مخاوف من تحول جلسات الاستماع للدبلوماسيين بتحقيق مساءلة ترامب إلى "سيرك"

11 نوفمبر 2019
يركز التحقيق على اتصال ترامب بنظيره الأوكراني (Getty)
+ الخط -
في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني أرسل وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، رسالة داخلية بالبريد الإلكتروني لآلاف من موظفي الخارجية تبدأ بعبارة: "بصفتنا مدافعين عن الدبلوماسية الأميركية نحن في مهمة تتعلق بقول الحقيقة".

وعلى الرغم من أن الرسالة تركز على تحديات السياسة العالمية إلا أنها بتأكيدها على الحقيقة تمس وتراً حساساً في مؤسسة دبلوماسية تجد نفسها في خضم التحقيق الخاص بمساءلة ترامب والذي رفضه بومبيو نفسه.

وسوف يدلي ثلاثة دبلوماسيين هذا الأسبوع بشهاداتهم في أول جلسة علنية يقودها الديمقراطيون بمجلس النواب لبحث إمكانية مساءلة ترامب تمهيداً لعزله لاستغلال سلطته بالضغط على الرئيس الأوكراني لفتح تحقيق مع منافس سياسي.

وفي حالة حدوث ذلك فإن مجلس الشيوخ هو من يقرر إمكانية إزاحته عن السلطة. وأدلى عشرة دبلوماسيين سابقين وحاليين بشهاداتهم في جلسات مغلقة، وأغلبهم قام بذلك بناء على طلب استدعاء. ودق أربعة منهم على الأقل جرس إنذار بشأن جهود ترامب ومحاميه الخاص رودي جولياني بإدخال السياسة إلى مؤسسة تفخر بأنها غير سياسية.

وتسبب رفض بومبيو التعاون مع تحقيق مجلس النواب وإخفاقه في الدفاع عن دبلوماسيين تعرضوا لهجمات في إثارة الاستياء. وكذلك فعلت متحدثة باسم البيت الأبيض عندما وصفتهم "بأنهم موظفون راديكاليون غير منتخبين يشنون حرباً على الدستور".

وقال دبلوماسي متحدثاً عن بومبيو، الذي تولى في السابق منصب مدير المخابرات المركزية (سي.آي.إيه) في عهد ترامب: "بالتأكيد كان من الأفضل له أن يقول شيئاً يدعم الأفراد. الصمت يصم الآذان". وفي وقت سابق من التحقيق، عارض بومبيو بشدة جهوداً للحصول على أقوال موظفين سابقين وحاليين بوزارة الخارجية واتهم الديمقراطيين بالتنمر والتخويف. ورفض أيضا الاستجابة لطلبات قضائية بتسليم وثائق.

وعندما يدلي الدبلوماسيين الثلاثة بأقوالهم يومي الأربعاء والجمعة ستكون سمعتهم على المحك وهم يواجهون أسئلة شائكة من جانب الجمهوريين في الكونغرس ومن ثم سيحظون بدعم الكثير من زملائهم.

وقال مسؤول مخضرم بالخارجية "الناس داعمون. أعتقد أن هذا هو موقف الأغلبية... ثمة شعور بأننا خُدعنا". والمسؤول هو ضمن عشرة مسؤولين ودبلوماسيين حاليين تحدثوا إلى وكالة "رويترز" وطلبوا جميعاً عدم نشر أسمائهم تجنباً للانتقام. وقال المسؤولون الذين عملوا في إدارات ديمقراطية وجمهورية إن أولى الجلسات العلنية تمثل فرصة لأعضاء السلك الدبلوماسي لتعريف الأميركيين بمدى التزامهم بالنزاهة والمبادئ بعيداً عن أي ميول حزبية.

ورغم تعبيرهم عن إحباط شديد لخدمتهم بوزارة الخارجية في عهد ترامب، فإنهم أكدوا أن وظيفتهم هي تنفيذ سياسات الرئيس. ويدافع حلفاء ترامب عنه قائلين إنه غير مسار السياسة الخارجية الأميركية إلى منهج "أميركا أولاً" الذي يهدف إلى إعادة القوات الأميركية التي تخوض "حروباً لا نهاية لها" حول العالم إلى الوطن وإعادة التوازن إلى الاتفاقات التجارية لتعود بفائدة أكبر على الولايات المتحدة.

وقال مسؤول آخر "عموماً، فإن كل فرد يشاهد ويشجع تايلور ويوفانوفيتش"، في إشارة إلى وليام تايلور سفير الولايات المتحدة في كييف والذي حل محل ماري يوفانوفيتش في يونيو/حزيران بعدما استدعاها ترامب على نحو مفاجئ.

وسيشهد تايلور وجورج كنت، نائب مساعد وزير الخارجية المسؤول عن تنفيذ السياسة الأميركية اليومية بشأن أوكرانيا، أمام لجنة المخابرات بمجلس النواب يوم الأربعاء، في حين من المقرر أن تدلي يوفانوفيتش بشهادتها يوم الجمعة.

وبعد طلبات عديدة قالت وزارة الخارجية إنها لن تدلي بتعليق علني حول هذا الأمر. وأكدت متحدثة صحة تقرير نشرته محطة (سي.بي.إس نيوز) أفاد بأن الوزارة تدرس إمكانية توفير المساعدة القانونية لموظفيها المطلوبين للشهادة. ولم يرد البيت الأبيض على طلب للتعليق.

ويركز تحقيق المساءلة على اتصال هاتفي جرى في 25 يوليو/تموز وضغط ترامب خلاله على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للتحقيق بشأن اتهامات فساد لا أساس لها بحق نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، ونجله هانتر، الذي كان عضواً في مجلس إدارة إحدى شركات الطاقة الأوكرانية.

وكان بومبيو يستمع إلى هذه المكالمة، لكنه أحجم في بادئ الأمر عن الإقرار بمعرفته بمحتواها. وبايدن أحد المرشحين البارزين للفوز باختيار الحزب الديمقراطي له لخوض الانتخابات أمام ترامب الذي يسعى لإعادة انتخابه في العام المقبل. وينفي هو وابنه ارتكاب أي مخالفات.

وفي شهادة خلال جلسة مغلقة عزز شهود الاتهامات الواردة في البلاغ الذي جاء فيه أن ترامب سعى لإجراء تحقيق بشأن بايدن في أوكرانيا مقابل منح زيلينسكي زيارة للبيت الأبيض والإفراج عن مساعدات أمنية أميركية تقارب 400 مليون دولار لمساعدة كييف في مواجهة المتمردين المدعومين من روسيا.

وقال شخص آخر يعمل في وزارة الخارجية الأميركية: "ليس هذا ما يفعله بومبيو. ليست هذه ردود فعله". وأضاف: "هي الحقائق الأساسية المتصلة بالاستفادة من المساعدات الأميركية في تحقيق المكاسب السياسية. هذا مروع حقاً".

وينفي ترامب وبومبيو ارتكاب أي سلوك غير لائق، ويصف ترامب التحقيق بأنه محاولة من الديمقراطيين لإلغاء نصره المفاجئ في عام 2016 قبل حلول انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2020. ونال بومبيو الذي شغل منصب وزير الخارجية في أبريل/نيسان عام 2018 استحساناً مبكراً من العاملين في الوزارة عندما ألغى بعض سياسات سلفه ريكس تيلرسون غير المرضي عنها، ومنها على سبيل المثال زيادة الترقيات وإلغاء تجميد كان معمولاً به لإلحاق عاملين جدد بالوزارة.

وقال دبلوماسي عامل إنه في حين أن "الروح المعنوية منخفضة والكل يضج بالشكوى" فإن بومبيو مفضل عن تيلرسون لأسباب من بينها أن قربه من ترامب سمح له بأن يكون ممثلاً أفضل للوزارة. وفي حين أن الجلسات ستتيح للدبلوماسيين اتصالاً مباشراً بالأميركيين فإن بعض الزملاء يخشون من أنهم سيكونون أيضاً عرضة لاستجوابات شرسة في القاعة ولهجمات ضارية خارجها من حلفاء ترامب الين يريدون تقويض مصداقيتهم. وقال مسؤول "من ناحية هي طيبة، ومن الناحية الأخرى سوف تنحط إلى مستوى سيرك".

(رويترز)