ وصول العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى الحكم.

وتسبب هذا التصويت في إعلان "شركة أرامكو" منع ضخ 700 ألف طن من المواد البترولية (بنزين وسولار ومازوت) إلى القاهرة خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الحالي، وهو ما سوف يمثل أزمة كبيرة لمصر في ما يتعلّق بالمواد البترولية، لكون الحكومة المصرية تستورد 40% من احتياجاتها البترولية من المملكة، وما قد يفاقم الأزمة هو أن موسم الشتاء على الأبواب، حيث يزداد الاستهلاك من المواد البترولية المختلفة التي تستوردها مصر من الخارج.

وضخّت السعودية ودول الخليج المليارات من الدولارات للمساعدة في إنعاش الاقتصاد المصري المتداعي منذ الانتفاضة، التي أطاحت بالرئيس الأسبق، حسني مبارك، مطلع 2011.

وقدمت الرياض، الداعم الأكبر لمصر، مساعدات اقتصادية كبيرة للقاهرة، إلا أن مواقف البلدين لم تكن منسجمة في بعض الملفات الإقليمية، مثل الملفين السوري واليمني، وظهر هذا واضحاً في زيارة للملك سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة في أبريل/نيسان الماضي. يضاف إلى ذلك أن عشرات الاتفاقات الاستثمارية، التي وصلت إلى ما يقارب عشرين مليار دولار، إضافة إلى الاتفاق على إمداد القاهرة بالنفط لخمس سنوات بكلفة 23 مليار دولار، لم يتم تطبيق أي منها على أرض الواقع.


ونفى مصدر دبلوماسي وجود تفاهمات بين البلدين في الملفات الإقليمية، مؤكداً أن الخلاف الآن انفجر وظهر للعلن، فالموقف المصري يناقض الموقف السعودي في سورية؛ فهي مع وجود بشار الأسد، وضد كل الجماعات المعارضة المسلحة، ومنها تلك التي تساندها السعودية.

وأكد المصدر أن موقف السعودية حاسم تجاه رحيل الأسد، كما تأخذ الرياض على القاهرة مشاركتها المحدودة في التحالف العربي الذي يتصدى للمتمردين الحوثيين في اليمن، المتهمين بتلقي الدعم من إيران، إذ أعلنت مصر أنها ستدعم السعودية بقوات برية إذا كان ذلك ضرورياً، لكن ذلك لم يحدث حتى اللحظة، ربما لخشيتها من التورط أكثر في اليمن، لا سيما أنّ الأمر يحمل ذكريات سيئة للجيش المصري، الذي تدخل هناك في الستينيات من القرن الماضي.

ورجّح المصدر الدبوماسي، الذي رفض ذكر اسمه، حصول أزمة اقتصادية جديدة، وهو ما دفع القيادة السياسية المصرية للتحدث عن إرسال وفود مصرية رسمية إلى السعودية خلال الساعات القادمة، لإنهاء الخلافات بين الجانبين، خوفاً من الأزمات السياسية والاقتصادية التي من الممكن أن تواجهها مصر خلال الساعات المقبلة، في حال تخلّي السعودية عنها.

وفي هذا السياق، رأى الباحث في الشؤون الخارجية بمركز دراسات الأهرام، مصطفى زهران، أن توتر العلاقات المصرية السعودية ليس وليد اللحظة الحالية، ولكن مع تولي الملك سلمان الحكم؛ وقع تغيير في السياسات السعودية تجاه العديد من الدول والقضايا، وكان على رأسها مصر، منوّهاً إلى أن الموقف المصري تجاه القضية السورية أحد عوامل توتر العلاقات بين البلدين.

وأشار إلى أن مصر مؤيدة بشكل كامل لبشار الأسد، وهذا مضاد للموقف السعودي من القضية، مما أسهم في إخراج التوتر للعلن، مستبعداً أن تكون الأزمة المالية التي تمر بها السعودية سبباً في توتر العلاقة، وكذلك قضية جزيرتي "تيران وصنافير"، لأن الحكومة المصرية ما زالت تناضل من أجل السعودية في المحاكم.

كما بيّن أن السياسة الخارجية المصرية في حالة ارتباك وحائرة تجاه الملفات الخارجية، لافتاً إلى أن "تصويت مصر بمجلس الأمن لصالح مشروع القرار الروسي لم يكن قراراً مدروساً، وليس عليه إجماع من أصحاب القرار بمصر". وتساءل "كيف لبلد بحجم مصر أن تقبل بعدم إدانة الممارسة الروسية داخل سورية؟ وهو قرار عربي بسبب الحالة الدموية التي يقوم بها نظام بشار ضد شعبه بدعم ومساندة روسية وإيرانية، وهو ما يعد خروجاً عن الإطار العربي الرافض لهذا النظام الدموي".