التضييق على عائلات المعتقلين والمعارضين السعوديين في الخارج: سياسة بن سلمان الجديدة

29 مارس 2018
حملة اعتقالات واسعة شنتها المملكة بقيادة بن سلمان (Getty)
+ الخط -


فور تولي الأمير محمد بن سلمان منصب ولاية العهد عقب عزله لابن عمه الأمير محمد بن نايف من المنصب، وفرض الإقامة الجبرية عليه في أواخر شهر يونيو/حزيران الماضي، بدأت السلطات السعودية حملة قمع واعتقالات واسعة تجاه معارضيها في سبتمبر/أيلول من العام نفسه، حيث اعتقل المئات من الأكاديميين والسياسيين والاقتصاديين بالإضافة إلى رجال الدين.

وبرغم أن السجون الممتلئة وعدم تقديم المعتقلين للمحاكمة وحبسهم عدة سنوات في انتظار العفو الملكي أو الخروج بدون تقديم مبررات للاعتقال، كانت موجودة في العهود السابقة لابن سلمان، إلا أن "الأمير الشاب" استحدث تطوراً خطيراً في سياسة الاعتقالات الداخلية بعد إنشائه لجهاز أمن الدولة الذي يتبع له بشكل مباشر، حيث بدأت السلطات بملاحقة عائلات المعتقلين أو المعارضين الهاربين لخارج المملكة والتضييق عليهم واعتقال بعضهم.

وقال المعارض السعودي المقيم في لندن عبد الله الغامدي، إن السلطات اعتقلت والدته عايدة الغامدي والتي تجاوز عمرها الـ60 عاماً في مدينة جدة، غرب البلاد، كما قامت باعتقال شقيقه سلطان الغامدي وعادل الغامدي في مدينة الدمام، شرق البلاد أيضاً، وذلك لمساومته على تسليم نفسه، فيما قالت السلطات السعودية إن اعتقال والدة عبد الله جاء بسبب إرسال ابنها المعارض مبالغ مالية لها لمساعدته على زعزعة نظام الحكم في البلاد، وتخزينها لأسلحة وذخائر تستعد لاستخدامها في عمليات إرهابية.

وقال الغامدي على حسابه في موقع تويتر: "استقبلت قبل قليل اتصالاً من أحد أقاربي أخبرني فيه بأن أسلم نفسي للسلطات السعودية حتى يتم الإفراج عن والدتي وشقيقي، وهذا يؤكد ما ذكرته سابقاً أن سبب اعتقال والدتي وشقيقي هو لابتزازي والضغط عليّ، وما رواية المبلغ الصغير الذي أرسلته لوالدتي إلا حجة تستخدمها السلطات لتبرير اعتقالهم".


ويعمل الغامدي كمساعد شخصي لأحد زعماء المعارضة السعودية، سعد الفقيه، والذي يقيم في لندن منذ تسعينيات القرن الماضي.

ولم تكن حالة الغامدي هي الأولى في إرهاب عائلات المعتقلين أو المعارضين والتضييق عليهم، لحثهم على الاعتراف، أو على تسليم أنفسهم، إذ سبق للسلطات السعودية أن قامت بمنع أبناء الداعية الإسلامي المعتقل سلمان العودة من السفر خارج البلاد خوفاً من تشكيلهم جبهة معارضة هناك، كما قامت باعتقال أخيه عبد الله أيضاً بسبب حديثه عن اعتقال سلمان.

وقال ابن سلمان العودة، عبد الله العودة، وهو معارض مقيم في الولايات المتحدة الأميركية، حينها: إن السلطات السعودية لم تقدم مبررات قانونية لمنع إخوتي من السفر، وخصوصاً أن البعض منهم أطفال صغار، لا يفقهون أي شيء في العملية السياسية.

كما قامت السلطات أيضاً باستدراج عائلة ناشطة حقوقية تدعى نهى البلوي، حيث إنها اعتقلت شقيقيها ووالدها وابن عمها لكي يبلغوا عن مكان وجودها في مدينة تبوك، شمال غرب البلاد، قبل أن تعتقلها السلطات وتقدمها للمحاكمة بتهمة التشكيك في قيادة البلاد، وذلك بعد انتشار مقاطع فيديو لها وهي تنتقد خطوات السلطات السعودية التطبيعية مع إسرائيل، ثم تفرج عنها بعد الضغط الإعلامي والحقوقي المحلي والدولي.


ويتخوف مراقبون سياسيون ومعارضون في السعودية، من أن تكون هذه الظاهرة علامة تحول جديدة وتصعيداً مستمراً في سلسلة القمع المتواصل، إذ إنه في السابق كانت السلطات تفضّل عدم التعرض لعائلات المعارضين لها، من منطلق أعراف قبلية ومحلية، كما كانت ترفض اعتقال زوجات وأمهات المعتقلين أو الهاربين أيضاً، على عكس أنظمة قمعية أخرى، مثل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لكن هذا التحول الخطير قد يؤدي لتصاعد حدة المعارضة وتوسع رقعتها.

ويقول يحيى عسيري، رئيس مركز القسط لحقوق الإنسان، لـ"العربي الجديد"، إن أسباب اعتقال والدة الغامدي، والتضييق على عائلات المعتقلين أو المعارضين، "واضحة وصريحة، وهي أن السلطات تريد أن تخوّف الشعب من المعارضة، وتقول للمعارضين إن ضرر الاعتراض على قراراتنا الجائرة سيتعداكم إلى عائلاتكم التي ستتضرر وتعاني، وهو أسلوب ترهيب تستخدمه الأنظمة القمعية الشبيهة بنظاميّ السيسي والأسد".

المساهمون