وقالت زعيمة المسيحي الديمقراطي أنغريت كرامب-كارنباور، في مقابلة تلفزيونية، إنه إذا كانت هناك من ضرورة لذلك سيصار إلى إجراء نقاش حول بعض الأمور التي تتعلق بأداء ودور القوات الألمانية في إطار التفويض القائم ضمن التحالف الدولي ضد الإرهاب.
ولفتت كرامب-كارنباور إلى أن "على الناس أن يدركوا أن مشاركة قوات برية ألمانية في سورية سيثار من زاوية تتعلق، في جزء كبير من جوانبها، بالأمن الذاتي في ألمانيا، وليس نزولا عند رغبة الولايات المتحدة الأميركية".
غير أن الموقف العالي النبرة الرافض لهذا الطرح جاء عبر رئيس كتلة الاشتراكي بالإنابة رولف موتسنيش، الذي اعتبر أن مطلب حزبه يقوم على إنهاء عمل القوات الجوية ضمن التحالف الدولي، موضحاً أن "ألمانيا حققت التزاماتها السياسية داخل الحلف طوال الأعوام الماضية، وقدمت مساهماتها الفعالة لمكافحة "داعش""، رافضا المطلب الأميركي بإرسال قوات برية إلى الشمال السوري.
وقال: "أُفضّل لجنة دولية للمشاركة السياسية المستدامة في سورية قوامها الأمم المتحدة".
بدوره، رفض المستشار الألماني السابق، الاشتراكي غيرهارد شرودر، الطلب الأميركي، حيث دعا، في تصريحات لصحيفة "هاندلسبلات"، بعدم السماح للرئيس الأميركي دونالد ترامب بمعاملة ألمانيا "كدولة تابعة".
من جهتها، اعتبرت الخبيرة في الشؤون الدفاعية بصفوف حزب الخضر، أغنيسا بروغر، أن "على الحكومة الاتحادية إبداء رفضها الواضح لتوسيع التفويض القائم"، مشيرة إلى أن "التدخل مخالف للقانون، ولا يتوافق مع الأصول الدستورية لمشاركات الجيش في الخارج".
من جانبه، كتب عضو الهيئة الرئاسية الثلاثية التي تدير المرحلة الانتقالية في قيادة الاشتراكي تورستن شيفرِغومبل، تغريدة على "تويتر" أشار فيها إلى أن تفويضاً من هذا النوع سيرفض من قبل حزبه، مشدداً: "لا أرى أن الشريك في الائتلاف الحاكم يريد ذلك".
رد المستشارة ميركل جاء، أمس الثلاثاء، خلال استقبالها أعضاء السلك الدبلوماسي في قصر ميسبيرغ البرليني، إذ أعربت مجدداً عن قناعتها بأن "الحل في سورية لا يمكن أن يتم إلا من ضمن عملية سياسية على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي، وتحت رعاية الأمم المتحدة".
وإذ أبدت كل الحرص على استعداد ألمانيا لـ"مواصلة جهودها من أجل المضي قدما في هذه العملية السياسية بشكل فعلي"، لفتت إلى أن "التقدم وللأسف يتم ببطء شديد".
خبير شؤون الدفاع داخل الحزب المسيحي الديمقراطي باتريك سنسبورغ قال، في حديث مع "فوكس أون لاين"، إن "المعركة ضد "داعش" قريبة من أوروبا، وبعيدة عن الولايات المتحدة، وعلى ألمانيا أن تتحمل المزيد من المسؤولية"، مضيفا: "لا يمكننا دائما قول "هذا ما يفترض أن يقوم به الأميركيون".
وفي رد على سؤال حول المشاركة البرية، اعتبر أن "المشاركة الألمانية الحالية مستمرة حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وبعدها يقرر البوندستاغ ما يمكن أن تبدو عليه المساهمة الجديدة في دعم الحرب ضد "داعش"، واتخاذ قرار بشان رغبة الولايات المتحدة بمدربين ولوجستيين وفنيين من الجيش الألماني، وليس عناصر قتالية".
وشدد سنسبورغ: "يتطلب بالضرورة موافقة البوندستاغ"، مبرزا أنه "للموضوع صلة وثيقة بالنقاش حول اللاجئين، وعندما تنتهي الحرب ويسود السلام في المنطقة، لدينا وضع إنساني مختلف تماما. هزيمة "داعش" هي مطلب أساسي لنا".
من جهة ثانية، يرى مراقبون أن "مصالح أوروبا ستتأثر في سورية بشكل مباشر أكثر من المصالح الأميركية، والضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط تنتمي إلى المحيط الأوروبي، والمجتمعات فيها مثقلة بتدفقات اللاجئين، فضلا عن الخوف من عمليات إرهابية ثأرية ينفذها "داعش" في أوروبا وألمانيا.
وعن مصلحة ألمانيا دعم الولايات المتحدة في سورية، يعتبر محللون ألمان أن أميركا لا تتمتع أساسا بأي امتنان في ألمانيا، وبرلين لم تعد قادرة على تصور نفسها شريكا صغيرا للأميركي، وترامب يسعى إلى تقليص عدد قواته بعد انتهاء القتال المكثف ضد المليشيات الإرهابية للحد من التكاليف والموارد والجنود، مبرزين أنه الآن تتم "المعالجة اللاحقة" للنزاعات القائمة، وبعدما خفت حدة المواجهات بقيت عملية الترصد لفلول "داعش"، والمهمة الآن باتت غير قتالية حقيقة، إنما للدفاع عن النفس إذا ما تعرضت قوات التحالف لهجمات من قبل خلايا التنظيم.
ويبرز منتقدو الاقتراح الأميركي، بحسب ما ذكرت "دي فيلت"، أن "المهمة غير ممكنة من الناحية القانونية إلا في سياق مهمة متعددة الأطراف"، وأن "السؤال الآن ما إذا كانت ألمانيا وعبر قواتها البرية مستعدة منطقيا وعمليا لمثل هذه المهمة لتحقيق الاستقرار هناك، والأمر لا يتعلق بالإرادة السياسية بتحمل المسؤولية على نطاق يعكس الأهمية الاقتصادية لألمانيا وشعبها وقيادتها وقوتها الرائدة في أوروبا".
ويبدو أن الحكومة الألمانية ستترك أمر تمديد مشاركتها الحالية في التحالف الدولي قائما وعلى حاله، وفق ما وصف وزير الخارجية هايكو ماس التمديد بأنه "لا غنى عنه على الإطلاق"، من أجل منع "داعش" من بناء هياكل جديدة، وبالتالي تمكينه من المضي في عملياته الإرهابية، على أن يحصل ذلك في البوندستاغ قبل نهاية أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.