حوارات الدوحة... يوم شرق أوسطي طويل بتطمينات وتوافقات

04 اغسطس 2015
خُصص لقاء لافروف كيري الجبير للملف السوري (العربي الجديد)
+ الخط -
كانت العاصمة القطرية، الدوحة، أمس الإثنين، عاصمة الدبلوماسية العالمية، باحتضانها سلسلة اجتماعات ماراثونية لأبرز صناع السياسات العالمية، الغربيين منهم والعرب. وبدا أن الملفات الساخنة جميعها تقاسمت ساعات اللقاءات المتتالية التي عقدها كل من وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد. من سورية فالتطمينات الأميركية تجاه الاتفاق النووي الإيراني وصولاً إلى ليبيا واليمن، ظهر أن نقاشاً جدياً دار بين المجتمعين في لقاءات منفصلة، كان لافتاً فيها اجتماع لافروف مع رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية، "حماس"، خالد مشعل الذي تلقي دعوة لزيارة موسكو.


في الملف النووي الإيراني، ترجم كلام وزير الخارجية القطري، خالد العطية، وكيري، في مؤتمرهما الصحافي في ختام اجتماع رئيس الدبلوماسية الأميركية مع وزراء الخارجية الخليجيين، ترجم تجاوباً خليجياً إزاء التطمينات التي علمت "العربي الجديد" أن كيري قدمها لمضيفيه العرب. وعلمت "العربي الجديد" أن كيري، أكد خلال الاجتماع، أن العودة لفرض العقوبات على إيران، ستكون فورية، في حال ارتكاب النظام الإيراني لأية مخالفة، حتى لو كانت صغيرة، للاتفاق النووي، الذي تم إبرامه مع الجانب الإيراني. وأضافت المصادر أن المباحثات والاجتماعات بين وزير الخارجية الأميركي، ونظرائه الخليجيين، ركزت بالأساس على شرح أبعاد الاتفاق النووي الإيراني، والتطرق لكافة تفاصيله، ووضع صورة كاملة منها، أمام وزراء دول مجلس التعاون، حيث حرص الوزير الأميركي، على تأكيد التزام الولايات المتحدة بضمان وحماية أمن دول الخليج، في مواجهة أي تهديدات محتملة. وأشارت إلى أن الوزير الأميركي حرص على الإجابة عن كل ما يتعلق بمخاوف دول الخليج، من الاتفاق النووي الذي تم توقيعه مع إيران، وأنه كان حريصاً على طمأنة دول الخليج، بهذا الشأن.
وأوضحت أنه تم الاتفاق على أن تتم مناقشة تفاصيل الملف السوري، خلال لقاءات كيري مع كل من وزيري الخارجية، السعودي عادل الجبير، والروسي سيرغي لافروف. في السياق، أشارت المصادر إلى أن أمير قطر، أكد خلال استقباله للافروف، على ضرورة الحل السياسي للأزمة في سورية، "لكن لا يمكن لأحد أن يفرض حلاً غير عادل على الشعب السوري"، وأن "الرؤية والجهود القطرية تركزت منذ بدء الأزمة على البحث عن حلول سياسية تضمن حقوق جميع السوريين".

اقرأ أيضاً: كيري من الدوحة: ملتزمون بتعزيز أمن الخليج

ووصفت مصادر سياسية مطلعة، مجمل زيارات واستقبال الوزيرين الأميركي، والروسي، في قطر، بأنها كانت " إيجابية"، على أكثر من صعيد. وقالت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، إن كيري أعاد التأكيد على أن الولايات المتحدة "نجحت أخيراً، في تطوير نظام صاروخي، وسلاح يمكنها من ضرب مفاعل آراك الإيراني تحت الأرض، في حال استدعت الضرورة ذلك، وبما يضمن ردعاً حقيقياً لأي تفكير أو محاولة إيرانية، لاستخدام السلاح النووي".
كلام بدا أنه طمأن الوزراء الخليجيين، فجاء موقف العطية عن أن "الاتفاق النووي مع إيران كان أفضل المتوفر" ليترجم ما فسرته مصادر بأنه تجاوب مع التطمينات التي قدمها كيري الذي جزم بأن "لا اتفاقات جانبية" في الاتفاق النووي الإيراني.


وكجزء من التطمينات، أعلن كيري أنه تم التوافق على "تسريع بيع بعض الأسلحة الضرورية، والتي استغرقت وقتاً طويلاً في الماضي". وأشار إلى "المزيد من التعاون مع دول الخليج يشمل تبادل المعلومات المخابراتية وتدريب قوات خاصة". كما أكد أنّ الولايات المتحدة ودول الخليج العربي "لديها جدول أعمال مفصل لمواجهة أنشطة زعزعة الاستقرار في المنطقة"، معرباً عن قناعته بأن الاتفاق النووي "قد يشكل مساهمة في تعزيز أمن الخليج الذي تلتزم فيه واشنطن". من هنا لفت كيري إلى اتفاقه مع مضيفيه على إرساء "شراكة استراتيجية أقوى"، تقع محاربة تنظيم "داعش" في القلب منها، وهي معركة اعترف الوزير الأميركي بأنها لن تنجح "إلا بعدما تقوم الحكومة العراقية بإصلاحات سياسية واسعة" قدّم كيري في سبيلها مبلغ 62 مليون دولار لبغداد كمساعدات اضافية. أولوية الملفين النووي والسوري لم تغيّب تطورات اليمن، فصدرت عن كيري في المؤتمر الصحافي، إدانة صريحة للحوثيين.

اقرأ أيضاً: لقاءات الدوحة سورياً: إدارة الملف لعامين

وقد سبق المؤتمر الصحافي، اللقاء الثلاثي لكيري ولافروف ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير، وهو اجتماع خُصص للملف السوري على حد تعبير كيري. سورياً أيضاً، كرر الوزير الأميركي ونظيره القطري موقف بلديهما بأن شرعية نظام الرئيس بشار الأسد انتهت منذ فترة طويلة، لكنهما اتفقا على أن "الحل في سورية سياسي ولا يمكن أن يكون عسكرياً"، مع إشارة كيري إلى مواصلة دعم "المعارضة السورية المعتدلة" بحسب المصطلحات الأميركية.
وكان العطية، قد قال، في مستهلّ الاجتماع الخليجي ــ الأميركي، إن دول الخليج العربي "ترحب بالاتفاق النووي، لكنها تسعى إلى مزيد من الضمانات بشأن كيفية مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة".


وأضاف العطية، وفقاً لما نقلته وكالة "الأنباء القطرية الرسمية" (قنا)، أنّ "اجتماعنا، هذا، يعقد في ظل ظروف إقليمية ودولية استثنائية وتحديات غير مسبوقة يواجهها العديد من مناطق العالم، خصوصاً منطقة الشرق الأوسط، تستدعي منّا والولايات المتحدة الأميركية بذل المزيد من الجهود لمواجهة كافة التحديات التي تعترض مجتمعاتنا من أجل إحلال السلم والأمن والاستقرار العالمي". وأكد العطية، في كلمته، على "موقف دول مجلس التعاون الخليجي الثابت بتجنيب منطقة الخليج أي أخطار أو تهديدات للسلاح النووي مع الإقرار بحق دول المنطقة في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية في إطار القواعد الدولية في هذا الشأن".
وتطرق الاجتماع الأميركي الخليجي إلى أزمات المنطقة، من فلسطين إلى اليمن وسورية والعراق. ودعا العطية في كلمته واشنطن إلى بذل جهد مضاعف للعودة بعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية إلى مسارها الشامل وإنهاء الاحتلال، وفق قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية.

كما أكّد حرص مجلس التعاون الخليجي على وحدة اليمن وسلامة أراضيه واحترام سيادته ودعم الشرعية واستكمال العملية السياسية، وفقاً للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، وإعلان الرياض وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وفيما يخص الملف السوري، طالب المجتمع الدولي "بتكثيف الجهود المشتركة لوقف العنف وحقن الدماء وتحقيق إرادة الشعب السوري في الوحدة والأمن والاستقرار وفق مقررات جنيف (1)". وكان وزير الخارجية الأميركي، قد التقى قبيل الاجتماع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وجرى خلال اللقاء "استعراض علاقات التعاون بين البلدين وسبل تطويرها وتعزيزها، بالإضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية، لاسيما الأزمة اليمنية والأوضاع في سورية ومكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة". كما أطلع كيري أمير قطر "على تفاصيل الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين دول مجموعة ( 5+1 ) وإيران بشأن البرنامج النووي الإيراني"، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء القطرية "قنا".

اقرأ أيضاً: واشنطن أمام استجواب عربي بشأن الملاحق السرية للاتفاق النووي