عودة ذكريات النازية في الدنمارك: إنهم يصادرون مقتنيات اللاجئين

20 ديسمبر 2015
سياسة كوبنهاغن تجاه اللاجئين تثير الانتقادات (أسكير لادفوغد/فرانس برس)
+ الخط -
تحاول الحكومة الدنماركية الدفاع عن سياستها المثيرة للجدل بحق طالبي اللجوء، والتي توجّه إليها انتقادات واسعة في الداخل والخارج، وصلت إلى حدّ المقارنة بين الممارسات النازية، وسلوك حكومة أقلية اليمين في كوبنهاغن، والتي عُرف عنها في الحرب العالمية الثانية إنقاذها لآلاف اليهود والأقليات بتهريبهم عبر قوارب تنطلق إلى السويد. وقد أجّلت هذه الانتقادات الواسعة استكمال القوانين الصارمة والتصويت على بقيتها إلى يناير/ كانون الثاني المقبل كي يسري تطبيقها منذ الأول من فبراير/ شباط.


اقرأ أيضاً: اليمين الأوروبي يحرّض ضد اللاجئين

وأثارت الاقتراحات حول مصادرة المتعلقات الشخصية الثمينة لتمويل فترة دراسة طلب اللجوء، موجة من الجدل حتى في الصحافة الغربية، كما هو الحال مع صحيفة "واشنطن بوستو"مجلة تايم"  و"إندبندنت" و"دايلي بيست" وغيرها من وسائل الإعلام التي بدأت تنتبه لما يجري، وتثير مسألة قيام الدنمارك بتقديم تشريع لمصادرة مجوهرات اللاجئين. 

وعنونت صحيفة "ديلي بيست": "يركلونهم وهم ملقون أرضاً، الدنمارك تريد مصادرة مجوهرات اللاجئين السوريين". في حين ذهبت "واشنطن بوست" إلى القول إن "الأميركيين مصدومين من سياسة اللجوء الدنماركية"، لتجري مقارنة بين هذه السياسة وما كان يجري في الفترة النازية بين ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، حين صودر الذهب من الأقليات. وتضيف أن "حكومة كوبنهاغن التي باتت تبني أيضاً معسكرات من خيام لطالبي اللجوء تشعر بحرج شديد، وفق بعض السياسيين غير المشاركين في الحكومة". وذهب بعض المعلقين إلى القول: "هذا شيء لا يصدق... على الدنمارك أن تشعر بالخجل".

في المقابل، لم ترُق لبعض يهود الدنمارك، المتنفذين في السياسة الاسكندنافية عموماً، التشديدات القانونية التي أقدمت عليها حكومة بلادهم من اليمين ويمين الوسط بالاتفاق مع الاجتماعيين الديمقراطيين. وقال الحاخام السابق للطائفة اليهودية، بينت ميلكور، إن "مصادرة أغراض اللاجئين القيّمة وفق التشديدات الجديدة، ليست جيدة لصورة البلاد". وبحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية "ريتزاو"، أمس الجمعة، يذهب ميلكور إلى المقارنة بين ممارسات السلطات الدنماركية، وما قامت به السلطات النازية بمصادرة ممتلكات الأقليات، مشيراً إلى أن "هذه الممارسات الجديدة في الدنمارك، لا يمكن أن نشكر أحداً عليها سوى أنفسنا (الدنمارك)، حيث تجري تلك المقارنة، على الرغم من أنها لا يمكن أن تصمد". وفقط حين بدأت المقارنة التي جرت برأي الحاخام السابق ميلكور "قيل بأنه يُستثنى من ذلك خاتم الزواج والأشياء ذات القيمة المعنوية".

وبرأي يهود الدنمارك أيضاً، فإن القوانين التي يجري اتخاذها وتطبيقها "بدأت تأخذ طابعاً كان يسري في الفترة النازية حين لوحقت الأقليات؛ فالقيام بمصادرة متعلقات شخصية أمر حساس جداً، والدنمارك تدفع بنفسها نحو التزحلق على أوراق السبانخ" (وهو تعبير عن مأزق يصل إليه السياسيون، يردّد في مثل هذه الحالات في البلاد).

تلك الحساسية التي يتحدث عنها اليهود أثناء السجال حول الخطوات الدنماركية التي بدأ العمل بها حتى قبل تشريعها، لا تعني معارضة المقترح، وفق ما يقول ميلكور، "لكن يجب أن يكون في التشريع محددات لا تصيب الناس بضرر ولا تلحق الأذى بصورتنا. فما أخشاه هو الثمن الذي سندفعه أكثر ممّا سنجنيه من المصادرة من هؤلاء اللاجئين المساكين الذين يتعيّن عليهم تسليم مجوهراتهم".

ووجدت وزيرة الأجانب والدمج أنغا ستويبرغ، ووزير العدل سورن بيند، نفسيهما في موقع الدفاع عن سياسة بلادهما، التي لم تستقبل طوال عام كامل أكثر من 14 ألف طالب لجوء، ولا يحصل جميعهم على الإقامات، مقارنة بما استقبلته دول أخرى. 

ورفضت ستويبرغ الانتقادات الموجهة للحكومة على صفحتها الشخصية على "فيسبوك"، وتقول "لن أخضع للانتقادات". وتضيف "يمكنني أن أرى بعض الصحف الخارجية الأجنبية غاضبة من أننا في المستقبل يمكن أن نصادر متعلقات قيّمة لطالبي اللجوء ليجري الإنفاق منها على إقامتهم في معسكرات الانتظار. لا داعي لكل تلك الانتقادات. قوانيننا في الأصل تقول إن المواطن الدنماركي الذي يملك أشياء بقيمة أكثر من 10 آلاف كرون (1400 دولار)، عليه بيعها قبل أن يتلقى أية مساعدات اجتماعية. في الدنمارك على الشخص أن يعيل نفسه إن كان قادراً على ذلك، وهذا شيء معقول ومقبول، وبغض النظر عمّا إذا كان الفرد ولد في البلاد أو حضر للتو إليها".

والانتقادات الموجهة إلى الحكومة الدنماركية لا تتعلق بما يحمله البعض من خاتم ذهب أو بعض الهواتف (وقد بدأ بالفعل سحب أشياء ثمينة من اللاجئين، بحسب ما اطلعت عليه "العربي الجديد" منذ أيام في أحد معسكرات اللاجئين)، بل في أن تلك التشديدات التي يجري العمل على تبنيها باتت من أكثر القوانين صرامة في الاتحاد الأوروبي.

وتحاول الحكومة الدفاع عن نفسها بالقول إنه "يسمح للاجئين الاحتفاظ بمبلغ 3000 كرون وساعاتهم (أي حوالي 450 دولاراً) من ممتلكاتهم. لكن "العربي الجديد" قابلت بعض اللاجئين الذين أكدوا أنه لا يسمح لهم سوى بـ15 دولاراً كل أسبوعين مما جرت مصادرته منهم.

اقرأ أيضاً: دخول اللاجئين إلى الدنمارك بات أكثر صعوبة

المساهمون