دلالات تعيين الرئيس الألماني الأسبق مبعوثا للصحراء

17 اغسطس 2017
lمراقبون:تعيين كولر خطوة إيجابية للمغرب(Getty)
+ الخط -
خلف هورست كولر، الرئيس الألماني الأسبق، كريستوفر روس في منصب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، أنطونيو غوتيريس، الأمر الذي يفتح النقاش حول مدى إحراز ملف نزاع الصحراء تقدماً في ولاية المبعوث الجديد.

ولم يكن إعلان الأمم المتحدة بشكل رسمي يوم أمس عن تعيين كولر مبعوثا شخصياً لغوتيريس في منطقة الصحراء المتنازع بشأنها بين المغرب وجبهة البوليساريو، مفاجأة كبيرة، لأن اسمه كان متداولا منذ تولي الأمين العام منصبه في يناير/كانون الثاني الماضي.

وكانت الحكومة الفدرالية الألمانية قد أثنت، ضمن بلاغ للسفارة الألمانية بالعاصمة المغربية الرباط، على قرار تعيين الرئيس الألماني السابق مبعوثاً شخصياً للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، وبأنه "يحظى بتقدير الأمم المتحدة جراء التزامه بالقضايا التي تهم القارة الأفريقية".

وذكرت الحكومة أن الأمين العام السابق بان كي مون سبق أن عيّن كولر سنة 2012 عضوا في فريق الشخصيات البارزة رفيعي المستوى، حول خطة التنمية لما بعد عام 2015، إلى جانب عضويته ضمن الفريق الأممي لتحقيق أهداف التنمية 2030.

 

بواعث التفاؤل

ويرى المستشار الدبلوماسي والخبير في ملف الصحراء، الدكتور سمير بنيس، أنه "أمام التعثر المزمن الذي عانت منه العملية السياسية الأممية بخصوص قضية الصحراء خلال الثماني سنوات الماضية، كان من الطبيعي أن يقدم غوتيريس على تعيين مبعوث شخصي جديد من أجل ضخ دماء جديدة في المفاوضات".

ووصف بنيس تعيين الرئيس الألماني السابق مبعوثاً خاصا للأمين العام للأمم المتحدة، بمثابة خطوة إيجابية بالنسبة للمغرب، موردا بأنه بعد تعثر المفاوضات خلال السنوات الماضية والمقاربة التي حاول أن يفرضها كريستوفر روس، عمل المغرب جاهداً خلال الفترة التي سبقت تعيين المبعوث الجديد على تفادي تعيين مبعوث آخر من جنسية أميركية.

ويشرح الخبير في حديث مع "العربي الجديد" بالقول إنه: "سواء تعلق الأمر بالمبعوث السابق جيمس بيكر أو كريستوفر روس، فقد عرف النزاع حول الصحراء تذبذبات خطيرة كان من شأنها أن تعصف بمصالح المغرب وسيادته على الصحراء".


ورأى بنيس أن من الأسباب التي قد تبعث المسؤولين المغاربة على التفاؤل بعد تعيين كولر، الحنكة السياسية التي يتمتع بها المبعوث الأممي الجديد واطلاعه عن الموضوع، بالإضافة إلى الاحترام الذي سيحظى به من كل الأطراف المتداخلة في هذا النزاع.

ولفت المتحدث إلى أن "الكاريزما" تعد من العوامل المهمة التي قد تساعد أي وسيط على الاضطلاع بمهامه على أكمل وجه، والتي من شأنها أن تحمل أطراف أي نزاع أخذ مقترحاته ومواقفه على محمل الجد.

دوافع الحذر

ورغم استحسان المغرب لتعيين كولر، فإنه ينبغي على الرباط عدم الإفراط في التفاؤل بخصوص تأثير المبعوث الأممي الجديد على مسار المفاوضات المتعثرة بين المغرب والبوليساريو.

ويؤكد بنيس في هذا الصدد على أنه لن يكون من اختصاص كولر تحويل مسار العملية السياسية أو فرض مسار تفاوضي آخر، إذ في أحسن الأحوال، سينحصر عمل المبعوث الأممي الجديد على تقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع، ومحاولة ابتكار صيغة جديدة من شأنها ردم الهوة وإعادة الثقة بينهما.

وذهب المستشار الدبلوماسي ذاته إلى أن الهدف الأكثر أهمية، والذي على المغرب تحقيقه هو إقناع الدول المؤثرة في الأمم المتحدة بجدية الحل السياسي الذي اقترحه منذ أبريل/نيسان عام 2007، وبأهلية مخطط الحكم الذاتي في مساعدة أطراف النزاع على التوصل إلى حل سياسي متفاوض عليه، ومقبول من الطرفين.

تحقيق هذه الغاية يقول بنيس إنه لن يتم إلا إذا قام المغرب بحملة دبلوماسية محكمة تهدف إلى إقناع المجتمع الدولي بأن مخطط الحكم الذاتي المغربي يتماشى مع مقتضيات القانون الدولي، ومن شأنه تحقيق حل للنزاع، بما يضمن كافة الحقوق الاقتصادية والسياسية لساكني الصحراء ويصون كرامتهم.

وخلص المحلل إلى أن التحدي أمام المغرب خلال الفترة القادمة لا يتمثل فقط في فضح تلاعب جبهة البوليساريو بالمساعدات الغذائية، أو تورط بعض قياداته في الاتجار في المخدرات أو في الإرهاب، بل في إقناع المجتمع الدولي بأن المغرب يتوفر على مشروع جاد وشامل يهدف إلى تحقيق حل نهائي لهذا النزاع، وبالقيام بتنفيذ ذلك المشروع على الأرض.