تململ في ألمانيا من ضعف الدور الأوروبي بالخليج

21 سبتمبر 2019
يتخوّف الأوروبيون من تأثير التوترات على أسواق النفط (Getty)
+ الخط -
مع إعلان الولايات المتحدة نيتها إرسال المزيد من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة، في أعقاب الهجمات على منشأتي نفط لشركة "أرامكو" السعودية، يسود نقاش في ألمانيا حول تفعيل دور الدبلوماسية الأوروبية بأزمات منطقة الخليج.


يأتي ذلك بينما تقوم إيران، وبشكل تدريجي، بالتخلي عن تعهداتها بموجب الاتفاق النووي الموقع عام 2015، وانتهاك قيود تخصيب اليورانيوم، رداً على الانسحاب الأميركي من الاتفاق قبل عام، فيما يبدو أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب وضع نفسه في مأزق، معتقداً أنّه بإمكانه التفاوض على اتفاق أفضل من دون دعم دولي.

وفي ظل التوترات الأميركية الإيرانية، وحيث يدير الجناح المتشدد الأجندة في إيران، يبدو أنّ طهران تحيك مقاربة جريئة برفعها سقف الاستفزازات والتصرف بمنطق القوة، أمام التردد الأميركي، في محاولة للارتقاء إلى قوة هيمنة إقليمية أمام الغموض الذي بات يحيط دور أوروبا في العالم.

واعتبرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية أنّه يتعين على ألمانيا، العضو غير الدائم في مجلس الأمن، الاستفادة من اتصالاتها الجيدة نسبياً مع الجميع، للعمل على ردع أي تصعيد في الخليج، وذلك بعدف استثمار إمكانات ألمانيا، قبل أن تُعرّض أي حرب في الخليج الأمن والازدهار في أوروبا للخطر.

ورأت الصحيفة أنّ الأوروبيين "في حال من الضياع" بين سياسة الضغط المطلق من الرئيس الأميركي، والمطالبة الإيرانية غير القابلة للتحقيق، لإنقاذهم من عواقب سياسة العقوبات الأميركية.

وشبّه الموقع الإلكتروني "نويه تسوشر تسايتونغ" ما حصل في الخليج بأنّه "أزمة موصوفة بالأخطاء"، لا سيما وأنّ إيران، بحسب الموقع، "نجحت في التكتيك وأخفقت في الاستراتيجية، ليس فقط بالاعتداء على دولة مجاروة إنما من منطلق أنّ الهجوم استهدف صناعة النفط العالمية".

وفي سياق متصل، لفت الخبير في شؤون الشرق الأوسط غيدو شتاينبرغ، في مقابلة مع صحيفة "تاغس شبيغل"، إلى أنّ "قيادة طهران تحاول إظهار قدرتها على تحمل الضغوط، وبأنها قادرة على تعطيل عمليات نقل النفط، وبالتالي رفع سعر المواد الخام، لكن الصحيح أنّ إيران لا يمكنها أن تفعل ذلك بشكل دائم لأنّ الأميركي سيتدخل وسيدمّر أجزاء كبيرة من الأسطول البحري الإيراني، إذا ما أغلقت إيران مضيق هرمز".

أما صحيفة "دي فيلت"، فقد طرحت تساؤلات من المحللين، حول إمكانية العمل المشترك مع فرنسا، بهدف التوصل إلى تنقيح الاتفاق النووي، مع ضمان دفع ترامب إلى القبول بالتعديلات، ما سيترجم حكماً بتخفيف العقوبات الأميركية على طهران، الأمر الذي سيبعد عنها الانهيار الاقتصادي.

وقد يتبع ذلك، وفق الصحيفة، الشروع في مفاوضات حول وقف الحرب في اليمن، وما للأمر من "آثار إيجابية" على الرياض والمنطقة، لا سيما وأنّ مركز "ويلسون" الأميركي قدّر في دراسة أجريت، نهاية عام 2015، أنّ التحالف بقيادة السعودية يتكبّد يومياً حوالي 200 مليون دولار تتحمّل المملكة نصيب الأسد منها، وهي التي اشترت في السنوات الأخيرة أسلحة بمليارات الدولارات لهزيمة الحوثيين في حرب تدور رحاها منذ أكثر من أربع سنوات، ولم تفلح في حماية البلاد من الهجمات المعادية.

كذلك أبرز المحللون في حديثهم للصحيفة أنّ على أوروبا التعاطي مع الأزمة من دون أي دافع لإرضاء لإيران، "لأنّ الأخيرة ليست ضحية بريئة للهيمنة الأميركية، ولم تتوان عن مهاجمة السفن التابعة لجهات شاركت في صياغة الاتفاق النووي الإيراني"، مشيرين إلى أنّ "إيران تواصل تمويلها للإرهاب الدولي، وتغذية الحروب الأهلية في الشرق الأوسط، ومن الصعب التصديق أنّ الحوثيين في اليمن، المدعومين من طهران، لديهم المعرفة والتمويل والمهارات الفنية للقيام بهجوم منسق على بعد مئات الكيلومترات"، في إشارة إلى هجوم (أرامكو)، و"حيث تبين التحقيقات الأولية أنّ الطائرات من دون طيار جاءت من الشمال الغربي، وليس من جنوب اليمن".

من جهة ثانية، لفت مراقبون إلى أنّ الأسباب التي تدفع ترامب إلى الاكتفاء بالتهديدات اللفظية، وعدم المخاطرة، حتى الآن، بتوجيه أي ضربات عسكرية رداً على إيران، أنّه على بعد 14 شهراً من الانتخابات الرئاسية الأميركية، وهو ما يمكن أن يدفع بطهران لزيادة الضغط عليه، وربما اللجوء إلى تنفيذ هجمات على قواعد أميركية في المنطقة أو على إسرائيل، أو اعتماد الهجمات المفتوحة على الناقلات الغربية في الخليج.

وأبرز مراقبون أنّ إيران تدرك أنّه ليس لديها ما يعادل "القوة النارية المركزة" للولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط، إنّما تحتفظ بمليشياتها في العراق ولبنان واليمن، والتي تمكّنها من خلق انعدام للأمن، و"تعرف ما هي ضريبة الدم بالنسبة للأميركي والرئيس ترامب في حرب محتملة، وحيث يمكن أن يكون لتوابيت الجنود الأميركيين أثر سلبي للغاية في تبدل بورصة الأصوات الانتخابية، والتسبب بهزيمته في الانتخابات الرئاسية".